استعرض اللقاء العلاقات الثنائية الوثيقة والتاريخية بين البلدين، وآفاق التعاون المشترك وسبل تعزيزه وتطويره في مختلف المجالات، إلى جانب بحث تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية والجهود المبذولة تجاهها، بالإضافة إلى بحث مجمل القضايا ذات الاهتمام المشترك، بحسب "واس".
جاءت الزيارة في توقيت مهم على المستوى الثنائي، بعد فترة من التراشق الإعلامي بأقلام بعض الكتاب في البلدين. كما يسبق اللقاء القمة العربية المرتقبة في مايو/أيار المقبل، التي تنعقد في ظل متغيرات إقليمية ودولية غير مسبوقة، تتطلب المزيد من التنسيق.
متحدثون من البلدين أكدوا أن التراشق الإعلامي ظل في إطاره دون أن يؤثر على العلاقات الراسخة الجانبين، إضافة إلى أن الزيارة بإمكانها تنقية الأجواء.
وشدد المتحدثون مع "سبوتنيك"، على أهمية التنسيق بين البلدين في الوقت الراهن وتجاوز أي إشكالات من أجل موقف عربي موحد في ظل متغيرات إقليمية ودولية يمكن معها للمنطقة العربية أن تحتل مكانة مغايرة عما سبق.
قيمة التبادل التجاري
وارتفعت التبادلات التجارية بين البلدين العام الماضي 2022، بنسبة 13%، حيث وصلت إلى 10.3 مليار دولار خلال عام 2022 مقابل 9.1 مليار دولار خلال عام 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 13.5%.
وسجلت قيمة الصادرات المصرية للسعودية 2.5 مليار دولار خلال عام 2022 مقابل 2.2 مليار دولار خلال عام 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 11.2%، وبلغت قيمة الواردات المصرية من السعودية 7.8 مليار دولار خلال عام 2022 مقابل 6.9 مليار دولار خلال عام 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 14.3%، حسب الجهاز المركزي المصري للتعبئة والإحصاء.
زيارة تعكس واقع العلاقات
من ناحيته، قال الكاتب السعودي سعود الريس، إن زيارة الرئيس السيسي إلى المملكة العربية السعودية، عكست واقع العلاقة بين البلدين وأهميتها، بما يؤشر على قوة العلاقات وارتباطها الاستراتيجي.
ويوضح الريس في حديثه مع "سبوتنيك"، أن "الظرف الحالي على مستوى المنطقة العربية في المقام الأول والعالم مختلف بشكل كبير، في ظل إعادة التموضع الذي تقوده المملكة بحكم ما تتميز به من شبكة العلاقات والمكانة السياسية والاقتصادية، وهي مؤشرات بشأن ما تتجه إليه المنطقة العربية، ونأمل أن ينعكس ما خرجت به الزيارة على المنطقة بشكل سريع".
بشأن تبادل التراشق الإعلامي بين البلدين خلال الفترة الماضية على نطاق محدود، أوضح الريس أن القضايا الإعلامية تثار من أطراف بناء على تفسيرات واجتهادات خاطئة، لكن الواقع الإعلامي لا يعكس قوة العلاقة، ولن يسمح له بالتأثير عليها.
"تصفير" قضايا المنطقة
الاتجاهات العربية مؤخرا واللقاءات المتعددة تدفع نحو "تصفير الأزمات"، وحل الخلافات بين الدول العربية، وكذلك حل القضايا المشتعلة منذ العام، 2011، في ظل تحولات عالمية وتغير موازين القوى العالمية، الذي أتاح مكانة أكبر للمنطقة العربية التي تسعى دولها للتموضع بما يحقق مكانة ومكاسب أكبر، وربما تحمل القمة العربية المرتقبة في الرياض دافعا أكبر نحو تعزيز توحيد الجبهة العربية بشكل أكبر.
في هذا الجانب، يشير الريس إلى أن "المملكة العربية السعودية تعمل على تصفير الأزمات في المنطقة العربية وعلى الصعيد العالمي، للانطلاق نحو مرحلة جديدة من النمو والرخاء، وهو ما صرح به سمو ولي العهد محمد بن سلمان بشأن مستقبل المنطقة والتنمية التي تعمل عليها السعودية من أجل المنطقة".
ملفات على طاولة القمة العربية
يلفت الريس إلى أن "المأمول من القمة العربية المرتقبة أن تكون نقطة انطلاقة نحو الاستقرار في العالم العربي والتغلب على الإشكالات والمخططات التي كانت موضوعة بشكل أو آخر في بعض الدول".
ويرى الكاتب السعودي أن القمة يمكن أن تكون انطلاقة مهمة، في ظل الملفات الحاسمة على صعيد الخليج والعالم العربي والدولي، وتبدل مواقف إقليمية، مشددا على أن "السعودية ستكون ذراعا ممدودة للذهاب أبعد مما نحن عليه في العالم العربي والمنطقة".
أهمية التنسيق بين البلدين
يمثل التنسيق بين القاهرة والرياض قوة كبيرة على المستوى العربي والإقليمي، وتاريخيا كان للبلدين مواقفهما المهمة تجاه بعضهما وتجاه قضايا المنطقة. في الإطار يقول الريس، إن البلدين يمثلان مكانة وقوة هي الأكبر على مستوى المنطقة العربية، وأنهما كانا ولا زالا يشكلان محورا للعالم العربي والإسلامي، وأن العلاقة التاريخية كانت حاضرة في جميع الموقف، في حين أن أهمية التنسيق في الوقت الراهن باتت تشكل سدا منيعا أمام أي تدخل خارجي في قضايا العالم العربي، حال تجاوز "الإشكالات والاختلافات والعقبات المتواجدة الآن".
العديد من الملفات العربية تمثل أهمية للبدين، فضلا عن الفاعلية التي تحققها كل منهما بالانخراط فيها، والدفع نحو إعادة الاستقرار، سواء ما يتعلق بليبيا أو اليمن وسوريا.
في الإطار، قال جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق وسفير القاهرة في الرياض، إن زيارة الرئيس للمملكة العربية السعودية تمثل أهمية كبيرة على المستوى الثنائي والعربي، خاصة في ظل الحاجة لدفعة جديدة للملفات المشتركة ثنائيا وعربيا.
ملفات ثنائية وإقليمية
ويرى بيومي أن الزيارة ناقشت العديد من الملفات سواء على المستوى الثنائي، أو العربي والإقليمي بما في ذلك، عودة سوريا للجامعة العربية والاتفاق السعودي-الإيراني وانعكاساته على المنطقة، والقضية اليمنية، وتداعيات الأزمة العالمية على المنطقة، والحاجة الملحة لتوحيد الموقف العربي، مشددا على أن القاهرة والرياض هما "حجر الزاوية" لأي تعاون عربي.
ملفات ثنائية أخرى بحاجة لدفعة جديدة على المستوى الاقتصادي والسياسي، وهو ما يؤيده السفير المصري بقوله إن هناك حاجة لإعادة تنشيط العديد من الملفات على مستويات متعددة بين القاهرة والرياض.
بشأن عدم الإعلان عن الزيارة قبلها بفترة، قال بيومي: "لقد عملت في السعودية سابقا، وعادة ما يعلن عن الزيارات الرئاسية مع وصول الرئيس أو قبلها بساعات، ولا أرى خروجا عن التقاليد في هذا الشأن فيما يتعلق بالزيارات المصرية-السعودية".
وحول التراشق الإعلامي الذي جرى بين البلدين، يرى بيومي أن الزيارة تعد فرصة لتهدئة أي أمور من هذا القبيل، خاصة أن التراشق الإعلامي هو "غير مسبب وغير مبرر"، لافتا على أن العلاقات بين البلدين لا تؤثر فيها مثل هذه التراشقات.
أرقام مهمة
وبحسب بيان الجهاز المركزي المصري للتعبئة والإحصاء، سجلت قيمة تحويلات المصريين العاملين بالسعودية 11.2 مليار دولار خلال العام المالي 2020 / 2021 مقابل 9.6 مليار دولار خلال العام المالي 2019 / 2020 بنسبة ارتفاع قدرها 17 %، بينما بلغت قيمة تحويلات السعوديين العاملين في مصر 18.5 مليون دولار خلال العام المالي 2020 / 2021 مقابل 17.6 مليون دولار خلال العام المالي 2019 / 2020 بنسبة ارتفاع قدرها 4.9%.
وبلغت قيمة الاستثمارات السعودية في مصر 491.6 مليون دولار خلال العام المالي 2021/2022 مقابل 325.3 مليون دولار خلال العام المالي 2020 /2021 بنسبة ارتفاع قدرها 51.1%.
وبلغ عـدد المصـريين المتواجدين في دولة السعودية طبقــاً لتقديرات البعثة 4.4 مليون مصري حتى نهاية 2021.