ما هي انعكاسات التقارب "المصري - التركي" على المشهد الليبي وآليات دعم الانتخابات؟

رغم التقارب الكبير بين الأجسام العسكرية والسياسية الليبية، وكذلك التقارب المصري التركي، يستبعد خبراء إجراء الانتخابات الليبية خلال العام الحالي، في ظل تقديرات بحدوث انعكاسات إيجابية خلال الفترة المقبلة.
Sputnik
وتم عقد لقاءات بين القيادات العسكرية في الشرق والغرب الليبي، في الفترة الأخيرة، واتفق الجانبان على العديد من الخطوات، في إطار توحيد المؤسسة العسكرية، والبدء بتشكيل قوة مشتركة لتأمين الحدود والانتخابات في المرحلة اللاحقة.
وخلال زيارته الأخيرة إلى تركيا، ناقش وزير الخارجية المصري، سامح شكري، مع نظيره التركي، مولود تشاووش أوغلو، عدة ملفات عربية، من بينها الملف الليبي.

تفاهم "مصري - تركي"

واعتبر تشاووش أوغلو، في مقابلة تلفزيونية مع قناة تركية، في ختام زيارة نظيره المصري، سامح شكري، الخميس الماضي، أن "تشكيل كتيبة عسكرية مشتركة في ليبيا ستكون خطوة مهمة، وبمثابة نواة نحو توحيد المؤسسة العسكرية"، لافتا إلى أن "التعاون بين تركيا ومصر سيكون في مصلحة ليبيا".
وزير الخارجية التركي: نسعى مع مصر لخارطة طريق تقود ليبيا للانتخابات
وفي المقابل، قال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في مقابلة مع قناة مصرية، في اليوم نفسه، بشأن الملف الليبي، إنه لمس تفهما من الوزير التركي لمدى أهمية تأثير القضية الليبية على الأمن القومي المصري، مضيفا: "هذا توجه طيب وهناك توافق فيما بيننا لرؤية ليبيا مستقرة لها سيادة".
ويرى مراقبون أن التقارب "المصري – التركي" يسهم في التقدم نحو حل الأزمة الليبية، إذ تنخرط الدولتان بشكل كبير في المشهد الليبي، حيث تتواجد قوات تركية ومرتزقة تابعين لها في الغرب الليبي، فيما تقول القاهرة إن ليبيا تمثل امتدادا للأمن القومي لها.

حلحلة الوضع المعقد

من ناحيته، قال حسين مفتاح، الخبير السياسي الليبي، إن التوافق بين مصر وتركيا يسهم بقدر كبير في حل عدة ملفات عالقة في الأزمة الليبية، باعتبار أن تركيا مساهمة بشكل كبير في تأزم الوضع في ليبيا، عبر دعمها أحد الأطراف على حساب الأطراف الأخرى، والتواجد العسكري في ليبيا.
ويرى مفتاح، في حديثه لـ"سبوتنيك"، أنه حال تراجعت تركيا عن دورها السلبي في ليبيا، والقبول بتنفيذ بنود وقف إطلاق النار وإخراج قواتها والمرتزقة، سيكون هناك حلول.
ولفت الخبير السياسي الليبي إلى أن مصر معنية باستقرار ليبيا لما تمثله من دعم للأمن القومي في البلدين، وهو ما تسعى له القاهرة عبر تقاربها مع أنقرة.

مسار غير واضح

وبحسب حسين مفتاح، فإن مسار الانتخابات غير واضح، في ظل تدخلات أجنبية عبر السفارات الموجودة في طرابلس، مع غياب الآليات الحقيقية لإجراء الانتخابات والدخول في خطوات تستغرق الكثير من الوقت دون نتائج.
عودة السفراء خلال أيام… هل تفاهمت القاهرة وأنقرة على جميع القضايا الخلافية
وتابع: "التقارب "المصري - التركي" يساعد في المسار العسكري والأمني بالدرجة الأولى، بما يساعد نسبيا في تذليل العقبات أمام إجراء الانتخابات المرتقبة".

دعم مصر وتركيا للاستقرار في ليبيا

فيما قال إسلام أوزكان، باحث تركي متخصص في شؤون الشرق الأوسط، إن التوافق بين مصر وتركيا على دعم الانتخابات في ليبيا يعد خطوة إيجابية نحو تحقيق الاستقرار والسلام في البلاد.
ووفقا لحديثه لـ "سبوتنيك"، فإنه من المحتمل أن يسهم هذا التوافق في إجراء الانتخابات على نحو أكبر بفضل دعم الدولتين وتأييدهما للعملية الديمقراطية في ليبيا.
ويضيف أوزكان: " يمكن اعتبار التوافق بين مصر وتركيا على دعم الانتخابات في ليبيا فرصة ذهبية لتعزيز الديمقراطية والتنمية المستدامة في البلاد، إذ أن التعاون الإقليمي والدولي يمثل حجر الزاوية لبناء مستقبل أفضل لليبيا، والوصول إلى الانتخابات الحرة والنزيهة يعد أداة مهمة لتحقيق ذلك".
باشاغا لـ"سبوتنيك" حول ترشحه مستقبلا لرئاسة ليبيا: كل شيء مرهون بالظروف والمستجدات
ورغم الخلافات الكبيرة الماضية التي تأثرت بالملف الليبي وانعكست على مساراته أيضا، يرى الباحث التركي إمكانية تقديم مصر وتركيا العديد من الفرص للإسهام في نجاح العملية الانتخابية في ليبيا، من خلال دعم تطبيق مبادئ الحكم الرشيد والشفافية والمساءلة.
وتابع: "كما يمكن للدولتين الإسهام في بناء نظام سياسي قوي ومستقر يستند إلى احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية"، مضيفا: "من جهة أخرى، يمكن للأطراف الليبية الاستفادة من هذا التوافق لبناء جسور التفاهم والتعاون المشترك بين مختلف المكونات السياسية والاجتماعية".

آليات الدعم

ويرتبط التقدم في مسار الأزمة الليبية بالآليات التي يمكن أن تقدمها كل من مصر وتركيا، بالإضافة للأطراف الدولية المتعددة المنخرطة في الملف.

لكن وفق تقدير الخبراء، يمكن لأنقرة والقاهرة الإسهام بقدر كبير في دعم الاستقرار عبر بعض الآليات التي يشير لها أيضا الباحث التركي ومنها:

تقديم الدعم السياسي وتشجيع جميع الأطراف الليبية للمشاركة في الانتخابات والتوافق على تنظيمها.
تقديم الدعم اللوجستي والتقني لضمان إجراء الانتخابات بنجاح وفعالية.
تقديم الدعم الأمني والتعاون المشترك للحفاظ على الأمن والاستقرار في ليبيا خلال العملية الانتخابية.
تشجيع التعاون الإقليمي والدولي لتعزيز عملية الانتخابات ومراقبتها.
ويرى إسلام أوزكان أن الأطراف الليبية يمكن أن ترحب بالتوافق بين مصر وتركيا، كونه يعزز الجهود السلمية لإجراء الانتخابات وتحقيق الاستقرار، مع وجود تباين في الرأي بين الأطراف الليبية حول التفاصيل والشروط المحددة لهذا التوافق والدعم المقدم من الدولتين.

عراقيل أمام إجراء الانتخابات

وعلى مدار السنوات الماضية تفاقمت العراقيل التي تحول دون إتمام العملية السياسية والتوافق الليبي وكان بعضها متعلق بإجراء الانتخابات هذا العام.
المبعوث الأممى لدى ليبيا يوجه بتسريع الجهود الرامية لإجراء انتخابات شاملة خلال 2023
ويتمثل ذلك في احتمالية عدم التوافق بشأن الحوار السياسي الجاري، بالإضافة للوضع الأمني ووضع التنظيمات المسلحة التي يمكن أن تشكل تحديا لإجراء الانتخابات وتأمين المراقبة الدولية والإقليمية للعملية الانتخابية.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك مشاكل إدارة تواجه البنية التحتية والهياكل الإدارية المسؤولة عن تنظيم الانتخابات، ما يفاقم العقبات التنفيذية واللوجستية.
وتسعى الأطراف الليبية والبعثة الأممية في ليبيا لإجراء الانتخابات نهاية العام الحالي، دون تحديد مواعيد حتى الآن.
أبرز المستبعدين من سباق الانتخابات الرئاسية في ليبيا
مناقشة