ودعت البعثة الروسية لدى الأمم المتحدة، المنظمة الدولية إلى اتخاذ خطوات ردًا على رفض الولايات المتحدة إصدار تأشيرات لصحفيين روس، كان يُفترض أن يرافقوا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في رحلته إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك، لتغطية فعاليات مجلس الأمن في إطار رئاسة روسيا له خلال الشهر الجاري، والمشارفة على نهايتها.
ويرى الصحفيون أن واشنطن باتت غير مؤهلة لاحتضان مقر الأمم المتحدة، وأنه بات من الضروري البحث عن بديل محايد لا يخضع لسيطرة الدولة، كما فعلت واشنطن التي أخرجت المؤسسة عن حياديتها عبر تحكمها فيها مرات عدة، حسب رأيهم.
وأكد الصحفيون أن الخطوة الأمريكية تكشف الأكاذيب والمزاعم التي استخدمتها واشنطن لسنوات لفرض هيمنتها على العالم.
أكاذيب واشنطن
في الإطار قال الصحفي الليبي، حسين مفتاح، إن الخطوة الأمريكية هي مفارقة كبيرة، وكشفت عن "أكذوبة الشعارات الأمريكية عن حرية الصحافة"، التي استخدمتها واشنطن مرارا للتدخل في شؤون الدول الأخرى، بل واستخدمت للإطاحة ببعض الأنظمة.
شعارات زائفة
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن رفض واشنطن منح تأشيرات للصحفيين الروس كشفت زيف الشعارات الخاصة بحرية الرأي والصحافة والتعبير، في إطار استثمار المبادىء لفرضها على شعوب وأنظمة، في حين أن الغرب يمارس عكس ذلك.
هل باتت واشنطن غير مؤهلة لاحتضان مقر "الأمم المتحدة"
وتابع "الخطوة الأمريكية تؤكد أن المنظمة الدولية (الأمم المتحدة) فقد مصداقيتها كمنظمة دولية تحت سطوة واشنطن، وخروجها عن الحيايدية، ما يعني أن الولايات المتحدة أصبحت غير مؤهلة لاحتضان المنظمة الدولية، وبات من الضروري التفكير في مكان بديل يتمتع بالحيادية لاحتضان مقر الأمم المتحدة، بعيدا عن البلطجة السياسية التي تمارسها واشنطن.
وشدد على أن واشنطن دأبت على استخدام نفوذها وقوتها لفرض الشروط على الدول والأنظمة وخلق بؤر التوتر في العالم، وضاعفت الأزمات بدلا من حلها.
فيما قال الصحفي الجزائري، نبيل كحلوش، إن رفض واشنطن إصدار التأشيرات للصحفيين في سياق حرب (فكرية ونفسية) على العالم بأسره، يمكن تصنيفه في خانة (الاحتكار الليبرالي الأخير لمفاهيم الإعلام وحرية التعبير).
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك" هذا مؤشر خطير جدا على قرب انهيار القلعة المفاهيمية، التي بنتها واشنطن طيلة العقود الماضية".
تناقض أمريكي
وتابع "أن حديث الولايات المتحدة الأمريكية عن حرية الصحافة ثم قيامها بأساليب عكس ذلك هو أمر ليس غريبا عن سياسة ليبرالية دأبت على اللعب على وتر التناقضات والسقوط في فخاخ تقزيم واختزال الأزمات، في مجرد شعارات وبروتوكولات لإرسال رسالة مفادها أن مكانتهم الدولية لم تتزحزح، في وقت يشهد العالم حالة عكس ذلك تماما، أي تزحزحا للأحادية وانبثاقا للتعددية".
حول انعكاسات الخطوة الأمريكية، قال إن" تأثير هذه الخطوة فسيكون شاملا على العمل الصحفي عالميا، أي يمكننا توقع ظهور ردود فعل عند النخب الإعلامية الكبرى لتحضير نفسها مستقبلا تجاه الانحرافات السلوكية للدول الغربية، وهذا قد يؤدي إلى مطالبتهم بضمانات قبل أي مشاركة في مثل هذه الفعاليات".
واستطرد "أيضا قد يؤدي لفقدان تحمس شريحة واسعة من الصحفيين للدفاع مجددا عن مواقف الفاعلين الليبراليين وعلى رأسهم أمريكا".
سلوكيات خطيرة
ومضى بقوله إن واشنطن"تؤكد بهذه الخطوة أن نخبتها الراهنة تقودها إلى سلوكيات خطيرة ومنحرفة جدا، تجعل مستقبلها غامضا في العديد من القضايا وتحوّل سياستها إلى طريق يتناقض فيه الفعل مع الشعارات الكلاسيكية، التي دأبت واشنطن على رفعها في المحافل الدولية".
وتابع "كان هناك طرح يرى بضرورة إيجاد مكان حيادي لمقر الأمم المتحدة.. وتعزز الطرح بعد الأزمة في أوكرانيا".
ووفق قوله: "اليوم بعد هذه الحادثة المتعلقة بمنع صحفيين روس من تغطية الفعاليات، أصبحنا متأكدين أن مؤسسات النظام الدولي (رهينة) و(مختطفة) من عصابة ليبرالية تسعى جاهدة لإخضاع العالم بالقوة للهيمنة الأحادية، وهذا يقتضي فعلا التفكير جديا في تحريك الرأي العام الدولي، للمناداة بضرورة تغيير المقار الرسمية لبعض المؤسسات الكبرى على غرار الأمم المتحدة".
سقطة أمريكية
قالت الصحفية الجزائرية سميرة فريمش رئيس القسم السياسي بجريدة النهار الكويتية، إن القوانين الدولية تمنح الحصانة والحماية للصحفيين للقيام بعملهم في تغطية الفعاليات بما فيها الحروب، وأن رفض واشنطن منح التاشيرات للصحفيين الروس يعد "سقطة كبيرة"، بعدما أسقطت الخلاف السياسي مع روسيا على الجانب الصحفي.
وأضافت في حديثها مع "سبوتنيك"، أن "الخطوة تؤثر بشكل كبير على عمل الصحفيين، حال حذو بعض الدول لنفس الخطوة، ما يجعل المعلومات الواردة من طرف واحد، ونحن نحتاج للرأي والرأي الآخر، في حين أن اقتصار المعلومة على طرف واحد يتعارض مع القانون الأمريكي وحرية الصحافة، التي تدعو لها الولايات المتحدة".
وتابعت"رفض واشنطن منح التأشيرات غير لائق من دولة دأبت على إصدار تقارير بشأن قمع الصحفيين في العديد من البلدان وعدم حرية عملهم، فيما اتخذت خطوة مغايرة مع صحفيين روس".
فيما قال الدبلوماسي العماني السابق السفير هلال السيابي، "أستطيع القول بأن الرأي العام العربي فقد ثقته بالأمم المتحدة بعد استخدام الولايات المتحدة للفيتو عشرات المرات لصالح "الكيان الإسرائيلي" وضد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني والشعوب الأخرى التي لا تمشي في الركاب الأمريكي".
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن الإجراء الأخير ضد الصحفيين الروس هو جزء من التهور الأمريكي ضد الآخرين، لكن المؤشرات تبشر بفجر جديد للدول والشعوب المقهورة.
ويرى أن الأزمة الروسية الأوكرانية هي العمود الفقري لتطلعات هذه الشعوب بكسر الهيمنة الأمريكية.