وأول أمس، زار نزار العلولا، المستشار في الديوان الملكي السعودي باريس والتقى مع نظيره، باتريك دوريل، مستشار الرئيس إيمانويل ماكرون لشؤون الشرق الأوسط، في زيارة رسمية تلك التي قام بها الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي إلى باريس يوم الاثنين الماضي، والتقى خلالها وزيرة الخارجية كاترين كولونا.
ونلقت مصادر خاصة لـ "الشرق الأوسط"، أن اجتماع جاء بعد التطور الأخير الذي حصل بين الرياض وطهران، حيث ترى أن له انعكاساته على الملف الرئاسي وعلى الفراغ المؤسساتي الذي يعاني منه لبنان منذ نهاية شهر أكتوبر الماضي.
وأكدت المصادر أن هناك حراكا فرنسيا سعوديا يتمثل في ملء الفراغ اللبناني انطلاقاً من مبدأ أن وجود رئيس على رأس الدولة اللبنانية حاجة ضرورية لتجنب الانهيار التام.
وطرح البعض تساؤلات عن إمكانية أن يساهم اللقاء السعودي الفرنسي في حل الأزمة الرئاسية في لبنان، في ظل التقارب الأخير ما بين الرياض وطهران.
بارقة أمل
اعتبرت المحللة السياسية اللبنانية ميساء عبدالخالق، أن وسط انسداد أفق الأزمة السياسية في لبنان والفشل في انتخاب رئيس للبلاد منذ شهر أكتوبر الماضي، جاء الاتفاق السعودي الإيراني بمثابة بارقة أمل، وذلك باعتبار أن أي حل على المستوى الإقليمي سينعكس إيجابا على لبنان، نظرا لعلاقة الشركاء اللبنانيين بالخارج.
وبحسب حديثها لـ "سبوتنيك"، على مستوى اللقاءات السعودية والفرنسية، لا شك أنها تأتي أيضا في ظروف إقليمية مناسبة، ويأمل لبنان خيرا ألا يطول الفراغ الرئاسي أكثر من ذلك، نظرا لتداعياته السلبية على المستوى الاقتصادي في ظل انهيار الوضع المالي والوصول لمرحلة الخطر في لبنان، وارتفاع الدولار الجنوني وسط انهيار الليرة اللبنانية والذي تجاوز سعر صرافه 100 ألف مقابل الدولار الواحد، وسط كارثة إغلاق البنوك.
وأكدت أن هناك بارقة أمل من أن تكون اللقاءات السعودية الفرنسية فاتحة خير، وذلك في ظل تقاطعها مع ظروف إقليمية ووسط هذا الانفتاح السعودي الإيرني، مشيرة إلى ضرورة استئناف الحوار على المستوى اللبناني الداخي حتى تنعكس هذه المؤشرات الإيجابية من دول الخارج والمستوى الإقليمي على الوضع الداخلي ويترجم عمليا.
وترى أن هذه اللقاءات تبحث تسوية داخلية للوضع الراهن في لبنان بضوء أخضر خارجي، وذلك كما جرى العادة في لبنان أن تتم الأمور السياسية في ظل تسوية دولية وإقليمية.
تحريك المياه الراكدة
بدوره قال أسامة وهبي، المحلل السياسي اللبناني، إن هناك محاولات عدة تجري الآن من أجل الوصول إلى تسوية لاختيار مرشح يحظى بأكثرية نيابية أقلها 65 صوتًا، والعمل جاري على تأمين مسار للجلسة الثانية الذي يحتاج إلى 86 صوتا، حيث لم يصل أي من الأطراف السياسية المتناحرة إلى مرشح يحظى بهذه الأصوات.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الاتفاق السعودي الإيراني حرك هذه المياه الراكدة، بالإضافة إلى إعلان حزب الله وحركة أمل دعم ترشح سليمان فرنجيه للرئاسة، هذان الحدثان حركا المياه الراكدة التي كانت قد دخلت في جمود رهيب منذ الفراغ الرئاسي بعد انتهاء ولاية الرئيس عون.
وأوضح أن الاتفاق السعودي الإيراني حرك هذه الملفات، واللقاءات التي تتم في فرنسا مع الجانب السعودي تأتي في هذا الإطار، وهناك وجهة نظر سعودية واضحة تقول إنها لم تدعم أي شخصية حليفة لحزب الله أو مرشح من قبله، والسعودية ضد سليمان فرنجيه وتبحث عن أشخاص أخرى من بينها قائد الجيش.
ويرى أنه ليس من الضروري أن تصل اللقاءات لنهايات سعيدة، وقد يستمر الفراغ الرئاسي لسنوات كما حدث في عام 2014، لكن الحراك بدأ وقد نشهد تصاعد في الحركة التي تتعلق بالانتخابات الرئاسية، ويدور في الأفق تسوية قيد البحث تتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية والإصلاحات والحكومة، حيث هناك محاولات أن يكون هناك سلة كاملة للتسوية تنقذ لبنان من هذه الأزمات والانهيارات.
وأوضح أن الدولار تخطى حاجز الـ 100 الف ليرة لبنان، وهذا يعني أن المأساة أصبحت في مكان لا يطاق والشعب أصبح تحت خط الفقر، وسط مخاوف من انهيار وفلتان أمني وفوضى عارمة في لبنان، لذلك الكل يسابق الزمن من أجل انتخاب الرئيس.
ولفت إلى أن هذا الركود الذي يعيشه لبنان مرده يعود إلى الأطراف السياسية المتناحرة باعتبارها غير قادرة على إنتاج رئيس للجمهورية، أو اتخاذ قرار بمعزل عن ارتباطاتها الإقليمية والدولية.
وقبل أيام، اتفقت إيران والسعودية، على "استئناف التعاون في مجالات الأمن والتجارة والاستثمار"، بحسب ما قالا في بيان مشترك مع وسيطهما، الصين.
وقال البيان: "تعلن الدول الثلاث توصل المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى اتفاق يتضمن الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران".