وقال مراقبون إن إسرائيل تسعى لتصدير "فشلها الداخلي والخارجي" للضفة، فيما تنوع من هجماتها على الفلسطينيين في الضفة وغزة، بعد أن نجحت في تقسيمها وفصلهما عن بعضهما البعض، مشددين على ضرورة التدخل من أجل عقد مصالحة توحد كافة القوى السياسية الفلسطينية خلفها.
وفي اليومين الماضيين، قتلت إسرائيل ثلاثة فلسطينيين في نابلس، واثنين في طولكرم، في ظل غضب فلسطيني رسمي، وتوعد من المقاومة بالرد، وذلك بعد أيام من قصف إسرائيلي على غزة.
وأطلقت فصائل فلسطينية، الأسبوع الماضي، عشرات الصواريخ تجاه المستوطنات الإسرائيلية المحاذية ردا على وفاة القيادي بحركة "الجهاد الإسلامي" خضر عدنان في السجون الإسرائيلية إثر إضرابه عن الطعام لنحو 90 يوما متواصلة، دون تقديم الرعاية الطبية له.
ورد الطيران الإسرائيلي بقصف أهداف تابعة لحركة "حماس" في قطاع غزة، ما أسفر عن مقتل فلسطيني وإصابة 5 آخرين جراء الغارات.
تمزيق الصف الداخلي
في هذا السياق، اعتبر الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلوم السياسية والمستشار الفلسطيني في العلاقات الدولية، أن إسرائيل "نجحت في تمزيق الصف الداخلي الفلسطيني، سياسيًا وجغرافيًا، وتحييد قطاع غزة عما يجري في الضفة"، مؤكدًا أنها تدير الصراع بهذه الطريقة بسهولة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، ساهم الانقسام الفلسطيني "في تمادي إسرائيل وتهربها من استحقاقات التسوية السياسية التي تفرض عليه بموجبها الانسحاب"، معتبرًا أن إسرائيل تنفرد بالقدس تارة ونابلس والضفة وجنين تارة، وكذلك في غزة تارة أخرى.
وناشد السياسي الفلسطيني "الشرفاء والعقلاء لدى حماس والسلطة الفلسطينية بضرورة العمل الجاد على وحدة الصف الوطني"، مؤكدًا أن الشعب الفلسطيني "مستاء جدا من سلوك البعض بقيامه بالتحريض على السلطة وإثارة الفتنة، وخاصة بعدما كشفت الأنباء عن وجود مخطط لتنفيذ اغتيالات لقيادات السلطة في رام الله"، وفقا لقوله.
واعتبر شعث أن هذا الانقسام "لا يخدم سوى الاحتلال"، مؤكدًا أن إسرائيل "تنجح في عملياتها الإجرامية، وهجومها على الفلسطينيين في مناطق عدة، عبر هذا الانقسام وتحييد المناطق عن بعضها البعض".
وحدة مطلوبة
بدوره، اعتبر زيد الأيوبي، القيادي في حركة فتح، أن "مجزرة نابلس التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي أمس، والأخرى في طولكرم اليوم، تعكس عنهجية إسرائيل وإجرامها وتمسكها بسياسة القتل والتصفية الجسدية خارج إطار القانون، ما يشير إلى إدارة الظهر لكافة الاتفاقيات الموقعة مع السلطة الوطنية الفلسطينية برعايات دولية وإقليمية".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تصر إسرائيل على تصعيد الأمور في الضفة الغربية من أجل ترحيل وتصدير أزماتها الداخلية السياسية مع باقي أقطاب المجتمع الإسرائيلي، وذلك "عبر ارتكاب مجازر وتنفيذ عمليات اقتحام، وانتهاج نفس ذات السياسات العنصرية، وقرصنة أموال المقاصة التي تعود للسلطة، وغيرها من الإجراءات".
وأكد الأيوبي أن هناك "إصرارا إسرائيليا على ارتكاب المجازر والجرائم بحق الشعب الفلسطيني، وهو ما يدل على أن كيان الاحتلال لا يأبه بالمجتمع الدولي ولا يعطيه وقراراته أي أهمية، بل يضرب بعرض الحائط كل القرارات والمناشدات الدولية من أجل وقف التصعيد والتصرفات أحادية الجانب التي يقوم بها".
وأوضح أن تشييع جنازة قتلى نابلس شهدت لأول مرة رفع رايات فتح وحماس، في مشهد يؤكد أن ثمة ثقافة جديدة تطفو على السطح، ثقافة الوحدة الوطنية، وهي ما تم تجسيدها في ظل وقوف الشعب خلف المقاومة، باعتبار أن التوحد هو مطلب شعبي وليس فصائلي فقط.
ولفت إلى أن السلطة الوطنية "تضغط من خلال تواصلها مع المجتمع الدولي للضغط على الاحتلال للتراجع عن سياساته الإجرامية بحق الشعب"، مضيفا "يبقى أن نقول إن المجتمع الدولي عليه أن يتوقف عن سياسة الكيل بمكيالين، والتحرك لوقف إراقة دماء الفلسطينيين".
وقتلت القوات الإسرائيلية، شابين فلسطينيين خلال اقتحامها مخيم طولكرم في الضفة الغربية، اليوم السبت، وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية وفاة الشابين، نتيجة إصابتهما بالرصاص في الصدر والبطن.
وتأتي عملية طولكرم، بعد يوم من تشييع آلاف الفلسطينيين جثامين ثلاثة شبان قتلتهم القوات الإسرائيلية خلال اقتحامها البلدة القديمة في مدينة نابلس، شمالي الضفة الغربية.
وأدان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، "مقتل الشابين الفلسطينيين سامر الشافعي وحمزة خريوش، صباح اليوم السبت، برصاص الجيش الإسرائيلي في مخيم طولكرم بالضفة الغربية".
وحمل السلطات الاسرائيلية المسؤولية الكاملة عما وصفها بـ "الجرائم المروعة"، معتبرا أن "استمرار إسرائيل في ارتكاب جرائمها ناجم عن غياب المعايير الدولية الموحدة وشعور الجناة بالإفلات من العقاب".
وأكدت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، أن "جريمة الاحتلال الإسرائيلي في مخيم نور شمس بطولكرم لن تمر دون رد من شعبنا الفلسطيني ومقاومته".
وفي السياق، أعلنت فصائل العمل الوطني الإضراب الشامل في محافظة طولكرم، حدادا على الشابين اللذين أعدما بدم بارد من قبل قوات الإسرائيلية، حسب وصفها.
يذكر أن 110 فلسطينيين قتلوا برصاص الجيش الإسرائيلي منذ بداية العام الجاري، بينهم 20 طفلا، وسيدتان، وفقا لوكالة الأنباء الفلسطينية.
وتواجه الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، ضغوطا داخلية عنيفة، قد تفضي إلى انهيارها، تجلت بما في ذلك في خلافات عميقة بين نتنياهو ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الذي أعلن مقاطعة حزبه التصويت في الكنيست (البرلمان) احتجاجا على ما وصفه بالرد "الضعيف" على إطلاق الصواريخ من غزة.
كما تعيش إسرائيل على وقع أزمة سياسية خانقة، في ضوء سعي حكومة نتنياهو لتمرير خطة إصلاح القضاء وسط معارضة شرسة واستمرار التظاهرات للأسبوع الـ 18 على التوالي.
والخطة المثيرة للجدل، تشمل سيطرة الائتلاف الحكومي على لجنة تعيين القضاة، وسلب صلاحيات المحكمة العليا (أعلى سلطة قضائية)، ما تقول المعارضة إنه "انقلاب سلطوي" فيما يدفع نتنياهو بأن الهدف هو إعادة التوازن بين السلطات الثلاثة (التشريعية والقضائية والتنفيذية).