وبعد ما يقارب العامين وبعد توقيع الاتفاق الإطاري والاقتراب من تسليم السلطة للمدنيين، كانت الأزمة والحرب بين الدعم السريع والجيش السوداني والذي لا يزال يحصد المئات من السودانيين بين قتيل وجريح ويهجر الآلاف.
حول الأزمة الراهنة ومصير الصراع السوداني والمواقف الدولية والإقليمية ومستقبل السودان أجرت وكالة "سبوتنيك" المقابلة التالية مع السفير طارق كردي، رئيس تجمع السودانيين بالمنظمات الدولية وسفير السلام العالمي.
إلى نص المقابلة…
السفير طارق كردي، رئيس تجمع سودانيين بالمنظمات الدولية وسفير السلام العالمي
© Photo / Tarek Kurdy
بداية.. لماذا اشتعل الصراع في السودان بين رفقاء السلاح والسياسة.. وهل كان الأمر متوقعا؟
في البداية نعزي أسر الضحايا الذين فقدوا أرواحهم في هذه الحرب منذ اندلاع المواجهات المسلحة في 15 أبريل/ نيسان 2023 ونتمنى الشفاء للمصابين، ونطالب بتقديم المسؤولين عن الجرائم بحق المدنيين إلى العدالة.
إذا لماذا قامت الحرب؟
المواجهات التي تدور الآن في السودان كانت مؤجلة، حيث بدأ الخلاف بين الرجلين، الفريق أول عبد الفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة والفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع منذ فترة طويلة، وكانت هناك وساطات ومبادرات من عدد كبير من السياسيين والعسكريين ومن اللجنة الثلاثية والرباعية الدولية، جميعها كانت تعمل على تهدئة الأوضاع والخلافات بين الشخصين، نحن أمام جنرالين كلاهما لديه طموحات سياسية وعسكرية لن يتخلى عنها، حيث يقود حميدتي مليشيا كبيرة جدا من الدعم السريع، تضخمت وتوسعت في الآونة الأخيرة وبدعم كبير جدا من قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، الذي له طموحاته السياسية أيضا.
بالتالي اصطدمت طموحات الجنرالين، لأن المركب لا يحتمل قائدين، لذا كان لا بد من هذا الصدام وإن كان قد تأخر لبعض الوقت، وأعتقد أن القوات المسلحة أهملت موضوع الدعم السريع إهمال كبير جدا وتركته ينمو ويكبٌر ويتسلح، إلى أن أصبح يوازي القوات المسلحة في قوتها، وبالتالي انفجر الوضع عندما شعر الطرفان أن هناك تناقض كبير جدا بين طموحاتهم السياسية والتي تتمثل في الاتفاق الإطاري، حيث كان واضحا أن البرهان لا يرغب في التوقيع النهائي، وكان واضحا جدا أن الأمور سوف تنفجر، وفي المقابل يرى حميدتي أن طموحاته السياسية يمكن أن يتحقق جزء كبير أو يسير منها عبر الاتفاق الإطاري وكان البرهان يرى ذلك، لذا لم يكن هناك مفر من الصدام بين الاثنين.
الصدام كان حتميا كما تقول والآن اندلعت المواجهات.. كيف سيكون المشهد الأخير لهذا السيناريو؟
قوات الدعم السريع ولدت وترعرعت ونشأت في كنف الجيش برعاية النظام السابق، عمر البشير، وأسوأ ما قام به النظام السابق رغم مساوئه الكثيرة هو استخدام تلك المليشيات في حربه العبثية في دارفور، هذا الشيء هو الذي أدى إلى تمزق النسيج الاجتماعي ومآسي كبرى في دارفور نتيجة لاستخدام البشير لمليشيات قبلية مناطقية وقام بتربيتها كالأفاعي، وعندما كبرت تلك المليشيات (الأفاعي) كان أول من لدغته هو نظام عمر البشير.
وفي الوقت الحاضر وبعد سقوط البشير، كل قوات الدعم السريع التي كانت متواجدة بالخرطوم وجاء بها البشير لقمع المظاهرات السلمية ضد نظامه الذي سقط في أبريل 2019 ، في هذا التوقيت لم يكن قوام أو عدد تلك القوات يزيد عن 6 آلاف جندي، الآن هناك 60 ألفا من الدعم السريع فقط وبها 6 جيوش أخرى، جميعها جاءت إلى الخرطوم بموافقة القوات المسلحة التي لم يكن لها أي نظرة استراتيجية، بل رعت تطور وتنامي وتسليح قوات الدعم السريع، وبالتالي فإن قيادة الجيش والنظام السابق هم المسؤولون عما يجري الآن بين القوات المسلحة والدعم السريع والذي ستكون نتيجته تدمير كامل لهذا الوطن إن لم يتعاون الجنرالان ويحكموا صوت العقل و يوقفوا القتال.
أعتقد أنه لا توجد بوادر حل تلوح في الأفق بعدما حدث خلال الأيام الماضية من خروج قادة النظام المخلوع من السجن، وأرى أن الأوضاع سوف تسوء أكثر فأكثر.
هل تتوقع أن تكون هناك تهدئة وتفاوض بين البرهان وحميدتي وإمكانية تعاون الطرفان مستقبلا؟
لا يمكن القضاء على القوات المسلحة السودانية، كما لا يمكن القضاء نهائيا على قوات الدعم السريع، لنا في السودان خبرة طويلة في هذا المجال، الحكومة أو الجيش السوداني والذي كان يعمل بالتنسيق مع الدعم السريع هناك، لم يستطيعوا القضاء على أي من الحركات المسلحة، وبالتالي لا أتوقع أن تتمكن القوات المسلحة السودانية من القضاء كليا على الدعم السريع، في المقابل لن يستطيع الدعم السريع هزيمة المؤسسة العسكرية صاحبة التاريخ الطويل وتأثيرها في وجدان الشعب.
وحتى لو تحدثنا عن هزيمة الدعم السريع لن ينتهي الأمر لأننا نتحدث عن أشخاص يمكن أن يقودوا حرب عصابات ونعود إلى حروب عبثية طويلة الأمد، وإطلاق أسم التمرد على قوات الدعم السريع لا يعني عدم قابلية التفاوض معها، لأن هذا التمرد هو بين جيشين ضمهما تعاون وتحالف لفترة طويلة جدا، وكل منهما يعرف أدق التفاصيل عن الآخر من حيث نقاط القوة والضعف، وبالتالي فإن تلك الحرب إن لم نوقفها نحن كسودانيين فلن تستطيع أي جهة حسمها عسكريا خصوصا أنها تدور في المدن، بالتالي لا بد أن نصل إلى نقطة تجلس حولها الأطراف على طاولة المفاوضات وإلا ستكون هناك نتائج سيئة لا يمكن الحديث عنها الآن.
خروج قادة النظام السابق من السجون... ما تأثيره على المشهد الراهن في البلاد؟
الوضع في السودان اليوم يختلف كليا عما كان عليه قبل اندلاع الحرب في 15 أبريل/ نيسان 2023، ولا أشك أن خروج قادة النظام السابق كان بترتيب من قادة القوات المسلحة من بينهم البرهان والكباشي وياسر العطا المعروفين بانتمائهم إلى التيار الإسلامي وكانوا أعضاء في اللجنة الأمنية لنظام عمر البشير حتى اليوم الذي سقط فيه النظام، ومع ذلك ولائهم متجدد للحركة الإسلامية، وهم كعسكريين أعضاء الآن في مجلس السيادة، أي يمارسون دورا سياسيا، لكنهم يفتقرون إلى الغطاء السياسي والاستراتيجية والنظرة السياسية للأمور، لكنهم في نفس الوقت يمتلكون الغطاء والاستراتيجية العسكرية.
مشيرا إلى قادة النظام السابق الذين خرجوا من السجون يمتلكون خبرة سياسية كبيرة جدا منذ السبعينات، وإن كنا نختلف معهم ومع ممارساتهم السياسية السيئة، ومن بين هؤلاء، علي عثمان محمد طه ونافع علي نافع وعوض الجاز وأحمد هارون، وسوف يمثل هؤلاء الاستراتيجية والغطاء السياسي للعسكر الموجودين الآن، لكنهم لن يخرجوا إلى العلن كواجهة سياسية للبرهان وأتباعه، إنما سيكونون في الخلف يديرون هذا الأمر ويديرون الحرب، مما سيعقد الأمر تعقيدا كثيرا، لأن الشعب السوداني أجمع أن هؤلاء لا يمكن أن يعودوا إلى الواجهة و يحكموا السودان مرة أخرى، وهذا حدث عبر انتفاضة أو ثورة شعبية عارمة يعلمها الشعب السوداني والعالم أجمع.
إذا ما هو الدور الفاعل الذي يمكن أن يقوم به قادة النظام السابق في المشهد الراهن؟
لن يستطيعوا أن يكون في الواجهة لأنهم مرفوضين رفضا باتا، لكنهم سيعملوا في الخفاء، هذا التلاقح ما بين العسكريين وهؤلاء القادة السياسيين سوف يعقد الأمر في السودان تعقيدا شديدا، ولن تكون هناك جولة مفاوضات ما دام هؤلاء انضموا إلى الجيش والحرب، وبالتالي الأمور ستكون معقدة تعقيد كبير جدا.
كما قلتم أن الدعم السريع صنيعة الجيش والنظام السابق.. هل يمكن أن يلعب قادة النظام السابق دور الوساطة بين البرهان وحميدتي وما مصلحتهم في تأجيج الأوضاع؟
هناك اختلاف كبير وتصادم ما بين الرؤى السياسية للفريقين المتصارعين وتصادم ما بين الجنرال البرهان والجنرال حميدتي فيما يتعلق بالاتفاق الإطاري، الاتجاه الإسلامي يرفض رفضا باتا الاتفاق الإطاري، وهذا ما أدى إلى الصراع بين البرهان وحميدتي لأن حميدتي كانت تصريحاته واضحة وثابته، ولم تتزحزح أبدا أنه مع الاتفاق الإطاري وتسليم السلطة للمدنيين وذهاب العسكر إلى الثكنات، وهذا ما لا يريده البرهان، وهذا الاتفاق الإطاري هو ما لن تقبل به أبدا الحركة الإسلامية التي حكمت السودان 30 عام ويجعلها بعيدة تماما عن العمل السياسي في الفترة القادمة، والإسلاميين كانوا واضحين جدا في لقاءاتهم خلال إفطارات رمضان العديدة، أنهم لن يسمحوا أبدا أن يكون الاتفاق الاطاري ناجحا ويتطور إلى اتفاق سياسي نهائي، لأنه لا يخدم مصالحهم، لأن مصالحهم هى أن يعودوا لحكم السودان منفردين، وهذا أساس التصادم بين حميدتي والبرهان، ولن تستطيع الحركة الإسلامية أن تتوسط، لأنها طرف أصيل في هذا الصراع وهي التي قادت البرهان لهذه العملية.
برأيك لماذا لم يكن هناك أي دور للقوى السياسية والأحزاب في الصراع الدائر بين العسكر؟
القوى الثورية التي قامت بالثورة وأعني الشباب والكنداكات ولجان المقاومة، هؤلاء وأنا أقف معهم موقفا مبدئيا لا تنازع فيه أو حوله، تلك القوى لا تؤمن بالجنرالين (البرهان وحميدتي) ولن تقبل بأي منهما أن يقود السودان، وحتى إذا انتصر أحدهما انتصارا ظاهريا مثلا البرهان، هنا الثورة سوف تشتعل مرة أخرى و لن تخمد لكنها في حالة ترقب وقراءة للواقع الجديد الذي فرضته العمليات العسكرية والحرب الدائرة لأول مرة في العاصمة الخرطوم، والصدمة التي أحدثتها هذه الحرب، واستخدام الطيران والمدفعية والانتهاكات لحقوق الإنسان أمام أعين الناس.
ولفت إلى أن هذه الصدمة هي التي جعلت الثورة ربما تترقب وتنتظر وتقرأ الخارطة العسكرية الموجودة الآن ومن الرابح، أي من الطرفين إذا ربح الحرب ستكون الثورة ضده، الثورة لن تقبل بالبرهان ولا بـ حميدتي، الثورة تريد نظاما مدنيا ديمقراطيا يعيد للسودان السلام والحرية والعدالة.
ما قراءتكم لقيام غالبية دول العالم بسحب بعثاتها الدبلوماسية من السودان؟
أنا شخصيا ربما أكون واحدا من أكثر الناس الذين عاشوا في مناطق حروب، وواحدا من أكثر الناس الذين تعرضوا لإجلاء أو الإخلاء من هارجيسا في شمال الصومال ومن مقديشو العاصمة الصومالية، وأيضا فري تاون عاصمة سيراليون ومن مونروفيا عاصمة ليبيريا ومن كابول عاصمة أفغانستان، ما يعني أنني أدرك تماما وأعرف متى يتخذ صاحب القرار القرار السليم في حماية مبعوثيه من دبلوماسيين أو موظفين دوليين.
هناك أمران مهمان أولهما القراءة لما يدور، وهذه القراءة نتيجتها إما أن نبقى أو نخرج، فإذا قررنا البقاء هذا يعني أن الأمور ربما تتحسن، أما قرار الخروج فيعني أن قراءتنا للواقع العسكري والعمليات والمواجهات المسلحة، أنها تسير من سيئ إلى أسوأ وأعتقد أن كل الدول التي سحبت دبلوماسييها والمنظمات التي أَجلت موظفيها وصلت إلى قناعة أن الوضع في السودان يسير من سيئ إلى أسوأ، وقد ينفرد عقد الأمن وتتعرض البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية والأفراد الأجانب إلى مخاطر جمة.
بالتالي كان القرار لا بد من مغادرة السودان، وهذا يعني أمرين، أن ليس هناك بوادر لحل عسكري، وإذا استمر هذا الوضع فتسوء الأحوال هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية المجتمع الدولي الآن يبعد خطوة وخطوة أخرى عن السودان، وهذا يعني رسالة إلى السودانيين، أيها الشعب السوداني حلوا مشاكلكم لوحدكم، لأننا حاولنا كثيرا معكم وأنتم لا تريدون إيجاد حل لمشاكلكم، وأنا اقول نحن في السودان لدينا خبرة طويلة في التدخلات الأجنبية لإيجاد حلول لمشاكلنا وكلها باءت بالفشل، لأن تركيبة السوداني لا تحتمل التدخل الأجنبي في أموره الداخلية البحتة.
مثال في عام 1971 تم توقيع اتفاقية أديس أبابا للسلام بين جعفر نميري وقادة أنانيا ون بجنوب السودان في وقتها بوساطة إثيوبية، وبعد سنوات تفجرت الحرب مرة أخرى لأن الحل لم يكن سودانيا - سودانيا، وأيضا مباحثات السلام في أبوجا في نيجيريا، لم تؤد إلى سلام ونفاشا في كينيا أدت إلى فصل جنوب السودان، كل المباحثات التي استمرت ثلاث سنوات في الدوحة لإيجاد حل لمشكلة دارفور لم تحل مشكلة دارفور إلى يومنا هذا، الوساطات الآن رغم أنه أعرف تماما الرباعية والثلاثية، يعني نواياهم طيب لكن الشخصية السودانية تحتاج إلى أن تحل مشاكلها بنفسها، فقط تحتاج إلى الدفعة المعنوية لا اقول حتى تسهيل المفاوضات، لأننا نحن كسودانيين قادرون على تسهيل المفاوضات ولدينا خبراء كبار جدا بالآلاف في المنظمات الدولية يعملون في نفس مجال تسهيل المفاوضات ما بين الأطراف المتنازعة في أفريقيا وآسيا وغيرها من المناطق.
هل رصدتم تدخلات إقليمية أو دولية في الأزمة الراهنة سواء بالسلب أو الإيجاب؟
الوساطات الخارجية الإقليمية والدولية، إذا كانت بنية صادقة واعتراف كامل، واحترام لسيادة السودان واستقلاله ووحدة أراضيه، فهذا لا نرفضه، نعم هناك أطراف خارجية، إقليمية ودولية لها مصلحة في تأجيج الصراع ما بين الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية، لكن هذا الصراع بأيادي سودانية، هذه الدول التي لها مصلحة في تأجيج الصراع لم ترسل جندي واحد، هذا الصراع بين سودانيين ويجب أن نعترف بهذا ولا نعلق أخطاءنا ومشاكلنا على شماعة الآخرين، المتحاربين سودانيين والمقاتلين سودانيين ومن فقدوا أرواحهم في هذه الحرب العبثية سودانيين، المدنيين الموجودين سودانيين.
الآن الشوارع مليئة بالجثث والمستشفيات لا تعمل بطاقتها ولا بنصف طاقتها، أكثر من 50 مستشفى خرج من الخدمة في مدينة الخرطوم، البنية التحتية في مدينة الخرطوم ربما تمزقت، فلا توجد كهرباء ولا مياه ولا مشتقات نفطية، أسعار تذاكر السفر إلى مصر أو إلى الأقاليم السودانية الأخرى تضاعفت عشر مرات، كل هذا بأيدينا نحن السودانيون.
وبالتالي أنا لا أؤمن أبدا أن أي دولة تستطيع أن تؤثر علينا تأثيرا سلبيا لدرجة أن نتحارب فيما بيننا ونقتل بعضنا وندمر وطننا، هذا من عملنا نحن ولابد أن يكون هناك حل سوداني - سوداني.
احتجاز الجنود المصريين من قبل الدعم السريع في مروي... هل كان عفويا أم كان يحمل رسالة لأطراف بعينها؟
أنا لا أعتقد أن حميدتي بالغباء، الذي يجعله يذهب عنوة لاحتجاز جنود مصريين، هو يعرف ويدرك تماما أن لهذا الأمر ردود فعل محلية وإقليمية وعالمية دولية ضده إذا قام بهذا العمل، ولذلك أنا أعتقد أنه ذهب إلى مطار مروي ولم يكن القصد احتجاز الجنود المصريين في قاعدة مروي الموجودين حسب نص اتفاق بين الجيش السوداني والجيش المصري، لكن هو ذهب ليتمكن من مطار مروي وكان الجنود المصريون موجودين في هذا التوقيت بالقاعدة.
الدليل أنه لم يتصرف تصرف أحمق ضد الجنود المصريين، وإنما يعني سلمهم إلى الصليب الأحمر وتم إرجاعهم بكرامة إلى وطنهم، وكانوا موجودين في وطنهم الثاني السودان، في تقديري وقد أكون مخطئ أن حميدتي ليس بالغباء الذي يجعله يدخل في مواجهة مع مصر، هي مواجهة بالتأكيد خاسرة جدا بالنسبة له.
ماذا عن الوضع الإنساني وكيف يعيش الناس؟
الوضع الإنساني الآن في حالة مزرية و يجب أن لا ننظر فقط إلى المدن التي ما زالت فيها بعض المواد الغذائية متوفرة لكنها في طريقها إلى النفاذ، لكن ننظر إلى السودان أجمع، في دارفور وفي كردفان وفي شرق السودان وشمال السودان وفي النيل الأزرق وجبال النوبة ووسط السودان، حيث ان هناك عدد كبير جدا ومن خلال معرفتي التامة بهذا الملف، هناك حوالي 8 مليون شخص في السودان يعتمدون على المساعدات الإنسانية، من بينهم تقريبا 3 مليون سوداني نازح يعيش في مخيمات النزوح في داخل السودان، من بينهم أكثر من مليون لاجئ من إريتريا ومن إثيوبيا ومن جنوب السودان جميعهم موجودين في مخيمات ومعسكرات اللجوء، وهناك ما لا يقل عن 2 مليون سوداني يعتمدون في العلاج على المعونات من المنظمات الدولية التي تعنى بمجال الصحة، و ما لا يقل عن 2 مليون يعتمدون على المياه التي تقدمها المنظمات الدولية، إذا نحن على حافة وضع إنساني حساس جدا جدا إذا لم تتوقف هذه الحرب، الأرقام السابقة قبل اندلاع الصراع و تزايدت بصورة كبيرة في الوقت الراهن، نحن أمام كارثة إنسانية.
ما هى رسالتكم للداخل السوداني وللمجتمع الدولي؟
أدعو إلى الوقف الفوري الشامل لإطلاق النار دون قيد أو شرط، وتجميد أي تحرك أو انتشار عسكري من الطرفين والحفاظ على أمن وسلامة المواطنين، وأطالب بفتح مسارات آمنة للمواطنين والكوادر الطبية والإغاثة الإنسانية، وأدعو منظمات المجتمع المدني الوطنية والمنظمات الدولية بتقديم العون الإنساني للمحتاجين، وأقول إن خروج منظمات الإغاثة الدولية من السودان لا يمنع من توزيع الإغاثة عبر المنظمات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني، التي تستطيع أن تعمل في الداخل، وأطالب الطرفان الجلوس حول مائدة مستديرة سودانية- سودانية وبتسهيلات سودانية وبإشراف من الخبراء السودانيين لكي نصل إلى حل لهذا النزاع يفضي إلى وقف يمضي إلى سلام ويفضي إلى تكوين حكومة مدنية لفترة انتقالية لا تتعدى العامين، وببرنامج محدد للتجهيز للانتخابات بعد الفترة الانتقالية.
أجرى الحوار/ أحمد عبد الوهاب