وما هي إلا ثوان معدودة حتى صدرت الأوامر وانطلقت السفينة الفضائية العملاقة وسط دخان كثيف باتجاه النجوم، بسرعة وصلت إلى 8 كيلومترات في الثانية.
جرى الإعداد لهذه المهمة في أجواء شديدة السرية، حتى إنَّ أحدًا لم يعرف اسم غاغارين عندما كان في المدار حول الأرض، إلى أن عاد بسلام، لتُذاع أنباء الرحلة على نطاق واسع، من خلال وكالة الأنباء السوفيتية الرسمية (تاس).
وقتها، أحدثت هذه الأنباء موجة من الصدمة في أنحاء العالم، خاصة في الولايات المتحدة، التي كانت تحاول أن تتفوق على الاتحاد السوفيتي السابق، في إرسال أول رحلة مأهولة إلى الفضاء.
وفي تقرير لوكالة الطيران والفضاء الأمريكية (ناسا) عن مهمة غاغارين، سردت الوكالة تفاصيل اللحظات الأولى لوصول الأنباء الخاصة بها إلى الولايات المتحدة قائلة: "في نحو الساعة الرابعة صباحا، بدأت أجراس الهواتف تدق على الساحل الشرقي للولايات المتحدة، إذ كان الصحفيون يريدون الحصول على ردود من مسؤولي ناسا على التقرير الذي بثته تاس".
وبحسب تقرير ناسا، رد أحد مسؤولي الوكالة وهو نصف واعٍ على من كان يسأله قائلا: "كلنا هنا نائمون"، ما دفع الصحافة الأمريكية إلى أن تكتب "السوفيت يضعون رجلا في الفضاء ومتحدثٌ يقول إن أمريكا نائمة".
وفي اليوم التالي لعودة غاغارين إلى الأرض، التقاه جورجي أوستروموف، المراسل الصحفي الخاص بجريدة إيزفيستيا، وكتب أن رائد الفضاء العائد "في حالة صحية ومعنوية جيدة وممتلئ حماسا...وتضيء وجهه ابتسامة مشرقة".
وأضاف أوستروموف: "بين الحين والآخر يبتسم ابتسامة عريضة، ويبدي تفهّمه فضول الناس الذين يلحون عليه ليروي لهم كل ما رآه وعاينه خلال الساعة والنصف التي أمضاها خارج الأرض".
وفي كتيب "رجل سوفيتي في الفضاء" الذي نشر لتخليد رحلته، وصف غاغارين رحلته قائلا: "كان منظر الأفق بديعا وفريدا"، وأشاد بالاتحاد السوفيتي بالقول: أهدي رحلتي إلى جميع أفراد شعبنا الذين يمضون قدما في طليعة البشرية ويبنون مجتمعا جديدا".