رئيس حركة العدل والمساواة الجديدة يكشف لـ"سبوتنيك" العقبات التي تعرقل أي اتفاق سياسي في السودان

حالة من الترقب تعيشها الأوساط السياسية في السودان لما ستؤول إليه الأوضاع خلال الفترة القادمة بعد الإخفاق في التوقيع على الاتفاق السياسي النهائي الخاص بالمرحلة الانتقالية في الأول من أبريل/ نيسان الجاري.
Sputnik
حول تطورات المشهد السياسي وما الذي ينتظر السودان خلال الفترة القادمة ومصير الاتفاق الإطاري وبوادر عودة حزب المؤتمر الوطني للواجهة والخلافات بين الدعم السريع والجيش…أجرت وكالة "سبوتنيك" المقابلة التالية مع الفريق منصور أرباب رئيس حركة العدل والمساواة الجديدة بالسودان.
إلى نص المقابلة…

* بعد تأجيل التوقيع على الاتفاق النهائي…برأيك إلى أين يتجه المشهد السياسي في السودان؟

كل ما يجري في السودان بين الأطراف الفاعلة من القوى السياسية والمجلس العسكري ربما لا يصل إلى هدف محدد، فإذا تم التوقيع على الاتفاق النهائي في السادس من أبريل/نيسان الجاري، وإن كنت لا أعتقد أن يتم ذلك، لأنه في الأساس لا يوجد اتفاق وكل طرف لديه الكثير من النقاط التي يرغب تضمينها في هذا الاتفاق، لذا أري أن يوم 6 أبريل سوف يمر كما حدث في 1 أبريل، وفي أفضل الأحوال وأحسنها أن يستمر الوضع بتلك الطريقة من التأجيلات المتتالية ولا يحدث توقيع على أي وثيقة، وإذا حدث توقيع سوف يكون في إطار ضيق جدا لن يحل المشكلة على الإطلاق، المشكلة السودانية أكبر بكثير من عملية دمج الدعم السريع في القوات المسلحة وما إلى ذلك من مغالطات سياسية موجودة الآن في الخرطوم.
السودان... إغلاق 8 نقاط رئيسية على مداخل الخرطوم رفضا للاتفاق الإطاري

* إن كنت ترى أن الوضع الحالي لن يحل الأزمة..فما هى رؤيتك للخروج من الوضع الراهن في السودان؟

الوضع السياسي الموجود الآن في السودان يحتاج إلى أفق أوسع، وحتى المتواجدين في المشهد الآن ليسوا مكلفين بالتنظير أو اتخاذ القرار ودمج المؤسسات التي تدير دولاب العمل أو شكل تكوينها وما إلى ذلك، لأن هناك انقسام سياسي حاد في الشارع السوداني الآن، وهو انقسام حقيقي والموجودين في المشهد لديهم إصرار على إقصاء الطيف الواسع من القوى السياسية والحركات المسلحة التي لم تكن جزء من اتفاقية جوبا للسلام، لذلك فإن ما يجري في المشهد الآن لن يحل المشكلة السودانية، وبكل أسف الساسة السودانيين لم يتعلموا حتى الآن من التجارب السابقة التي تجاوز عمرها 67 عام، هم يجربون المجرب ويسيرون في نفس اتجاه الفشل، نحن بالفعل بحاجة إلى إعادة هيكلة وتأسيس للدولة السودانية، وأن يكون لدينا قوات مسلحة موحدة محترفة تحت قيادة واحدة، لكن للأسف يجري هذا الأمر في التوقيت الخاطئ وأيضا بأفراد خطأ.

* هل هناك صعوبة في بلورة رؤية نهائية للخروج من الأزمة في هذا التوقيت؟

من الصعب أو العسير جدا بلورة الرؤية النهائية والخروج من الأزمة في تلك الفترة البسيطة حتى السادس من أبريل الموعد الجديد الذي تم الإعلان عنه بعد تأجيل التوقيع يوم السبت الماضي الأول من الشهر الجاري، ولا اعتقد أن الفرقاء السودانيين بإمكانهم التوصل إلى اتفاق نهائي خلال الساعات المتبقية لإخراج البلاد من أزمتها إلى آفاق المستقبل.

* في أي مرحلة يعيش السودان الآن..ما قبل الثورة 2019 أم ما بعد أحداث 25 أكتوبر/تشرين 2021؟

منذ 11 ابريل 2019 وإلى الآن تراجع السودان كثير جدا إلى الوراء، هذا التراجع أصبح سمة للمشهد السياسي في البلاد وليس التراجع جاء فقط بعد 25 أكتوبر/تشرين 2021، حيث نشهد تراجع كبير في كل شىء منذ سقوط البشير وحكومته، سواء في النواحي الأمنية أو الاقتصادية والسياسية واغتصاب البلاد والانقسام المجتمعي والتدخل الخارجي وانهيار العمل السياسي، كل تلك الأمور ظهرت بعد 11 أبريل/نيسان.
لذا نحن ننحدر بسرعة كبيرة جدا نحو الفشل والدولة الفاشلة التي لا تقدم الخدمات سواء الأمنية سواء في الخرطوم أو الولايات أو ما يتعلق بالضائقة المعيشية والاقتصادية الحادة التي يعيشها المواطن،كما أن هناك وضع إنساني مريب يعيشه المواطن في دارفور وفي الولايات التي تدور فيها الحرب، علاوة على الحرب الأهلية التي تدور في العديد من المناطق ويقتل فيها الناس بالمئات بالإضافة إلى تهجير الآلاف بلا حسيب أو رقيب، حقيقة الوضع كارثي والموجودين في المشهد السياسي لا هم لهم سوى كيفية الحصول على كراسي الحكم، لذا أقول إنه حتى لو تم التوقيع على الاتفاق يوم 6 أبريل، هذا لن يجلب الاستقرار في السودان بكل تأكيد لأن الانقسام حقيقي وحاد وكل طرف يريد السيطرة منفردا على المشهد دون الأطراف الأخرى، مشكلة السودانيين منذ العام 1956 وحتى الآن "الساسة" غير قادرين على تحمل بعضهم البعض.
الإعلان عن مبادرة سياسية جديدة لتسوية الأزمة في السودان

* هل ما يجري في الخرطوم من حراك سياسي يمكن تعميمه على كل ولايات السودان؟

"دارفور والهامش" تأتي في ذهن الساسة السودانيين عندما تكون هناك انتخابات فقط منذ عام 1956 وحتى الآن، وعندما تكون هناك أزمة حقيقية نجد أن الجميع يهرب إلى الهامش ويتغطى به وشاهدنا ذلك من قوى الحرية والتغيير (الكتلة الديمقراطية)، حيث هربوا إلى الفاشر ونادوا من هناك بإقامة دولة مقبولة من الجميع، لذا أعتقد أن الصراع الموجود فقط في مثلث الخرطوم ولا يعير أي أحد الاهتمام بما يجري في دارفور أو جبال النوبة أو أي من الأطراف الأخري، والإخوة في شرق البلاد حتى يسمعوا صوتهم لجأوا إلى إغلاق الشرق الذي يعد شريان الحياة في السودان، الساسة الحاليين يريدون أن يحكموا بما تيسر لهم من معونات وموارد في العاصم و ولاياتها الثلاث فقط.

* كيف تقرأ ما تم الإعلان عنه من خلافات بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني واحتمالية المواجهة العسكرية بينهما؟

يتحدث الكثيرين عن المواجهة العسكرية بين الدعم السريع وقوات الجيش السوداني، وأنا عن نفسي حتى الآن استبعد تلك المواجهة، إذا سلمنا أن هناك خلاف حقيقي بين الطرفين، وأي مواجهة بين الجانبين لن يخرج منها أي طرف رابح أو منتصر، لذا فقد تستمر الأوضاع على ماهي عليه سنة أخرى، إلى أن يأتي تغيير شامل يعصف بالمشهد الحالي ويأتي بـ مشهد جديد على الإطلاق.

* أيها يمتلك القدرة الأكبر على التأثير في المشهد السياسي الراهن في السودان..الشارع - القوى السياسية- الحركات المسلحة؟

الكل لديه تأثير على المشهد، لكن بدرجات متفاوتة، أولا الشارع لا علاقة له بالقوى السياسية التي تتفاوض الآن، حيث تنصلت القوى السياسية في مؤتمر صحافي أكد خلاله أن ليس لديهم علاقة بمطالب الشارع وأنهم يمثلون أنفسهم في التحاور مع القوى العسكرية، الشارع نفسه وإلى حد ما كان مشلول، لكنه عاد في الفترة الأخيرة لترتيب نفسه، ولجان المقاومة الآن تعقد لقاءات ومشاورات وورش عمل، وإذا وجدت قيادة واضحة للجان المقاومة، اعتقد سيكون لها تأثير كبير على المشهد السياسي، أما القوى العسكرية المسلحة فهي المسيطرة في البلاد نتيجة لتنظيمها ووحدة القرار لديها وهذا ناتج عن الخبرة والتجربة الطويلة، باختصار من يسيطر على الوضع الآن هو القوة العسكرية والقوات المسلحة السودانية.
الأطراف المدنية والعسكرية في السودان تتفق على توقيع الاتفاق السياسي النهائي في 6 أبريل الجاري

* هل تتوقع أن تكون هناك ضغوط إقليمية ودولية للحصول على شكل سياسي رسمي في السودان من أجل تمرير مصالحهم؟

الضغوط الإقليمية والدولية موجودة بالتأكيد في المشهد منذ وقت طويل، لكن كل هذه الضغوط لم تأت بالحلول الناجعة لمشاكل السودان، والجميع يدرك الآن أن الخارج لم يأت بأي حلول سوى ما يحملونه من أجندات ومصالح خاصة، وبعض القوى السياسية استشعرت خطر التدخل الدولي السافر وأصبحت تتحدث عن خطر حقيقي ماحق يهدد الدولة السودانية، لأن الواقع الموجود على الأرض من آلية رباعية وثلاثية والأمم المتحدة، هذا التدخل هو نتاج لفشل السياسة والمكونات ذات التأثير في السياسة السودانية.

* هل ترى أن حزب المؤتمر الوطني السوداني "حزب البشير" يلعب دورا ما في المشهد الحالي في البلاد؟

المستفيد الأول من المشهد الحالي وكل الخلافات والتأخير في عمليات التوافق بين القوى السياسية هو المؤتمر الوطني والذي خرج بكل قواه مؤخرا إلى العلن وهو يخاطب قواعده ويمارس نشاطاته، والقوى السياسية الأخرى لم تستطع كبح جماح المؤتمر الوطني أو إزالته من المشهد بشكل نهائي.
الأطراف المدنية والعسكرية في السودان تتفق على توقيع الاتفاق السياسي النهائي في 6 أبريل الجاري

* هل تؤيد طي صفحة الماضي وعودة الجميع للمشهد السياسي للخروج من الأزمة وعلى رأسهم المؤتمر الوطني؟

وأرى أن هناك مقدمات لعودة المؤتمر الوطني إلى المشهد السياسي، والحكم في النهاية للشعب السوداني عبر صناديق الاقتراع، لأنه الوحيد صاحب الحق في بقاء أو رحيل أي قوى سياسية، لأن الإقصاء والعزل للقوى السياسية لم يعد ذا نفع للدول في الكثير من تجارب العالم، الواقع السوداني مرير وخاص جدا، ونحن كسودانيين بحاجة إلى أن نلتقي ونحدد طبيعة العلاقة بين الفرد والدولة السودانية نفسها، كما يجب تحديد الهوية للإنسان والدولة السودانية، ونتعامل باعتبارنا سودانيين قبل أن نتوزع ونتفرق إلى أحزاب وحركات مسلحة وأي مكونات أخرى إجتماعية أخرى، وفي تقديري أن الشعب هو صاحب القرار في عزل أو إبقاء المؤتمر الوطني في المشهد السياسي السوداني.
أجرى الحوار/ أحمد عبد الوهاب
مناقشة