باحث سوري: قرارات بوتين ثورية تجاه أفريقيا... ومحيط الصين مرشح للانفجار

كشف مراقبون عن أن زيارة الرئيس الصيني، شي جين بينغ، لموسكو تؤكد وقوف بكين مع روسيا، وخصوصا أنها جاءت بعد يوم من قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
Sputnik
وأشاروا إلى أن العلاقات الروسية الصينية تشهد تطورات كبيرة لجهة توثيقها وتوسيعها لتشمل مجالات عدة كالطاقة والسلاح والسياحة وغيرها.

مصانع الأسلحة البيولوجية في أوكرانيا

في هذا السياق، أوضح أستاذ الدراسات الدولية في جامعة ’"صن يات سين" الصينية، الدكتور شاهر الشاهر، في تصريح خاص لمراسل "سبوتنيك" في دمشق أن "زيارة الرئيس الصيني لروسيا شكلت علاقة استراتيجية كبيرة بين البلدين، ستشهد تشكيل نوع من التكتل بقيادة البلدين ستنضم إليه لاحقا مجموعة من الدول، ليكون هذا التكتل في مواجهة التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة.
بوتين: روسيا تدعم استخدام اليوان في المعاملات التجارية مع دول آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية
وأكد الباحث السوري الأصل أن العالم سيشهد أيضا تحالفا ثالثا بقيادة الهند، على غرار دول عدم الانحياز الذي تشكل بعد الحرب الباردة"، مضيفًا أنها "أول زيارة بعد إعادة انتخاب الرئيس شي لولاية ثالثة، مما يشير إلى أهمية روسيا بالنسبة للصين حيث ركزت على التعاون الاقتصادي والعسكري، وملف مصنع الأسلحة البيولوجية في أوكرانيا في ظل وجود 33 مصنعا أمريكيا، ومصنعا إسرائيليا، وربما هناك ما يشير إلى دور هذه المصانع في إنتاج فيروس (كوفيد-19) ومن ثم نقله إلى الصين، وكذلك مناقشة المبادرة الروسية لحل الأزمة في أوكرانيا".

نجاح الصين... صدمة للولايات المتحدة

وحول انعكاس وتأثير هذه التكتلات على منطقة الشرق الأوسط، قال الشاهر: "عموما كانت هذه المنطقة تحت النفوذ الأمريكي، ولعدة عقود وخاصة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وبدأ تراجع هذا النفوذ في هذه المنطقة الحيوية، مع تزايد التواجد الروسي فيها بعد العام 2015، ومن ثم الحضور الصيني بعد القمة العربية الصينية في العام الماضي، وقد نجحت الصين في تقريب وجهات النظر السعودية مع إيران، وهو ما شكل صدمة للولايات المتحدة".
وأضاف: "الولايات المتحدة كانت على معرفة بالمبادرة الصينية، لكنها كانت تعتقد أنها ستفشل، فأرادت لبكين أن يكتب لها الفشل في أول محاولة لها للانخراط في لعب دور لحل المشكلات الدولية، وأن الكثير من دول المنطقة كانت تاريخيا تدور في الفلك السوفياتي، وبالتالي فإن خيار التوجه شرقا هو خيار استراتيجي بالنسبة لهذه الدول".

ماذا عن علاقة دول الخليج بأمريكا؟

وحول مستقبل التحالفات الخليجية الأمريكية، قال: "بدأت دول الخليج العربي (الحليف التقليدي لأمريكا) بدأت تشعر بحالة من الانكشاف الاستراتيجي، فالولايات المتحدة لم تعد قادرة على الدفاع عنها، وخاصة بعد التفجير بطيارة مسيرة الذي حدث في شركة ’’أرامكو’’ السعودية في العام 2019، والذي تسبب بتوقف ضخ نصف النفط السعودي، وتم اتهام إيران في حينه، ولم تستطيع الولايات المتحدة أن تفعل شيئا.
بوتين: أفريقيا تصبح أحد قادة النظام العالمي المتعدد الأقطاب... فيديو
ومنذ ذلك التاريخ ونتيجة للعلاقة الشخصية السيئة بين الرئيس بايدن وولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بدأت المملكة العربية السعودية تفكر بالبحث عن السلام مع إيران التي لديها أيضا أوضاع اقتصادية صعبة، وتعاني من اضطرابات داخلية، وكذلك بعد التنصل الأمريكي من الاتفاق النووي معها، وهذه الأسباب جعلت الطرفين (السعودية وإيران)، راغبين بالسلام، وكانت الصين حاضرة وجاهزة للعب هذا الدور، خاصة وأن روسيا باتت مشغولة بالحرب في أوكرانيا".

السعودية وإيران... وتوسيع الحضور الروسي

وأشار الباحث السوري إلى أن "تحقيق الاتفاق بين السعودية وإيران مرحب به من قبل الولايات المتحدة التي تريد زيادة تصدير النفط من المنطقة، وهو المطلب الذي جعل بايدن يزور السعودية، لكن الانزعاج الأمريكي من هذا الاتفاق لأنه جاء برعاية صينية، فالاتفاق عبارة عن استئناف للعلاقات الدبلوماسية، وهذه العلاقات كانت قائمة بين البلدين حتى العام 2016، لكن تلك العلاقات لم تكن جيدة أو طبيعية، وبالتالي فإن تحقيق الاستقرار في الخليج سيمكن دوله وإيران من استثمار ارتفاع أسعار النفط في العالم لتحقيق قفزات اقتصادية هامة".
وتابع الشاهر: "الصين لديها اتفاق استراتيجي مع إيران لشراء النفط لمدة 25 عاما، واتفاق مع قطر لشراء الغاز لمدة 27 عاما، والأولوية بالنسبة للصين وإيران والسعودية هي اليمن، ثم تأتي باقي الملفات، وسوريا أولوية لروسيا وستشهد توسيعاً للتواجد الروسي في المنطقة".

العالم في أخطر مرحلة... سباق تسلح تقليدي ونووي

وأردف الشاهر: "إن نجاح السياسات العربية لدول المنطقة يتمثل في مدى قدرتها على الابتعاد عن أن تكون ساحة لصراع القوى الدولية الكبرى، فالعالم يعيش أخطر مرحلة يمر بها منذ الحرب العالمية الثانية، وهناك سباق تسلح على مستوى العالم كله، وهو يصب في خدمة الولايات المتحدة (حيث ارتفع سعر أسهم شركات السلاح الامريكية بنسبة 38%)".
بوتين يؤكد على أهمية حل مشاكل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع احترام سيادتهم
واستطرد: "ليس سباق تسلح تقليدي فقط، بل سباق تسلح نووي؛ حيث بدأنا نرى مجموعة من الدول التي تسعى لأن تكون نووية مثل كوريا الجنوبية والسعودية وغيرها، وبالتالي فإن نجاح الصين يكمن في مدى قدرتها على الاستمرار بمسك العصا من المنتصف".

الرئيس بوتين يصدر "قرارات ثورية"

وتابع الشاهر حديثه لـمراسل "سبوتنيك" في دمشق، قائلا: "ما زالت روسيا قوية وقادرة على إدارة الملف الاوكراني بمهارة، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين أصدر "قرارات ثورية" مثل إعطاء القمح مجانا للدول الأفريقية وشطب الديون عليها والبالغة 20 مليار دولار، نظرا لأهمية الكتلة الأفريقية في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وهذا يعني أن كل الاحتمالات مطروحة، وأكثر المناطق المرشحة للانفجار في العالم هي المحيطة بالصين (تايوان وشبه الجزيرة الكورية ومنطقة المحيطين الهندي والهادي).
ويذكر أن الرئيس الصيني شي جين بينغ قد صرح لدى وصوله إلى العاصمة الروسية موسكو، بأن الصين وروسيا تلعبان بوصفهما قوتين رئيسيتين وعضوين دائمين في مجلس الأمن الدولي، دورا مهما في الشؤون الدولية.
وشدد أنه "في عالم بعيد عن السلام، فإن الصين مستعدة مع روسيا للدفاع بحزم عن النظام الدولي المتمركز حول الأمم المتحدة، ولحماية النظام العالمي القائم على القانون الدولي والمعايير الأساسية للعلاقات الدولية المبنية على مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والالتزام بالتعددية الحقيقية، وتعزيز التعددية القطبية في العالم وإضفاء الطابع الديمقراطي على العلاقات الدولية، وتعزيز تطوير الحكم العالمي في اتجاه أكثر عدلا وعقلانية".
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد عقد ونظيره الصيني مباحثات في الكرملين بعد ساعات من وصول الزعيم الصيني إلى موسكو، أكد خلالها الرئيس بوتين أن "الصين حققت في السنوات الأخيرة، قفزة هائلة إلى الأمام في تنميتها، وهذا أمر له اهتمام حقيقي في جميع أنحاء العالم".
وأضاف بوتين: "أنه تم اتخاذ خطوات مهمة في تطوير العلاقات بين روسيا والصين على مدى السنوات العشر الماضية، حيث تضاعف حجم التجارة بين البلدين، ويبلغ الآن 185 مليار دولار".
مناقشة