معرض "رشيد كرامي" تحفة معمارية وفنية وشاهد على حقبة لبنان الذهبية

المعرض الذي صممه المعماري العالمي أوسكار نيماير يعد من أهم إبداعات المهندسة الإنشائية وتحفة فنية ومعمارية، ورمزا للتحضر والحضارة في لبنان آنذاك، بما يحتويه من أقسام صممت بطرق إبداعية ومذهلة.

يقول المهندس باسم زودة ل"سبوتنيك"، إن "معرض رشيد كرامي كان قد أطلق عليها سابقا معرض لبنان الدولي الدائم في طرابلس، وهو ذو قيمة معمارية كونه يعبر عن حقبة العمارة الحديثة في الخمسينيات وستينيات القرن الماضي، والمجسمات التي تم بناؤها آنذاك كانت خارجة عن الطبيعة، وما يميزه عن غيره هو أنه تم تصميمه من قبل المعمار العالمي أوسكار نيماير".

وأشار زودة إلى أن "مشروع المعرض بدأ في أواخر أكتوبر 1963 وكانت الأعمال بطيئة جدا، فاستمرت حتى عام 1975، ومع بداية الحرب الأهلية توقف المشروع، أما بعد فترة الحرب جرى محاولة لإنعاش المشروع عبر ترميمه دون الرجوع إلى المعمار أوسكار نيماير، ليهمل المعرض بعدها ويتحول إلى شبه حديقة عامة".

وحول المجسمات المعمارية الموجودة داخل المعرض قال زودة إن " المعرض هو بقعة ضخمة داخل مدينة طرابلس وتمتد على مساحة مليون متر مربع، وأهم مبنى هو الغطاء الكبير الذي يقام عليه المعرض السنوي، وما يميزه هو شكله مقوص ويحضن المدينة وداخلة تعرض الدول منتجاتها كل عام، وتم بناءه على شكل منحدر لكي يرى الناس المشهد كاملا بالتدريج خلال المشي، عوضا عن ضخامته حيث يبلغ عرضه 70 متر".

وأضاف " يوجد مبنى جميل جدا هو المجسم اللبناني الذي وضع نيماير بصمته عليه من خلال التراث اللبناني، المبنى محاط بأروقة مع أقواس تغطيها وفي المنتصف معرض للمنتجات اللبنانية، ويوجد أيضا مبنى المسرح التجريبي وهو يتكون من قبة ضخمة، ومداخل المسرح تحت الأرض فيما أبواب الخروج من فوق، وهو ما يضيف عامل المفاجئة الذي عمل من خلاله أوسكار نيماير بالإضافة إلى مسرح 360 درجة في المنتصف، وهذه التصاميم كانت فريدة من نوعها حينها، يوجد أيضا متحف الفضاء بُني تحت مهبط المروحيات الدائريّ الشكل وهو كان ليصبح حينها لو أكتمل المتحف الأول من نوعه في العالم".

وتابع " يوجد أيضا المسرح العائم، صمم على شكل صدفة بحيث يعكس الأصوات للجمهور، وتم عزل المبنى كليا عن اليابسة كون المياه تحده من كل الجهات، ويوجد أيضا مجسم برج خزان المياه يعلوه مطعم يطل على المعرض".

ويختم زودة إن المشروع هو قيمة مضيفة لطرابلس لأنه يمكن من خلاله إجراء قفزة نوعية باقتصاد المدينة بشكل خاص ولبنان بشكل عام".

قررت لجنة التراث العالمي في يناير الماضي إدراج كل من معرض رشيد كرامي الدولي على قائمة اليونسكو للتراث العالمي وقائمة التراث العالمي المعرض للخطر.

وذكر بيان صحفي صادر عن منظمة اليونسكو أن "هذا المعرض كان المشروع الرائد من بين مشاريع سياسة تحديث لبنان في ستينات القرن الماضي، والمعرض من ناحية حجمه وغنى الأنماط الهندسية فيه يعد أحد الأعمال الهامة التي تمثل فن العمارة الحديث في القرن العشرين في المنطقة العربية من الشرق الأوسط".

وأضاف البيان "أدرجت لجنة التراث العالمي هذا الموقع على قائمة التراث العالمي المعرض للخطر، نظراً إلى حالة صونه المثيرة للقلق ونقص الموارد المالية اللازمة لصيانته والمخاطر الكامنة في مقترحات تطوير المجمع التي قد تضر بسلامته".

وقال المهندس وسيم ناغي الذي شارك في إعداد الملف الذي قدم للأونيسكو مع نقيب المهندسين في بيروت جاد تابت وبالتنسيق مع وزارة الثقافة، إن "المعمار أوسكار نيماير أعطى قيمة للمعرض، كونه مصمم عالمي وله إنجازات في العالم العربي وأوروبا والولايات المتحدة والبرازيل، مارس المهنة على مدى 75 عام وفي جعبته أكثر من 650 مشروع حول العالم وحائز على أعلى جائزة تعطى لمهندس معمار "بريتزكر" عام 1987، وتصاميمه منذ أن ظهرت خلال مؤتمر صحفي في أيلول 1962 صدمت الناس ولا تزال حتى اليوم تصيب الزائرين بحالة من الذهول".

وأضاف "قيمة المعرض هي بالأساس مرفق اقتصادي ولاحقا مرفق ثقافي لأنها نتاج المعمار العظيم أوسكار، نحن لاحظنا الأمر وبادرنا منذ عام 2012 سنة وفاة نيماير، إلى تحضير الملفات تحضيرا لتصنيفه محليا كتراث لحمايته من أي تغيير قد يلحق بأصالة المباني في المستقبل، ولأن التشريع في لبنان صعب توجهنا إلى الجهات الدولية، وطلبنا إدراجه في لائحة الخطر أو المعالم المهددة بالزوال، وتم التصويت مرتين، الأولى هي إدراجه على لائحة التراث العالمي، والثانية هي إدراجه على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر".

وأوضح ناغي أن الهدف من إطلاق الصفتين على المعرض هو "لتسريع وتيرة الملف والتصويت بسرعة، وإدراجه على لائحة المهدد بالزوال يساعدنا كثيرا للحصول على هبات ومساعدات من الجهات المانحة لتدعيم منشآته في ظل دولة عاجزة وغارقة أزمة اقتصادية ومالية".