وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن بلاده تسعى لتطبيع العلاقات وللسلام مع السعودية وترى في ذلك خطوة كبيرة نحو إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي.
وأوضح نتنياهو، خلال لقاء بالسيناتور الأمريكي ليندسي غراهام: "يمكن أن يكون للاتفاق مع السعودية نتائج تاريخية كبيرة بالنسبة لإسرائيل والمملكة والمنطقة، والعالم بأكمله".
من جهته، قال ليندسي غراهام، إنه "أخبر المملكة العربية السعودية أنه يريد تحسين العلاقات ويجب أن يتم ذلك بطريقة تطمئن أصدقاءنا في إسرائيل". وأضاف: "أخبرت ولي العهد أن أفضل وقت لتحسين العلاقات هو الوقت الحالي".
وأضاف: "الرئيس بايدن مهتم جدا بتطبيع العلاقات مع السعودية، وفي المقابل، ستعترف المملكة العربية السعودية بالدولة اليهودية الوحيدة، إلى الحد الذي يمكنني فيه المساعدة في الترويج لذلك بصفتي جمهوريا".
وطرح البعض تساؤلات بشأن مغازلة إسرائيل للسعودية بشأن التطبيع، وإمكانية أن يكون هناك ضغوط أمريكية على الرياض في هذا الصدد، لا سيما في ظل التقارب السعودي مع إيران برعاية صينية.
رؤية سعودية
اعتبر سعد عبد الله الحامد، المحلل السياسي السعودي، أن التصريحات التي أطلقها بنيامين نتنياهو خلال لقاء بالسيناتور الأمريكي ليندسي غراهام، حول أهمية تطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب، تأتي في ظل أهمية التقارب مع المملكة بالنسبة لكل دول المنطقة، نظرا لما تملكه من مقومات ووضع اقتصادي، ومكانة جيواستراتيجية كبيرة في المنطقة، كما أنها تقفز خطوات كثيرة ومتقدمة حيال تعزيز مكانتها بالمنظومة الدولية القادمة.
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن المملكة ربطت، في العديد من المناسبات، هذا التحرك والتطبيع مع إسرائيل بتحقيق هدف إقامة الدولة الفلسطينية وإنهاء الصراع الفلسطيني، وأشار المسؤولون السعوديون إلى أهمية إقامة هذه الدولة وعاصمتها القدس الشرقية، وعودة النازحين لحدود 1976، وذلك انطلاقا من المبادرة العربية للسلام.
وأوضح سعد عبد الله الحامد، أن هناك جهودا ووساطات تقودها الولايات المتحدة الأمريكية في محاولة لتحسين العلاقات ومد جسور الثقة ما بين الرياض وتل أبيب، غير أنه استبعد تحقيق هذا التقارب في الوقت الراهن، رغم الجهود التي تقودها إدارة بايدن.
وأوضح الحامد أن المملكة لفتت في أكثر من مناسبة إلى عدم إمكانية تحقيق هذه الخطوة إلا بحل القضية الفلسطينية، وهو أمر مستبعد في الوقت الراهن، وفي ظل الجهود التي تقودها المملكة لإعادة ترتيب الأوراق في المنطقة، حيث أعادت علاقاتها مع إيران، وتسعى للسلام في اليمن، وهي تعتبر أن القضية الفلسطينية هي الأساس.
وشدد على أن رؤية السعودية حول تطبيع العلاقات مع إسرائيل تشير إلى ضرورة إنهاء الأزمة الراهنة، وحل القضية الفلسطينية بشكل عاجل، مستندة على مبادرة السلام العربية، وبطريقة تضمن للفلسطينيين الأمن والسلام وإقامة دولتهم المستقلة.
أهداف إسرائيلية
اعتبر أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية والخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن فلسفة نتنياهو قائمة على تبني فكر "زئيف جابوتنسكي"، الذي يرى أن أهم شيء لنجاح دولة الاحتلال هو تحقيق سلام مع دول الجوار وليس مع السكان الأصليين، لذلك يسعى نتنياهو للتطبيع مع الدول العربية وتأجيل أي عملية سلام مع الفلسطينيين.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، سعى نتنياهو خلال السنوات الماضية إلى توقيع اتفاق سلام مع المملكة العربية السعودية بعد أن وقع اتفاقيات تطبيع مع عدة دول عربية أخرى، مؤكدا أن اهتمامه بالتطبيع مع المملكة نابع من عدة أبعاد أهمها هو وزن السعودية الإسلامي والعربي والدولي، وكذلك أن المملكة أول من بادر بطرح فكرة حل الصراع مع الاحتلال في أعوام 1982 والمبادرة العربية للسلام في قمة بيروت عام 2002 والتي أصبحت مبادرة يتبناها العرب بشكل عام.
وأكد أستاذ العلوم السياسية أن توقيع اتفاق تطبيع مع المملكة العربية السعودية دون التوصل لاتفاق سلام مع الفلسطينيين يعني تنازلها عن مبادرتها للسلام، معتقدا أن هذا الأمر سيجعل المملكة تتمسك برفض توقيع أي اتفاقية مع إسرائيل دون تحقيق السلام أولا مع الفلسطينيين، باعتبار أن من رفض المبادرة إسرائيل، وهي تمثل الحد الأدنى من الحقوق العربية.
وتابع: "المملكة تبتعد تدريجيا عن المدار الأمريكي وتقترب من الدخول بشكل كبير في إطار التحالف الروسي الصيني، والذي بدوره يقوض الحضور الأمريكي وتأثيره على عدة ملفات بالمنطقة".
وقال الرقب: "أستبعد أن يكون هناك تأثير لأي ضغوط أمريكية على القيادة السعودية لدفعها للتوقيع على اتفاق سلام مع إسرائيل".
وعن دوافع نتنياهو، يرى الرقب بأنه يحلم بذلك لتخفيف الضغط الداخلي، إذ دائما ما يستعرض بصناعة التطبيع مع العرب، خاصة بعد الانتقادات التي واجهها من قبل المعارضة، عشية توقيع اتفاق مصالحة ما بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، برعاية الصين.
ورغم حديث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتواصل عن قرب تطبيع العلاقات بين بلاده والسعودية، إلا أن الرياض سبق وأكدت مرارا أن ذلك مشروط بحل الصراع مع الفلسطينيين، وفق محددات مبادرة السلام العربية التي طرحها الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز، عام 2002، والتي نصت على إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دوليا على حدود 1967 وعودة اللاجئين وانسحاب إسرائيل من هضبة الجولان المحتلة، مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل.