وتعتزم السعودية دعوة الرئيس السوري بشار الأسد لحضور قمة جامعة الدول العربية في مايو/ أيار. وذكرت أن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، سيتوجه إلى دمشق في الأسابيع المقبلة، لتقديم دعوة رسمية للأسد لحضور القمة، فيما أكدت أن سوريا والسعودية اتفقتا على فتح السفارتين بعد أكثر من عشر سنوات على انقطاع العلاقات.
واستضاف السفير العراقي لدى سلطنة عمان، قيس العامري، سفراء السعودية وإيران وسوريا، وبحثوا الفرص الكبيرة التي تنتظر دول المنطقة في ضوء السلام الإقليمي.
وطرح البعض تساؤلات بشأن الدعوة السعودية المرتقبة لحضور سوريا القمة العربية، وموقف دمشق حيالها، وكذلك عن موقف الدول العربية الرافضة لهذه العودة، ودلالات الخطوة وأهميتها.
دلالات قوية
قال عمر رحمون، المحلل السياسي السوري، إن بعد شائعات الرفض والنفي التي أحاطت بدعوة المملكة لسوريا لحضور القمة العربية المقبلة، تم تأكيد الأمر رسميًا من قبل وسائل الإعلام الرسمية في المملكة، والتي أكدت فتح قنصلية الرياض في دمشق، وزيارة وزير الخارجية السعودية لسوريا لدعوة الرئيس بشار الأسد لحضور القمة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، سبق وأعلن الرئيس السوري عن موقف دمشق، وأكد أن عودة سوريا للجامعة ليس من أولويات السياسة الخارجية للدولة، لكن الأولويات تكمن في العلاقات الثنائية العربية، وسوريا تريد أن تشكل بعودتها نقطة التقاط لا أن يكون عودتها نقطة خلاف عربي جديد، أو فراق.
وأوضح أن "الفيتو السابق لعودة سوريا للجامعة كان فيتو سعودي، أما الآن عندما تغيرت الظروف والمعطيات السياسية، ستقدم السعودية دعوة لسوريا للحضور"، متوقعًا "ألا ترفض دمشق هذه الدعوة وإمكانية مشاركتها، باعتبارها دولة عربية تفاخر بعروبتها، وهي لن تقطع علاقاتها مع أي دولة من الدول العربية بل هم من قاموا بقطعها".
وفيما يتعلق بموقف الدول الرافضة لعودة سوريا، قال إن هناك عدة دول كانت ترفض، لكن لم يبق سوى المغرب والكويت وقطر، معتقدًا أن السعودية ستقدم الدعوة ستوافق عليها الكويت، موضحًا أن دمشق لم تطرد من الجامعة أو تفقد مقعدها، إنما القرار الذي صدر في عام 2011 كان تعليق مشاركة الوفود الرسمية السورية.
ولفت إلى أن مقعد سوريا موجود ولا يحق لأي أحد إلغاء المقعد سوى بموافقة كل أعضاء الجامعة، وهو ما لم يتحقق في السابق، معتبرًا أن رفض قطر والمغرب لن يؤثر على تواجد سوريا في القمة العربية ولا لعودتها إلى مقعدها بالجامعة العربية.
وعن دلالة هذه الخطوة، قال إنه يعني عودة سوريا للجامعة وأخذ دورها العربي والإقليمي، مؤكدًا أن خطوة الانفتاح العربي على دمشق مقدمة لكسر الحصار الغربي الذي تم فرضه على سوريا، فعودة العلاقات العربية السورية يكسر الحصار الأمريكي، والمفروض في الأصل بأياد عربية، لافتًا إلى بدء صفحة سياسية جديدة بعودة سوريا للجامعة العربية، وأخرى اقتصادية عبر فتح المعابر.
عودة ضرورية
بدوره، اعتبر المحلل السياسي السعودي، سعد عبد الله الحامد، أن الحراك السعودي باتجاه سوريا، يأتي في ظل وجود إجماع عربي على عودة دمشق إلى الجامعة العربية، حيث لم يحقق ترك سوريا في الماضي لهذا الوضع إلا تجاذبات كبيرة، واختطاف هذا البلد، فيما لم يحقق أي عائد أو نتيجة إيجابية على الأمن القومي العربي.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، ترك سوريا بهذا الشكل، أفرز جماعات متشددة سيطرت ميلشياتها على سوريا، وهددت الأوضاع في المنطقة والدول المجاورة، كما أنه لم يأت بأي نتيجة إيجابية، أو تترك فرصة لإحداث عملية سياسية توافقية ما بين الحكومة وأطياف المعارضة في الداخل، وإنما زادت الأوضاع سوءا، واتجهت سوريا إلى التفتت، ناهيك عن الأوضاع الإنسانية المتردية، لا سيما بعد حادث الزلزال.
وأوضح أن الجميع أدركوا بأن قطع قنوات التواصل مع سوريا على مدار السنوات الماضية، لم يحقق أي فائدة للدول العربية، حتى على مستوى إيصال المساعدات الإغاثية هناك، ما دفع إلى بدء التقارب العربي مع سوريا، كما حدث مع مصر والإمارات والسعودية وغيرها من الدول.
ويعتقد المحلل السياسي السعودي، أن المسؤولين في المملكة يروون أهمية عودة سوريا لحاضنتها العربية، وعدم تركها فيما تعيشه من تشتت وتخريب لمؤسسات الدولة، معتبرًا أن الدعوة السعودية لسوريا لحضور القمة العربية تأتي انطلاقا من هذه القناعة، حول أهمية عودة سوريا لمقعدها بالجامعة العربية، في ظل التحولات الإقليمية وما تشهده المنطقة.
ويرى الحامد أن عودة العلاقات السعودية الإيرانية كان لها كبير الأثر في عودة العلاقات ما بين الرياض ودمشق، مع وجود تفاهمات بعدم التدخل في الشأن السوري، مشيرًا إلى إمكانية أن تخلق هذه الخطوة توافقا داخليا سوريا مع المعارضة، وأن تشهد حراكا سياسيا إيجابيا يعيد الحياة لوضعها الطبيعي في دمشق.
وقال إن "الوضع الراهن يحتم على الدول العربية التوحد، خاصة مع بدء اعتماد المنطقة على نفسها، وإدارة أزماتها بدون حاجة القوى الإقليمية، لا سيما مع انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من المنطقة بعد أن كانت الحليف الأكبر لمعظم هذه الدول، مقابل النفوذ الصيني الروسي التي بدأت في التمدد ووصلت إلى المنطقة العربية".
ولفت إلى أن الصين وروسيا لعبتا دورا كبيرًا في عودة العلاقات بين المملكة وسوريا، وإيجاد تفاهمات مرحلية يعقبها تفاهمات أخرى، مؤكدًا أن هذا الوجود بات له دور إيجابي من خلال عقد وساطات تعود بالأمن والاستقرار على المنطقة العربية برمتها.
وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، نقلاً عن مسؤولين عرب وأوروبيين، أن عددًا من الدول العربية التي لا تتعاون مع حكومة الأسد تسعى لإعادة العلاقات معه.
وكانت السعودية قد أغلقت سفارتها في دمشق، في شهر مارس/ آذار عام 2012، لتنقطع بعدها العلاقات الدبلوماسية بين البلدين العربيين طيلة سنوات الحرب على سوريا.