وعلى الرغم من إعلان نتنياهو تأجيل قرار الإخلاء لزيادة التوتر، قال وزير المال الإسرائيلي سموتريتش إن المنطقة سيتم هدمها، ليس لكونها منطقة غير قانونية فقط، بل كونها منطقة استراتيجية بالنسبة لإسرائيل.
وطرح البعض تساؤلات عن الإصرار الإسرائيلي لهدم هذه القرية تحديدًا، وعن الأهمية الاستراتيجية التي تمثلها، وموقف المجتمع الدولي، وإمكانية نجاح السلطة في وقف القرار.
أهمية استراتيجية
اعتبر شرحبيل الغريب، المحلل السياسي الفلسطيني ورئيس منتدى العلاقات الدولية، أن حكومة نتنياهو تتعامل مع المشهد الفلسطيني على قاعدة حسم الصراع مع الشعب بالقوة، والخان الأحمر من القضايا الاستراتيجية التي تحتل مكانة لضم أجزاء كبيرة تحت السيطرة والسيادة الإسرائيلية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، مسلسل التهجير القسري للفلسطينيين لا يزال مستمرا ويندرج في ضمان تحقيق رؤية يهودية الدولة وخطة سموتريتش لحسم الصراع مع الشعب الفلسطيني، مؤكدًا أن الملف على طاولة حكومة نتنياهو.
ويرى الغريب أن السلطة في واقعها الحالي لا تمتلك أي أوراق قوة تشكل ضغط على حكومة نتنياهو لوقف تنفيذ برنامجها ضد الشعب الفلسطيني، سواءً في الخان الأحمر أو غيره من القضايا كالأقصى والضفة الغربية والاستيطان وحتى في المناطق المحتلة عام 1948، أصبحت رهينة واقع أمني تتحكم به إسرائيل بمنطق القوة فقط.
وفيما يتعلق بأهمية الخان الأحمر الاستراتيجية، قال الغريب إن بعد احتلال الضفة الغربية عام 1967، أقيمت على أراضي الخان الأحمر، مستوطنة إسرائيلية هي "معاليه أدوميم" وهي ثاني أكبر مستوطنة في الضفة الغربية لكن في محيطها تقطن عائلات فلسطينية بدوية وتزعم إسرائيل أن البناء فيها غير شرعي تحت ذريعة الأمن للمستوطنين.
ولفت إلى أن عين إسرائيل على هذه المنطقة بسبب أهميتها، مشددا على أن الفلسطيني والصمود على أرضه يعني أن الخان الأحمر قرية فلسطينية بدوية تقاوم فصل الضفة الغربية وتقف في وجه الاحتلال الإسرائيلي لمنع تنفيذ مشاريعها التهويدية.
ضغط دولي
بدوره قال زيد الأيوبي، القيادي في حركة فتح، إن حي الخان الأحمر يقطن فيه 1200 فلسطيني، ويقع على البوابة الشرقية لمدينة القدس، وهدف حكومة الاحتلال من إخلائه والسيطرة عليه هو عزل المدينة المقدسة عن محيطها العربي وتفريغها من مضمونها الفلسطيني، وإحلال مستوطنين وإسرائيليين مكانهم بشكل يخالف القانون الدولي.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، ما يحدث هو نوع من أنواع الاستيطان الإحلالي الذي يتعارض مع القوانين الدولية ومعاهدة جنيف الرابعة، التي جرمت الاستيطان وطرد السكان من منازلهم، وأوجبت على سلطات الاحتلال الإسرائيلي أن تؤمن مساكن السكان الذين يعيشون في الإقليم الذي يخضع للقوة الاحتلالية.
ولفت إلى أن المجتمع الدولي، ودول وازنة في الإقليم، وخاصة مصر والأردن، ضغطت على إسرائيل من أجل وقف قرار الإخلاء، وبسبب الضغوط وعدم وجود أجواء سياسية مؤاتية لإخلاء الحي، كلما طلبت المحكمة الإخلاء تطلب الحكومة تأجيل التنفيذ، مشددًا على ضرورة زيادة الضغط على حكومة نتنياهو، ودعم صمود سكان الحي، وتدويل قضيتهم والتركيز عليها إعلاميا، حتى يتم فضح سياسات الاحتلال والاستيطان الإجرامي.
وأوضح أن السلطة الوطنية الفلسطينية تتابع القضية منذ بدايتها في عام 2018، وتوجهت للمجتمع الدولي والقضاء ومنصات الأمم المتحدة، والدول الوازنة في الشرق الأوسط، وتواصل جهودا سياسية ودبلوماسية كبيرة من أجل الضغط على حكومة الاحتلال لوقف تنفيذ قرار الإخلاء، لكن المطلوب من المجتمع الدولي كله أن يترجم أقواله لأفعال فيما يتعلق بوقف دعم إسرائيل، ونبذ جرائمها ومعاقبتها على انتهاكاتها، خاصة جريمة الاحتلال الاستيطانية التي تمارسها بحق الشعب الفلسطيني.
يذكر أن أول قرار بإخلاء الخان الأحمر قد صدر عام 2018 لكن نتنياهو الذي كان يقود الحكومة آنذاك امتنع عن إخلاء القرية بسبب تمسك أهلها بها وتنظيم الفلسطينيين حملات اعتصام واسعة في المكان، وأيضا بسبب الموقفين الأمريكي والأوروبي المعارضين وحملة تضامن دولية واسعة، فيما تجنبت حكومة بينيت - لبيد إخلاء المنطقة خشية ردود الفعل الداخلية والدولية، وفقا للشرق الأوسط.
وتقول إسرائيل إن الأراضي المقام عليها القرية "أراضي دولة" تم البناء عليها دون ترخيص، وهو ما ينفيه السكان الذين يسكنون هناك منذ عشرات السنين.
ويمثل إخلاء الخان الأحمر المحاط بالمستوطنات الإسرائيلية أهمية كبيرة للمشروع الاستيطاني حيث يقع ضمن الأراضي التي تستهدف إسرائيل تنفيذ مشروع "E1" في إطارها، بهدف ربط مستوطنة معاليه أدوميم بالقدس الشرقية، وهي العملية التي يقول الفلسطينيون إنها تهدف إلى تهويد المدينة، وتقسيم الضفة الغربية إلى قسمين، ما يقضي عمليا على خيار "حل الدولتين".