حوار وكالة "سبوتنيك" مع فتحي باشاغا
أكد رئيس الحكومة الليبية المكلف من البرلمان، فتحي باشاغا، في لقاء حصري مع وكالة "سبوتنيك"، أن مسألة ترشحه مستقبلا لرئاسة ليبيا مرهونة بالظروف والمستجدات في البلاد، وأن الانقسام في السلطة التنفيذية في ليبيا ووجود حكومتين سيعيق الانتخابات المقررة لعام 2023.
Sputnikووعد باشاغا في الحوار الذي أجرته معه وكالة "سبوتنيك"،
بالعمل الجاد مع الأطراف الوطنية والدولية التي تؤمن بالديمقراطية والوحدة وتوحيد المؤسسات واستعادة الأمن، من أجل إجراء انتخابات نزيهة وشفافة في البلاد.
نص الحوار الكامل:
سؤال سبوتنيك: ما مدى تأثير الانقسام التنفيذي الحالي على العملية الانتخابية المقبلة عام 2023 التي أعلنت عنها الأطراف الليبية والدولية؟ كيف تتعاملون كحكومة في ظل الانقسام البلد؟
باشاغا: لا شك أن هذا الانقسام واستمراره سوف يعرقل أي عملية انتخابية ممكنة، ولكننا سوف نعمل جاهدين مع الأطراف الوطنية والدولية المؤمنة بالديمقراطية ووحدة الصف وتوحيد المؤسسات واستتباب الأمن للوصول إلى انتخابات نزيهة وشفافة.
سؤال سبوتنيك: هل هناك ترتيبات من قبل الأطراف الليبية لتشكيل حكومة أخرى جديدة بعيداً عن حكومتكم وحكومة الدبيبة، كيف تتعاملون مع هذه الأطروحات والترتيبات خاصة أن الأصوات المطالبة عالية وهناك دعم دولي على ما يبدو للموضوع؟
باشاغا: نحن الحكومة الشرعية في ليبيا وعملية اختيار رئيس الحكومة ومنح الثقة للحكومة تمت وفق الاتفاق السياسي، فبتالي تشكيل حكومة جديدة في ليبيا يتطلب سحب الثقة من حكومتنا وفق الآليات المنصوص عليها في الاتفاق السياسي، وهذه العملية يملكها مجلسا النواب والدولة.
سؤال سبوتنيك: شهدت العاصمة الليبية طرابلس ومدن بالغرب الليبي خلال الأشهر الماضية عدة مواجهات بين جماعات مسلحة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة وسقوط عدد من ضحايا من بينهم قتلى وجرحى مدنيون، كيف يمكن للسلطات الليبية منع هذه التشكيلات المسلحة من زعزعة الأمن بالمدن الليبية، وهل من الممكن في ظل انفلات أمني وجود جماعات مسلحة أن تهدد السلطات الليبية وتعرقل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية؟
باشاغا: ضعف الأداء الأمني والمعالجات الخاطئة للحكومة الموازية في طرابلس هو السبب الرئيسي في تدهور الوضع الأمني، ولهذا نحن ندعم جهود لجنة 5+5 وكل المسارات الهادفة إلى توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية واحتكار السلاح تحت أجهزة الدولة الشرعية المتعارف عليها في كافة الأنظمة (الجيش والشرطة).
نحن على يقين بأنه لن يتم تحقيق أي تقدم في ملف الانتخابات إلا بعد رحيل الحكومة المنتهية الولاية عن المشهد السياسي الليبي.
سؤال سبوتنيك: اجتمعت اللجنة العسكرية 5+5 من الغرب والشرق الليبي خلال اليومين الماضيين في العاصمة طرابلس من أجل توحيد المؤسسة العسكرية ووضع خطة وتعاون على مستوى المعسكرين الغربي والشرقي لتهيئة الأوضاع الامنية لإجراء الانتخابات، هل تتوقع أن تتوحد المؤسسة العسكرية والأمنية خلال هذه الفترة خاصة أن المبعوث الأممي يسعى جاهداً لجمع الفرقاء الليبيين على طاولة المفاوضات؟
باشاغا: نبارك دائماً أي خطوات من شأنها أن تساعد في توحيد المؤسسات وتنهى الانقسام خصوصاً وأننا نحن من كسر حاجز الجمود عندما ذهبنا إلى بنغازي في شهر ديسمبر 2021.
ومع ذلك نعتقد ان مسألة توحيد المؤسسة العسكرية والأمنية خلال الفترة القريبة القادمة لا يزال غير ممكن ولكن قد نشهد تشكيل دوريات ولجان مشتركة وبأهداف محدد تحت إشراف لجنة 5+5 لتعزيز الثقة بين الأطراف ذات العلاقة.
سؤال سبوتنيك: شددت البعثة الأممية على الأطراف العسكرية والأمنية بليبيا على عملية إخراج جميع المقاتلين الأجانب من البلاد، هذا الملف يعتبر من الملفات التي يعيق عملية السلام والتسوية المحلية والدولية، كيف تتابعون هذه الخطوات من قبل البعثة الأممية للدعم في ليبيا، وهل تستطيع أن تجبر الاطراف الدولية على سحب المقاتلين الأجانب من البلاد أم هناك عقبات تواجه هذا الملف، وما مدى التداعيات السلبية بوجود هذه القوات على العملية الانتخابية وعملية التسوية السياسية بين الأطراف الليبية لحل الأزمة؟
باشاغا: معالجة ملف المرتزقة والمقاتلين الأجانب يحتاج إلى توفر أرضية صلبة أساسها وجود سلطة تنفيذية موحدة ومنتخبة.
وإذ نشكر المساعي الحميدة التي تقودها البعثة الأممية في هذا السياق، لكن من الصعب عليها إجبار هذه القوى على الانسحاب دون توافق دولي وآلية فاعلة من مجلس الأمن وإرادة حقيقية من القوى الوطنية الليبية، مع إيماننا بأن خروج هذه القوات هو أحد الركائز الأساسية لاستقرار البلاد والوصول إلى تسوية سياسية شاملة.
سؤال سبوتنيك: كيف تتابعون الخطوات التي أتفق عليها مجلسي النواب والدولة على القاعدة الدستورية وتشكيل لجنة لوضع القوانين الانتخابية، هل تتوقعون أن تتجاوز لجنة القوانين مشكلة ترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين بالانتخابات؟
باشاغا: نرحب بصدور التعديل الثالث عشر وتشكيل لجنة 6+6 لوضع القوانين الانتخابية، ونعتقد بأن السلطة التشريعية بغرفتيها مدركة لحساسية المرحلة وجادة في الوصول إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية قبل نهاية العام الحالي، ونحن كحكومة ندعم كل الخيارات في هذا الاتجاه.
سؤال سبوتنيك: قدمت عام 2021 بأوراق الترشح في الانتخابات الرئاسية الماضية إذا ما اتفق المجلسان على القوانين الانتخابية هل سوف تتقدم مجدداً مترشحاً للانتخابات؟
باشاغا: هذا الآمر سابق لأوانه وكل شيء مناط بالظروف والمستجدات التي سأخذها بعين الاعتبار وأهمها دعم العملية الانتخابية والخيار الديمقراطي في بلادي سواء من خلال الترشح أو المساهمة في إنجاحها من الخارج.
سؤال سبوتنيك: حكومة الوحدة الوطنية عقدت اتفاقيات مع ايطاليا وشركات ايطالية بشأن التنقيب والاستكشاف عن النفط والغاز، في ظل الانقسام التنفيذي هل يحق لحكومة الدبيبة عقد اتفاقيات بهذا المجال، وهل سيترتب على الدولة الليبية مستقبلاً أعباء بسبب توقيع مثل هذه الاتفاقيات؟
باشاغا: هذه الحكومة منتهية الولاية منذ أكثر من سنة، واستناداً على انتهاء الولاية القانونية وعلى الاتفاق السياسي والنقطة رقم 10 من المادة السادسة من خارطة الطريق المعتمدة من ملتقى الحوار السياسي فإن السلطات الانتقالية لا يحق لها إبرام أي اتفاقيات أو معاهدات من شأنها أن تضر باستقرار العلاقات الخارجية للدولة الليبية أو يلقي عليها التزامات طويلة الأمد، بالتالي فإن هذه الاتفاقيات وغيرها تعتبر باطلة وغير ملزمة للدولة الليبية و تندرج تحت نظرية العبث والمقامرة السياسية الرخيصة التي للأسف بعض الدول كإيطاليا تتماهى معها ضاربة بعرض الحائط كل القوانين الليبية والدولية.
سؤال سبوتنيك: العالم يتمحور اليوم حول الازمة بين روسيا وأوكرانيا، وهناك دول حددت نوع العلاقات مع روسيا وكذلك مع الاتحاد الأوروبي، كيف يتابع رئيس الحكومة الليبية الوضع الدولي والإقليمي وتأثير العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا على العالم وخاصة على الأزمة الليبية؟
باشاغا: أعتقد أننا في حجم من الأزمات ربما يغنينا عن الخوض في أزمات الدول الأخرى ومع هذا نتأسف على ما وصل إليه الحال ما بين الدولتين الجارتين والتي نأمل أن يقف التصعيد العسكري ونزيف الدم في أقرب وقت ممكن، وأن يلتجئ الطرفان إلى طاولة المفاوضات احتراماً لميثاق الأمم المتحدة الداعي في عنوانه الرئيسي إلى الأمن والتعايش السلمي بين الأمم.
سؤال سبوتنيك: كيف هي العلاقات الدبلوماسية بين حكومتكم والحكومة الروسية، هل هناك اتصالات ومباحثات أجريت بينكم، وهل هناك زيارات رسمية ستحصل في المستقبل القريب؟ فيما أعلنت روسيا من فترة قريبة تعيين سفير جديد لها في ليبيا متى تتوقعون فتح السفارة الروسية بليبيا وهل ستكون بطرابلس أو ببنغازي؟
باشاغا: لا زالت حالة الانقسام الليبية في سلطتها التنفيذية تؤثر على طبيعة تعاطي جل الدول مع الحالة الليبية ومن ضمنها روسيا والتي حتى الساعة لا توجد تلك العلاقات المأمولة بين حكومتنا وبينها، ونأمل أن توطد أكثر هذه العلاقات، وان تفتح افاق التواصل والتبادل الدبلوماسي بيننا وبينها.
سؤال سبوتنيك: أعلن الرئيس التونسي قيس سيعد أن هناك خلافات مع ليبيا بشأن حقل البوري النفطي الواقع بين ليبيا وتونس، ما هو موقفكم من مطالبة تونس أن حقل البوري تونسي ويطالبون السلطات الليبية بحقهم بهذا الحقل، ما حقيقة هذا الملف التي برز أخيرا على وسائل الإعلام الليبية والتونسية؟
باشاغا: لا شك أن علاقتنا مع الدولة الشقيقة تونس أقوى وأمتن من أن تعكرها مفاهيم خاطئة حول ملف اقتصادي تم التوافق والاتفاق بشأنه منذ أكثر من 4 عقود.
سؤال سبوتنيك: بالانتقال إلى الشأن الليبي، استبعد خبراء ومراقبون ليبون ودوليون حدوث صراع مسلح في ليبيا مجدداً ولا يزال اتفاق وقف إطلاق النار قائماً بين الأطراف الليبية، إذا ما تمسك عبد الحميد الدبيبة بالسلطة ورفض الخروج، هل نتوقع مواجهات مسلحة وعملية عسكرية جديدةً في ليبيا؟
باشاغا: كل شيء متوقع في الحالة الليبية، خاصة مع وجود شخصية انتهازية على رأس السلطة الموازية في طرابلس على استعداد للقيام بأي شيء من أجل البقاء في السلطة ولو كان على حساب الشعب الليبي وكرامته وسيادته. ولكننا نستبعد أن تحصل أي مواجهات مسلحة على الأمد القريب خاصة مع توفرت الإرادة الوطنية والدولية لإيجاد حل عادل وشامل للأزمة الليبية يُنهي هذا العبث التي تنتهجه السلطة الموازية القابعة في طرابلس.
سؤال سبوتنيك: إذا حدد موعد محدد لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، من الجهة التنفيذية التي سوف تشرف على العملية الانتخابية في ظل وجود حكومتين بالبلاد؟
باشاغا: هذه المسألة سوف تحددها خيارات التسوية والاتفاقات التي تصل إليها السلطات التشريعية بمساعدة وإرادة حقيقية من القوى الدولية المؤثرة في الملف الليبي.
سؤال سبوتنيك: أعلنت البوابة الرسمية للحكومة الروسية عن مفهوم الجديد للسياسة الخارجية الروسية ومن ضمنها أن روسيا تستطيع استخدام القوات المسلحة لصد ومنع الهجمات على نفسها وعلى حلفائها بالإضافة إلى الهدف الرئيسي لروسيا في الخارج هو تحويل المنطقة إلى منطقة سلام وحسن جوار وستعطي روسيا الأولوية للقضاء على الهيمنة الأمريكية في العالم، ما موقفكم من الخطوات التي اتخذتها روسيا لرسم السياسات الخارجية مع الدول الغربية والعربية الصديقة على مستوى التعاون الاقتصادي والسياسي والأمني؟
باشاغا: نحن نحترم إرادة الدول في خياراتها تجاه حماية مصالحها، ولكننا لن نسمح أو نوافق على أي خيارات أو أعمال من شأنها أن تمس سيادتنا وأمن مواطنينا واستقرار بلادنا أو تجعل ليبيا ساحة لتصفية الحسابات الدولية، فنحن معنيين بوطننا وشعبنا فقط.
سؤال سبوتنيك: أخيراً ما هي رؤيتكم أو مبادرتكم لحث الأطراف الليبية على اتفاق لتوحيد المؤسسات الرسمية الليبية وإنهاء الانقسام الذي استمر قرابة 7 سنوات، هل لديكم اتصالات مع المؤسسات الليبية للوصول إلى حل نهائي للانقسام القائم؟
باشاغا: لا شك أن تواصلنا مع شركائنا في الوطن في المنطقة الشرقية وعلى رأسها مؤسسة الجيش منذ قرابة السنة ونصف رغم الحرب الضروس التي كانت بيننا هي دليل قاطع على أننا لم ولن نألوا جهداً في اتخاذ كل الخطوات التي من شأنها لم الشمل ورأب الصدع وتوحيد المؤسسات وبناء الدولة ولو كان ذلك على حساب رصيدنا السياسي والشعبي، فالوطن أولى وأبقى.