المطران عطا الله حنا: ظاهرة التطرف والعنصرية في المجتمع الإسرائيلي ليست حديثة

أكد المطران عطا الله حنا، رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس في القدس، أن ظاهرة التطرف والعنصرية في المجتمع الاسرائيلي ليست حديثة العهد بل هي ظاهرة موجودة ومنذ سنوات طويلة.
Sputnik
وقال عطا الله حنا، في تصريحات لوكالة "سبوتنيك": "ظاهرة التطرف والعنصرية في المجتمع الاسرائيلي ليست حديثة العهد بل هي ظاهرة موجودة ومنذ سنوات طويلة، لا سيما أن السياسات العنصرية الصهيونية تستهدف الشعب الفلسطيني كله بمسيحييه ومسلميه وهنالك تيارات من المتدينين اليهود وخاصة المستوطنين منهم، الذين يعادون المسيحيين والكنائس لدرجة أنهم عندما يمرون بجانب كنيسة يبصقون عليها وعندما يمرون بجانب رجل ديني مسيحي أو راهبة يحاولون أيضا الاستهزاء ويبصقون ويهينون ويسيئون للرموز الدينية المسيحية".

وأضاف: "هذا أمر موجود ونعيشه منذ سنوات وقد ازدادت هذه الظاهرة حدة مع وصول هؤلاء المتطرفين، الذين يوصفون بأنهم يمين متطرف الى السلطة في إسرائيل، أعتقد أن وصول هذه الفاشية العنصرية إلى الحكم في إسرائيل سيؤدي إلى اكتشاف العالم مدى عنصرية هذا النظام وكراهيته للفلسطينيين وسياساته الهادفة لتصفية هذه القضية العادلة".

وتابع "نحن المسيحيون الفلسطينيون ننتمي إلى المسيحية في هذه الأرض التي منها انطلقت الرسالة المسيحية فهذه البقعة المباركة من العالم هي أرض الميلاد والقيامة وكل الأحداث الهامة المتعلقة بالإيمان المسيحي، ولكننا أيضا ننتمي إلى وطننا وإلى شعبنا وإلى القضية الفلسطينية العادلة التي من واجبنا أن ندافع عنها إنطلاقا من انتماءنا الوطني وانطلاقا من قيمنا الإنسانية والروحية، التي تحثنا على أن ندافع عن كل إنسان مظلوم ومتألم في هذا العالم".

وأردف المطران "نحن من ناحيتنا لا نخاف من ظاهرة التطرف هذه فمن يقرأ تاريخ الكنيسة المسيحية في هذا المشرق وفي حقب كثيرة يلحظ أن هنالك اضطهادا واستهدافا ومحاولات كان الهدف منها القضاء على الوجود المسيحي في هذه الأرض المقدسة، ولكن هذا لم يحدث فنحن باقون وأجراس كنائسنا ستبقى تقرع مبشرة بقيم المحبة والأخوة والسلام، فنحن لا نبادل الضغينة بالضغينة والعنصرية بالعنصرية وندعو من أجل هؤلاء العنصريين لكي ينير الرب قلوبهم وعقولهم فيكتشفوا أن الله محبة، أما البغضاء والكراهية فهي أمور لا تنسجم إطلاقا مع القيم الروحية والدينية النبيلة".

وبشأن التخريب المتعمد للأضرحة المسيحية في الأرض المقدسة من قبل المتطرفين اليهود أكثر من مرة، قال المطران عطا الله حنا:

"شعبنا الفلسطيني الذي استهدف منذ وعد بلفور وحتى اليوم مرورا بالنكبات والنكسات والتشريد إنما عانى من المظالم والمعاناة لم تكن مقصورة على جهة دون الأخرى، فكل أبناء شعبنا الفلسطيني عانوا من هذه السياسات الظالمة مسيحيين ومسلمين، ولكن هنالك تيارا صهيونيا متطرفا من المستوطنين، الذين يحملون كراهية عمياء تجاه المسيحيين وكنائسهم ومقدساتهم فالتعديات ازدادت في الآونة الأخيرة، وما حدث مؤخرا في كنيسة الجثمانية كما وفي غيرها من الكنائس والمقابر قبلها، إنما هو مؤشر على أن هؤلاء المتطرفين المستوطنين لا يحترمون التعددية الدينية ويظنون أن القدس لهم وليست لسواهم في حين أن مدينة القدس هي مدينة مقدسة في الديانات التوحيدية الثلاث ويجب احترام خصوصيتها، فهي مدينة تختلف عن أية مدينة أخرى في هذا العالم ولا يحق لأية جهة أن تدعي بأن القدس لها وليست لسواها".

وأضاف "هؤلاء المستوطنون المتطرفون لا يحترمون وجود تعددية دينية في القدس ولا يحترمون وجود مسلمين ومسيحيين لهم مقدساتهم وارتباطهم العريق في هذه المدينة المقدسة، ولكنني اعتقد بأن أخطر ما يُخطط للحضور المسيحي في مدينة القدس ليس مقصورا فقط على هذه التعديات بل هناك سياسة ممنهجة لسرقة الأوقاف المسيحية من أصحابها الشرعيين وبطرق ملتوية معهودة وغير معهودة، وأنا أقصد بذلك تحديدا الأبنية الأرثوذكسية العريقة في منطقة باب الخليل الاستراتيجية في القدس، والتي يسعى المستوطنون المتطرفون للاستيلاء عليها، وهي أبنية موجودة في الحي المسيحي وفي المنطقة المؤدية للكنائس والبطريركيات لا سيما كنيسة القيامة".
عطا الله حنا يدعو المسيحيين لزيارة الأماكن المقدسة والالتزام بالإجراءات الوقائية لمحاربة "كورونا"
وتابع "إننا نعتبر مخططات الاستيلاء على عقارات مسيحية في باب الخليل إنما تندرج في إطار مخطط هادف لإضعاف وتهميش الحضور المسيحي في القدس، حيث أن عدد المسيحيين اليوم في القدس لا يتجاوز العشرة آلاف نسمة وهذا الرقم مرشح لكي ينقص أكثر في ظل سياسات الاحتلال وفي ظل كثير من العوامل الأخرى منها ما هو اقتصادي أو معيشي أو اجتماعي، ولا اعتقد بأن هذا الواقع سوف يتغير بسهولة لأن المتطرفين المستوطنين مدعومين من الحكومة الإسرائيلية وهم مدعومون أيضا من جهات كثيرة في الغرب لا سيما في أمريكا، حيث أن هنالك لوبي مؤيد لما يقوم به هؤلاء المستوطنون اليمينيون المتطرفون".
وقال المطرتن عطا الله حنا، ردا على مشروع قانون قدمه عضو الكنيست من يهودات هتوراه، موشيه غافني، ينص على السجن لمن تحولوا إلى المسيحية:

"شر البلية ما يضحك، وما صرح به هذا المتطرف إنما يثير السخرية ونحن لا نأخذه على محمل الجد، فهؤلاء هم عنصريون وليسوا قادرين على أن يغيروا أو يبدلوا من أهمية الحضور المسيحي في هذه الأرض المقدسة وعراقة هذا الحضور".

عطا الله حنا
رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس في القدس
وأضاف "يبدو أن هذا الشخص المتطرف لم يقرأ شيئا عن تاريخ المسيحية وهو يظن ومعه أيضا ثلة ممن لم يقرأوا التاريخ المسيحي جيدا وكأن المسيحية بضاعة مستوردة من الغرب في حين أن المسيحية ليست بضاعة مستوردة من أي مكان في هذا العالم، فهنا وُلد السيد المسيح وهنا عاش ومن هنا انطلقت رسالته إلى مشارق الأرض ومغاربها".
وأشار المطران إلى أن "فلسطين وتحديدا مدينة القدس هي مهد المسيحية وهي الكنيسة الأولى الأقدم والأعرق في العالم ووجود عنصريين من هذا النوع لن يبدل ولن يغير تاريخ هذه البلاد، فالحضور المسيحي في بلادنا لم ينقطع منذ أكثر من ألفي عام، صحيح أن نتنياهو أعلن بأنه لن يذعن لما قاله هذا المتطرف وأعتقد بأن ما قاله نتنياهو إنما يندرج في إطار مغازلة الغرب لا أكثر ولا أقل ونحن من ناحيتنا لا تعنينا الصراعات الإسرائيلية السياسية الداخلية وسنبقى أمناء لإنتماءنا المسيحي ولإنتماءنا الفلسطيني ولجذورنا العميقة في تربة هذه الارض، والتي لن يتمكن من اقتلاعها والنيل منها أي عنصري أو أي متطرف أيا كان شكله وأيا كان لونه".
وبشأن دعم سيادة المطران بولس رئيس دير لافرا الكهوف في كييف، وكذلك الكنسية المضطهدة في أوكرانيا، قال المطران عطا الله حنا:

"إننا نعتبر الاضطهاد الممنهج الذي تتعرض له الكنيسة الأرثوذكسية في أوكرانيا بأنه اضطهاد يستهدف الكنيسة الأرثوذكسية كلها، فهذه كنيسة شقيقة تربطنا وإياها أواصر المحبة والأخوة والصداقة منذ سنوات طويلة ووفود الحجاج كانت تأتي دوما من أوكرانيا وسيادة المتروبوليت أونوفريوس ومطارنة الكنيسة الأوكرانية كانوا دائما يزورون القدس ويصلون في كنيسة القيامة وفي كنيسة المهد كما وفي غيرها من الكنائس".

المطران عطا الله حنا
رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس في القدس
وأضاف "أما المطران بولس رئيس دير اللافرا، فقد زارنا قبل عدة أشهر وكان عنوان زيارته والهدف منها هو أن يصلي من أجل السلام في أوكرانيا فصلى في كنيسة القيامة وفي كنيسة المهد ونحن اليوم نتابع بغضب وألم وحزن ما يتعرض له هذا المطران الجليل من استهداف واضطهاد من قبل حكام كييف".
وتابع "فرض الإقامة الجبرية عليه وتقييد حركته واستهداف غيره من الأساقفة وأباء الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية والتعدي على الكنائس هناك إنما هي وصمة عار في جبين الإنسانية، فأين هو العالم المتحضر المنادي بحقوق الإنسان مما يحدث هناك؟ ولماذا الغرب يغض الطرف عن استهداف هذه الكنيسة بهذه الطريقة الوحشية".
المطران عطا الله حنا: أقل من 5000 مسيحي في البلدة القديمة بالقدس مستهدفون من يهود متطرفين.. فيديو

وأردف "من المؤلم والمحزن أن هنالك جهات في هذا العالم تريد أن تفرض علينا كنيسة أرثوذكسية بديلة في أوكرانيا تنسجم والأطماع الغربية ونحن بدورنا نقول إننا لا نعترف بأي كيان بديل ولا نعترف إلا بالكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية القانونية والشرعية، التي يرأسها سيادة المتروبوليت أونوفريوس، فهذا هو موقفنا الثابت تجاه هذه الكنيسة الشقيقة".

وأضاف "من خلالكم وفي هذه الأيام المباركة والمقدسة حيث نستعد لاستقبال عيد القيامة المجيد نناشد مجددا كافة الكنائس المسيحية في العالم بأن تعلن موقفا رافضا للاضطهاد، الذي تتعرض له هذه الكنيسة الشرعية والقانونية في أوكرانيا... وبمناسبة عيد الفصح المجيد نهنىء كافة المحتفلين بهذا العيد في العالم الارثوذكسي كله وفي روسيا وفي أوكرانيا وفي كل مكان ونصلي من أجل السلام ومن أجل أن يزول الاضطهاد الذي يتعرض له إخوتنا في أوكرانيا".
مناقشة