ستعرض بعد العيد مباشرة... أي مصير لمبادرة الإنقاذ الوطني في تونس؟

سيسدل الاتحاد العام التونسي للشغل وشركاؤه من المنظمات الوطنية الستار في غضون أيام عن مبادرة الإنقاذ الوطني قصد توجيهها إلى الرأي العام ومؤسسات الدولة الرسمية.
Sputnik
ورغم أن هذه المبادرة تصطدم برفض مكشوف من الرئيس التونسي قيس سعيد، فإن أصحابها يؤكدون أنهم ماضون في تقديمها إلى الشعب التونسي واعتبارها منفذا لهم من الأزمة المتشعبة التي يعيشون على وقعها منذ أشهر.
وسيعرض القائمون على هذه المبادرة وهم، الاتحاد العام التونسي للشغل ورابطة حقوق الإنسان وهيئة المحامين والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وثيقة تتضمن مجموعة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، قصد مناقشتها صلب حوار وطني عام لا يستثني أحدا.
وقبل نحو أسبوع، كرر الرئيس التونسي قيس سعيد تأكيده على رفضه لأي حوار وطني، مشددًا على أنه "لا توجد حاجة لأي حوار وطني في ظل وجود برلمان منتخب من الشعب".
بعد أن رفض رئيسها الانصياع لإملاءات صندوق النقد... ما هي خيارات تونس التمويلية
وتساءل سعيّد خلال إشرافه على إحياء الذكرى 23 لرحيل الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة في محافظة المنستير: "لماذا انتخبنا برلمانا إذا؟ وعمّ سنتحاور؟"، مشددا على أن الحوار لا يجري سوى داخل البرلمان من خلال المصادقة على مشاريع القوانين.
وبالحديث عن البرلمان، صرّح ريس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة أن البرلمان هو من سيعوض مبادرة الإنقاذ الوطني وأن الحوار المسؤول يكون بين الهياكل التشريعية ممثلة في المجلس التشريعي ومجلس الجهات والأقاليم.

ستعرض بعد العيد مباشرة

في الأثناء، يؤكد المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر أنه سيمضي برفقة شركائه في هذه المبادرة في كل الحالات وأنهم متمسكون بطرحها على الجميع.
وقال في تصريح لـ "سبوتنيك": "لقد انتهينا من صياغة النصوص الرئيسية الثلاثة المكونة لمبادرة الانقاذ الوطني؛ وهي الوثيقة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ستكون مشفوعة بملاحق تتضمن إصلاحات في مجالات أخرى".
تونس تشارك في اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولي لمتابعة اتفاقها المالي المعلق
وأكد بن عمر أنه سيتم الإعلان رسميا عن مضامين هذه المبادرة بعد العيد مباشرة، أي في غضون 10 أيام من اليوم، مشيرا إلى أنه سيتم عرضها على المجتمع المدني وعلى الرأي العام للإطلاع عليها.
وأضاف: "سنوجه هذه المبادرة أيضا إلى جميع مؤسسات الدولة الرسمية والمسؤولة، وبالأخص رئاسة الجمهورية والبرلمان".
وبشأن الرفض الذي أبداه رئيس الجمهورية لهذه المبادرة، قال بن عمر إن الغاية من عرض هذا المخطط الإصلاحي ليس قبولها من طرف رئيس الجمهورية، بل خلق أرضية سياسية واقتصادية واجتماعية تعود بالبلاد إلى ديمقراطية حقيقية في كل أبعادها، مشيرا إلى أن المبادرة لن تقطع أصلا مع الوضع السياسي الحالي.

فيتو برلماني على المقترحات السياسية

وحول قابلية عرض مبادرة الإنقاذ الوطني على البرلمان، قال النائب عن حركة الشعب عبد الرزاق عويدات لـ "سبوتنيك"، إن البرلمان سيقبل بمناقشة أي مبادرة أو مشروع أو تصور إصلاحي على اعتبار أنه منتخب من الشعب التونسي.
وتابع: "نحن في علاقة شراكة وتشاركية مع جميع المواطنين والمؤسسات والمنظمات، لذلك سنطلع على مضمون مبادرة الإنقاذ الوطني، وفي حال تضمنت إجراءات تصب في صالح البلاد ويمكن بلورتها على أرض الواقع سنتفاعل معها إيجابيا".
ويشدد عويدات على أن أي مبادرة من اي جهة كانت يجب أن تتطرق إلى الجوانب الاقتصادية والاجتماعية ولا يمكن أن تشمل الجوانب السياسية في المرحلة الحالية.
تونس... "مبادرة الإنقاذ الوطني" تخطو أولى خطواتها نحو التنفيذ وتعول على موافقة الرئيس
وأوضح: "مرحلة الحديث عن حوار وطني واصلاحات سياسية وعن شراكة وتفاعل بين مختلف مكونات الطيف السياسي والمدني قد ولت بحلول مرحلة 25 يوليو وبتنظيم استفتاء وتركيز دستور جديد للبلاد وبإجراء الانتخابات البرلمانية التي قال فيها الشعب كلمته.
وأضاف: "بتركيز البرلمان انتهت مرحلة الاصلاحات السياسية ولم يتبق سوى إجراء أخير وهو تركيز مجلس الجهات والأقاليم".
ولفت عويدات إلى أن المسألة المطروحة للنقاش حاليا بين مختلف الحساسيات الشعبية والسياسية والمنظمات والمؤسسات الرسمية للدولة هي الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، مضيفا "إذا كانت مبادرة الإنقاذ الوطني التي يقودها اتحاد الشغل وشركاؤه تصب في هذا الجانب، فسنقبل بمناقشتها صلب اللجان التي ستنبثق عن مجلس نواب الشعب ونتفاعل معها".

الرهان على مضامين المبادرة

ويعتقد المحلل السياسي مراد علالة أن الحديث عن حوار وطني مباشرة بعد عيد الفطر هو أمر مستبعد الحدوث بالنظر إلى الرفض القطعي الذي أبداه رئيس الجمهورية قيس سعيد بشأن هذه المبادرة.
وأضاف متحدثا لـ"سبوتنيك": "الأسلم هو النظر إلى هذه المبادرة من زاوية الجدوى والفائدة منها، وأن يقدم القائمون عليها للتونسيين سلطة ومعارضة وثيقة دسمة فيها إجابات واقعية ومظبوطة بجدول زمني عن الحلول الممكنة للأزمة التي تعيش على وقعها البلاد منذ مدة".
الحوار الاجتماعي في تونس... نهاية لخلاف العمال والحكومة أم مجرد طمأنة لصندوق النقد؟
ويرى علالة أن أصحاب المبادرة يجب أن يتركوا المجال للجميع للتفاعل معها وأخذ ما يصح منها والاقتناع بأنها البديل الأسلم لتونس.
وأضاف: "لا يمكن إرغام رئيس الجمهورية على قبول هذه المبادرة أو الذهاب في اتجاه بعينه، ولكن حينما يُعرض عليه مشروع إصلاحي متكامل بامكان حكومته أن تستفيد منه. أما الحديث عن جمع الفرقاء السياسيين والالتقاء حول طاولة حوار وطني فهو أمر مستحيل الحدوث".
وبشأن المؤسسة البرلمانية، قال علالة إن المصادقة على جميع المقترحات الواردة بهذه المبادرة أمر صعب، ولكن نواب الشعب مطالبون بالأخذ بعين الاعتبار ما سيرد في هذه الوثيقة من مقترحات وحلول والاستفادة منها عن طريق تحويل بعضها إلى مشاريع قوانين أو ملائمة التشريعات المطروحة عليهم مع مضامين هذه المبادرة.
مناقشة