"انقسام التوقيت" في لبنان... أسباب وخلفيات المشكلة الغريبة

وسط مشكلات سياسية واجتماعية واقتصادية تعمقها الطائفية والمذهبية، أخذت أزمة التوقيت الصيفي في لبنان منحى طائفيا، وصلت ببعضهم إلى رفض قرار التأجيل وعصيان القرار.
Sputnik
وأعلنت حكومة تصريف الأعمال في لبنان عن تأجيل تاريخ بدء العمل بالتوقيت الصيفي إلى 20-21 أبريل/ نيسان المقبل بعد أن كان في 25-26 مارس/ آذار الجاري.
وأشعل القرار الجدل في لبنان، حيث اعتبره البعض استجابة لرأي رئيس مجلس النواب نبيه بري، والذي طالب بتأخير العمل بالتوقيت الصيفي مراعاة للصائمين في شهر رمضان، فيما وصف آخرون القرار بـ"الفضيحة"، وقال رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في تغريدة على "تويتر": "قصة الساعة ما بتنقبل ومعبرة كثير بمعانيها، ما بيجوز السكوت عنها لحد التفكير بالطعن فيها أو بعصيانها".
ردود فعل واسعة بعد تأجيل بدء العمل بالتوقيت الصيفي في لبنان
وقال مراقبون إن الأزمة مصطنعة لإلهاء الشارع اللبناني عن الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الطاحنة، كما أكدوا أن الطائفية والمذهبية في لبنان صبغت كافة الموضوعات والأزمات القائمة.

اصطفاف طائفي

اعتبر الدكتور على عبدو، الأكاديمي والمحلل السياسي اللبناني، أن الأحداث تتسابق في لبنان باتجاه الانفجار الكبير، بسبب الانقسام العمودي الذي أصبح واضحًا بين المواطنين، وبدأ يأخذ منحى طائفيا رغم أن الخلافات سياسية بامتياز لكنها أدت إلى اصطفاف طائفي نتيجة توافق بعض القوى نحو مواضيع محددة، والتوافق المقابل والذي أخذ شكلا طائفيا في غير موضوعه الوطني.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الضجة التي أثيرت حول موضوع التوقيت الصيفي جاءت نتيجة هذه التراكمات والاصطفافات ودعوة البعض نتيجة هذا الموضوع للعصيان المدني، وهو ما يذكر بانطلاق ما سمي بـ "ثورة 17 تشرين"، والجميع رأى نتائج هذه التحركات.
نصر الله: النظام السياسي في لبنان طائفي وسنكون في المقدمة إن قرر اللبنانيون تغييره
وشدد على ضرورة إجابة الداعين للعصيان المدني عن عدة تساؤلات، أهمها ماذا بعد هذا العصيان، وما هي نتائجه في ظل غياب الرؤية السياسية الواضحة لإدارة الدولة، مؤكدًا أن التحركات التي لا تؤسس على رؤية واضحة والفوضى التي تبنى على اللاأسس، من الممكن أن توصل البلاد إلى طريق مجهول ومظلم دون منهجية مدروسة، وهي خنجر يضاف إلى الخناجر التي تطعن في خاصرة هذا الوطن.
وقال إن الخلافات اليوم أصبحت في الرؤية والاستراتيجية الوطنية لإدارة البلاد، وبالتالي ليست خلافات طائفية، أو على الأقل لا يجب أن تأخذ هذا المنحى، كما يحاول البعض توجيهها، حيث يجب على اللبنانيين أن يكونوا قد استفادوا من دروس المرحلة السابقة.
وأشار إلى أن المطلوب تحرك سريع ووعي يترافق مع تنازلات متبادلة لأن الوقت بات يداهم الجميع، وعلى ما يبدو هناك مصلحة عند البعض في إيصال البلاد لمرحلة اللاعودة، وهو أمر مرفوض في ظل ضبابية المشهدين الإقليمي والدولي وتسارع الأحداث والمتغيرات بشكل سريع بانتظار أن تتضح صورة المرحلة المقبلة والمتغيرات التي تحصل على الساحتين.

إلهاء الشارع

بدوره قال سركيس أبو زيد، المحلل السياسي اللبناني، إن الأزمة الاجتماعية والسياسية والمالية تتفاقم في لبنان مع انسداد الأفق السياسي، فبدأت تظهر تحركات شعبية وتصعيد ميداني يمكن أن يؤدي إلى حركة شعبية جديدة أكثر فاعلية وربما أكثر عنفا بسبب هذا الوضع المأزوم.
مجتمع
خبير اقتصادي: طبق "الفتوش" يكلف أكثر من الحد الأدنى للأجور في لبنان
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، أضيف لهذه الأزمات، الخلاف القائم حول موضوع التوقيت الصيفي، باعتبار لبنان بلد تركيبة طائفية فالبعض استغل هذا الموضوع لإثارة النعرات والحساسيات الطائفية، بهدف صرف الناس عن المطالب الاجتماعية الاقتصادية.
وتابع: "ما يحدث في هذا الصدد مجرد محاولة لإلهاء الشارع اللبناني عن القضايا الفعلية والأساسية الملحة، عبر صبغ الوقت وتأخيره بالأهواء الطائفية والمذهبية، وكان مطلوبا أن يكون هناك حل علمي موضوعي لها دون اللجوء للإثارة الطائفية، خاصة أن لبنان ذات تركيبة مذهبية وأي حدث يأخذ هذا البعد، وكل فريق يحاول أن يشد العصب الطائفي من أجل تحسين وضعه الشعبي".
إيلي رزق: الاتفاق واضح بالنسبة لما تريده المملكة العربية السعودية من لبنان
ويرى أبو زيد أن لبنان لا يزال بمرحلة ضياع وفوضى والحلول الفعلية غائبة، لعدم وجود قرار مركزي موحد يستطيع أن يتخذ الإجراءات الإنقاذية المطلوبة، ما جعل الأمور مرشحة للذهاب إلى مزيد من التأزم الذي ينذر بالمزيد من المشكلات الأمنية المتنقلة التي يتخوف منها الجميع.
وأعلنت عدد من المؤسسات الإعلامية والمحطات التلفزيونية عدم التزامها بقرار رئاسة مجلس الوزراء وأنها ستلتزم بتعديل التوقيت الصيفي عند منتصف هذه الليلة كما جرت العادة وذلك اعتراضًا على قرار التأجيل.
مناقشة