انطلاقة جديدة للعلاقات بين السعودية والجزائر... هل تشمل التصنيع العسكري؟

رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة السعودية، الفريق أول ركن فياض بن حامد الرويلي
بعد فترة فتور امتدت لسنوات بين المملكة العربية السعودية والجزائر، يكثّف البلدان من المباحثات لانطلاقة جديدة على مستويات عدة في مقدمتها التعاون العسكري والأمني.
Sputnik
ارتبط الفتور بين البلدين في السنوات الماضية، بعلاقة الجزائر بإيران القوية، فيما كانت الأخيرة على خلاف كبير مع الرياض، قبل الإعلان عن اتفاق عودة العلاقات بين البلدين في شهر مارس/ آذار الماضي.
وقبل يومين، بحث رئيس الأركان الجزائري، الفريق أول، السعيد شنقريحة، مع نظيره السعودي، سبل تعزيز التعاون الأمني والعسكري بين البلدين.
وأفاد بيان لوزارة الدفاع الجزائرية، بأن شنقريحة بحث مع رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة للمملكة العربية السعودية، الفريق أول ركن فياض بن حامد الرويلي، على هامش مشاركته في افتتاح معرض الدفاع والأمن في ريو دي جانيرو، سبل تعزيز مجالات التعاون في المجالات العسكرية والأمنية.
وفي 10 نيسان/ أبريل الجاري، عُقد في الرياض الاجتماع الأول التشاوري السياسي على مستوى كبار مسؤولي وزارتي الخارجية في الجزائر والسعودية، وتناول سبل تعزيز العلاقات في مختلف المجالات، وفقا لصحيفة "الشروق" الجزائرية.
ويرى مراقبون أن الانطلاقة الجديدة للعلاقات بين البلدين، يمكن أن تشمل العديد من المجالات، بما فيها التعاون الأمني والتصنيع العسكري، وأن سبب توتر العلاقة بين الجزائر والسعودية سابقا، قد يصبح المحفّز في الوقت الراهن، لافتين إلى أن العلاقة مع إيران تعد أحد العوامل التي يمكن أن تستثمرها الجزائر حاليا في تعاون أكبر بين العواصم الثلاث.
وزير الخارجية الجزائري ونظيره السعودي يؤكدان "التوافق الكبير" بين الجزائر والرياض
تعزيز التعاون
تعزيز التعاون عبر "بريكس" ومنظمة التعاون الإسلامي، والتكتلات الاقتصادية الأخرى، يمثّل فرصة كبيرة للتحقيق المزيد من التبادل التجاري والنمو والمشروعات المهمة التي يمكن التعاون فيها من قبل الحكومات في البلدان المعنية، وفق الخبراء.
حجم التبادل بين البلدين
بلغ حجم التبادل التجاري بين السعودية والجزائر خلال عام 2016 نحو 585 مليون دولار، فيما بلغ حجم الصادرات السعودية 575 مليون دولار، والواردات 92 مليون دولار، ليميل الميزان التجاري للسعودية بـ566 مليون دولار.
يقول البرلماني الجزائري، بريش عبد القادر، إن
"التقارب بين الجزائر والسعودية وتنويع مجالات التعاون لتشمل التعاون العسكري والأمني له انعكاسات إيجابية كبيرة، بالنظر لأهمية ومكانة كل من الجزائر والسعودية اقتصاديا وطاقويا وديموغرافيا، في المنطقة العربية وفي إطار منظمة التعاون الإسلامي".
وسبق للجزائر أن أكدت رغبتها وسعيها للانضمام لتكتل "بريكس"، فيما تتخذ السعودية خطوات مماثلة للانضمام للتكتل، الأمر الذي يمكن استثماره في تعزيز التعاون بين البلدين.
ويوضح عبد القادر في حديثه لـ"سبوتنيك" أن "الاستفادة المتبادلة بين الجزائر وإيران، قائمة على العلاقات متعددة المستويات وعضويتهما في أكثر من منظمة وتكتل، إضافة إلى مجالات التعاون الثنائي الاقتصادية والاستراتيجية والطاقوية".
فريق ولي العهد السعودي الطبي يوصي بتجنب سفره للجزائر والملك ينيب وزير الخارجية لحضور القمة العربية
النأي بالنفس عن سياسية المحاور
يرى البرلماني الجزائري أن "الجزائر تحافظ على علاقتها المتوازنة مع جميع الأطراف، والنأي بالنسف عن الاصطفاف وسياسية المحاور، بما يعزز من رؤية الجزائر في دعم التقارب السعودي الإيراني".
ووفقا للبرلماني الجزائري، فإن
"العديد من المجالات الحيوية والاستراتيجية يمكن للجزائر وإيران والسعودية، لعبها في الدوائر الجيوسياسية، خاصة في منظمة الدول الإسلامية ودول عدم الانحياز والمصدرة للنفط، بما يعزز التقارب والشراكة وتطوير التبادل التجاري بين البلدان الثلاثة".
تطور ملحوظ في العلاقات
من ناحيته، يقول الخبير في الشؤون الاستراتيجية والأمن الدولي، اللواء عيسى آل فايع، إن "التطور الإيجابي الملحوظ في العلاقات السعودية-الجزائرية فرضته التحولات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".
ويضيف آل فايع في تصريحاته لـ"سبوتنيك" أنه
"رغم ما اعترى هذه العلاقات من فتور نتيجة ما كان يسود العلاقات الإقليمية من سياسة المحاور، إلا أن العلاقات انطلقت قوية، خصوصا منذ الدعم السعودي المشهود لحركة التحرير الجزائرية، ودعم استقلالها سياسيا وماليا على المستويين الرسمي والشعبي في بداية ستينيات القرن الماضي".
ولم تنضم الجزائر للتحالف العسكري لمكافحة الإرهاب، الذي أنشأته الرياض في العام 2015، ورغم ذلك استمر التعاون الأمني الشامل بين البلدين وفي مجال مكافحة الإرهاب.
ويتوقع الخبير السعودي "ارتفاع مستوى التعاون والتنسيق بين البلدين، نتيجة تفهم صناع القرار في البلدين للحاجة لذلك، في ظل استمرار خطر الميليشيات والمنظمات الأيديولوجية العابرة للحدود".
الرئيس الجزائري يستقبل وزير الداخلية السعودي
التعاون الأمني والتصنيع العسكري
وفقا للخبير العسكري السعودي، اللواء عيسي آل فايع، فإن "التعاون العسكري بين البلدين يعزز الأمن القومي العربي من خلال تبادل الخبرات في المؤسسة العسكرية، وإقامة التمارين المشتركة، إضافة للفرص الاستثمارية، في التصنيع العسكري المشترك، الذي يندرج تحت أعمال المجلس التنسيقي الأعلى، المشكل لغرض تنسيق الأعمال في المجالات السياسية والاستثمار الاقتصادي والتعاون الأمني والعسكري".
واتفقت السعودية وإيران مؤخرا على إعادة العلاقات، وتبعه تطور في مستوى العلاقات بين الرياض والجزائر، فيما تحتفظ الأخيرة بعلاقات قوية مع طهران، الأمر يمكن استثماره، وفق الخبير السعودي، حيث يرى أن التطورات الأخيرة يمكن أن تنعكس إيجابياً على المنطقة ككل.
وحسب آل فايع، فإن "الجزائر يمكنها أن تكون عامل جذب مشترك بين كل من السعودية وإيران، إذا ما التزمت إيران ببنود الاتفاق السعودي الإيراني، وأحلّت الاستثمار والتنمية محل "الأدلجة" وتسليح الميليشيات، وخصوصا أن الصين هي الضامن، ولديها أيضا مصالح مشتركة مع الجزائر".
وفي ديسمبر/ كانون الأول عام 2018، زار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الجزائر على رأس وفد عالي المستوى، ضمّ أعضاء في الحكومة ورجال أعمال وشخصيات سعودية بارزة.
وعُقد خلال زيارة ولي العهد السعودي، مجلس الأعمال الجزائري - السعودي، الذي توّجت أشغاله بالاتفاق على زيادة تدفق الاستثمارات السعودية نحو الجزائر خلال السنوات المقبلة.
مناقشة