ونشرت الحكومة الإسرائيلية، أمس الجمعة، مناقصات لبناء 940 وحدة سكنية استيطانية، بينها 747 وحدة في مستوطنة "بيتار عيليت" (10 كم جنوب القدس) و193 وحدة في مستوطنة "إفرات" (12 كم جنوب القدس)، وتأتي تلك المناقصات رغم تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بعدم بناء وحدات استيطانية جديدة.
وطرح البعض تساؤلات بشأن الخطوة الإسرائيلية ومدى تأثيرها على مخرجات اجتماع شرم الشيخ والعقبة، ورد فعل الدول الضامنة لهذه المخرجات باعتبارها الضامن الأساسي لاستمرار التهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
انقلاب إسرائيلي
اعتبر فادي أبو بكر، المحلل السياسي الفلسطيني، أن تشريع إسرائيل هذه الوحدات الاستيطانية الجديدة رسالة واضحة مفاداها بأن اليمين المتطرف الفاشي هو من يقرر مجريات الأمور في الحكومة الإسرائيلية، ويعد انقلابًا جديدًا على الاتفاقيات والتفاهمات المبرمة في تأكيد على أن إسرائيل خارج إطار القانون.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، لعل تصريحات وزيرا المالية (بتسلئيل) سموتريتش و(الأمن القومي إيتمار) بن غفير والتهديدات المتكررة الصادرة عنهما، لا تمثل موقفهما فحسب، بل هي الوجه الحقيقي للسياسة العامة الإسرائيلية.
ويرى أبو بكر أن مصداقية المجتمع الدولي، لا سيما المشاركين في اجتماعات شرم الشيخ والعقبة اليوم أمام اختبار حقيقي، سيحدد مدى أهمية الشرعية الدولية ومدى التزامهم وجديتهم في الحفاظ عليها، وعلى كافة الاتفاقيات والتفاهمات ذات الصلة.
تدخل مطلوب
بدوره، اعتبر زيد الأيوبي، المحلل السياسي الفلسطيني والقيادي في حركة "فتح"، أن إعلان إسرائيل عن المصادقة على بناء مئات الوحدات الاستيطانية الجديدة في داخل المدينة المحتلة وشمال الضفة الغربية هو دليل على أن هذه الحكومة لا تحترم المجتمع الدولي ولا تراعي الدور السياسي الكبير للدول المشرفة على مباحثات العقبة وشرم الشيخ.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، إسرائيل أعلنت عن نيتها تكريس مشاريع استيطانية جديدة وهو انقلاب واضح على كل الاتفاقات الموقعة مع الفلسطينيين برعاية دولية، وهو ما ينبيء بتصاعد العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني طالما أن هذه الحكومة لا تريد وقف خطواتها أحادية الجانب التي تهدف في النهاية إلى تقويض حل الدولتين وتدمير أي مستقبل للفلسطينيين.
ودعا الأيوبي الدول الراعية لمباحثات العقبة وشرم الشيخ إلى الضغط على حكومة الاحتلال لوقف تصعيدها ومشاريعها الاستيطانية والعمل على تجسيد حماية دولية للفلسطينيين نتيجة لهذا الصلف والانتهاكات الإسرائيلية.
من جانبه قال الدكتور أسامة شعث أستاذ العلاقات الدولية، والمحلل السياسي الفلسطيني، إن الاحتلال الإسرائيلي لا يؤمن بالسلام ولا بحل الدولتين ولا يحترم الشرعية الدولية والقانون الدولي.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك" الاجتماع الذي جري في شرم الشيخ ومن قبله قمة العقبة كانت محاولات غير مجدية لوقف العدوان والاستيطان الذي قادته حكومة تل أبيب ضد الفلسطينيين في القدس، بيد أن إسرائيل لا تريد السلام والاستقرار ولا تأبه بالاجتماعات والقمم ولا تحترم القانون والشرعية الدولية.
وأكد شعث أنه سبق وتوقع عدم التزام إسرائيل بمخرجات قمة شرم الشيخ، في ظل العدوان والاستيطان الذي ترتكبه قوات الاحتلال يوميا بلا توقف ولا هوادة حيث قامت بمجازر في جنين وحوارة ونابلس والقدس بعد اللقاء بيوم.
ولفت إلى أن هناك ازدواجية معايير في معالجة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وأن أوراق الحل بيد واشنطن حيث يمكنها وقف العدوان وحل الصراع إن ارادت ذلك.
وقال إن حكومة الاحتلال وهي الأشد تطرفا ورفضا للسلام وحل الدولتين، معتبرا أن أمريكا ليست اهلًا للثقة وليست جديرة بالوساطة حيث قادت المفاوضات منذ 30 عاما دون جدوى وهي لم تلتزم بتعهداتها مع فلسطين بشان فتح السفارة الأمريكية بالقدس وغير ذلك.
وشدد شعث على أن الشعب الفلسطيني أصبح لا يثق بأمريكا ولا يراهن عليها في حل الصراع الإسرائيلي، والرهان على صمود الشعب وتصديه للاحتلال، الذي لن ينعم بالسلام طالما لم تكن هناك دولة فلسطينية مستقلة.
وقالت حركة "السلام الآن" الحقوقية الإسرائيلية إن "حكومة بنيامين نتنياهو نكثت وعودها في قمة شرم الشيخ، وأعلنت عن عطاء لبناء 940 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنتي (بيتار عليت، وإفرات) جنوب القدس المحتلة".
وأضافت الحركة في بيان لها، بأن "هذه الأنشطة الاستيطانية تتم في ظل حكومة هي الأكثر تطرفاً في تاريخ إسرائيل، لا تعمل على الانقلاب على نظام الحكم ودوس القيم الديمقراطية فحسب، إنما تسعى أيضا للقضاء على أي فرصة لحل الصراع على أساس حل الدولتين".
وأشارت حركة "السلام الآن" إلى أن "الحكومة الإسرائيلية بهذه الخطوة، تشكل خطرًا على العلاقات مع الإدارة الأمريكية، ودول صديقة أخرى لإسرائيل، وتحول إسرائيل إلى دولة منبوذة، لأنها لا تفي بعهودها".
وقالت "حركة السلام الآن" إنها "توجهت سوية مع 12 منظمة إسرائيلية أخرى برسالة إلى أعضاء مجلس الأمن الدولي ودعتها إلى العمل ضد الخطوات التي تدفعها إسرائيل في المستوطنات".
ويأتي هذا الإعلان الإسرائيلي من قِبل اللجنة الفرعية في مجلس التخطيط الأعلى التابع للإدارة المدنية الإسرائيلية، بعدما قدم نتنياهو وعوداً بعدم بناء وحدات استيطانية جديدة.
يشار إلى أن البيان الصادر في ختام اجتماع قمة شرم الشيخ بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، بمشاركة كل من مصر والأردن والولايات المتحدة الأمريكية، الأحد الماضي، نصّ على أن "إسرائيل تلتزم بوقف المداولات حول وحدات سكنية جديدة في المستوطنات لمدة 4 أشهر".