من يملك الحق في التدخل لإنهاء الحرب في السودان وتحقيق السلام؟

جاء التصعيد الأخير في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع ليضع الأزمة السودانية في منحنى خطير، يهدد مستقبل البلاد الذي يعاني الكثير خلال السنوات الماضية.
Sputnik
وفي الوقت الذي تنشط فيه الوساطات لوقف النزاع، لا يعرف أحد من أين سيأتي الحل، وهل سيكون عبر قوى دولية أو إقليمة أو عبر منظمات أممية.
وتقوم حاليا كل من مصر والسعودية والإمارات والولايات المتحدة وبريطانيا والأمم المتحدة والهيئة الحكومية الأفريقية للتنمية "إيجاد" والاتحاد الأفريقي بمبادرات وساطة لإنهاء الأزمة.

المبادرة السعودية

السبت الماضي أعلن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، إن ممثلين من الجيش وقوات الدعم السريع موجودون في مدينة جدة لإجراء محادثات، بعد وساطة دولية.
العدل والمساواة الجديدة بالسودان لـ"سبوتنيك": مفاوضات جدة مهامها "محددة" ولا تشمل وقف الحرب
والمبادرة السعودية الأمريكية تعد أول محاولة جادة لإنهاء القتال الدائر منذ 15 أبريل الماضي حيث دعت المملكة طرفي النزاع إلى الانخراط الجاد في محادثات ورسم خارطة طريق للمباحثات لوقف العمليات العسكرية، والتأكيد على إنهاء الصراع، وتجنيب الشعب السوداني التعرض للمزيد من المعاناة وضمان وصول المساعدات الإنسانية للمناطق المتضررة.
وهناك أيضا العديد من الجهات التي يمكنها تقديم الدعم والمساعدة في تحقيق السلام في السودان، من بينها

جامعة الدول العربية

ومن بين الجهات التي تسعى لوقف الصراع في السودان حيث اجتمع مجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين، في 2 مايو الجاري وجعا إلى الوقف الفوري لكافة الأعمال القتالية في السودان، دون قيد أو شرط، وتعزيز الالتزام بالهدنة، سعيا نحو عدم تفاقم الأوضاع الإنسانية والمعيشية للشعب السوداني، والحفاظ على مكتسباته وسلامة الدولة السودانية ومؤسساتها ومنشآتها.
وأدان المجلس استهداف المدنيين والمنشآت المدنية وبخاصة الطبية منها، وقتل المدنيين أيا كانت جنسياتهم، وحذر من مغبة وتداعيات تلك الأعمال التي تؤدي إلى زيادة حدة الصراع، وتعد انتهاكا خطيرا للقانون الدولي الإنساني.
ونوه الاجتماع بمبادرة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بصفته رئيس القمة العربية الحالية، والداعية إلى التفكير، وبشكل عاجل، في مسعى مشترك ومتكامل تضطلع فيه الجامعة العربية بدور رئيسي مع الأمم المتحدة والمنظمات ذات الصلة.
وزراء الخارجية العرب يتفقون في اجتماعهم الاستثنائي على مشروع قرار بشأن السودان
وأشاد بجهود الدول الأعضاء في الجامعة العربية ومبادراتها الخاصة بالهدنة، وبالنداء الإنساني الصادر بتاريخ 19 أبريل الماضي عن الأمين العام لجامعة الدول العربية بوقف إطلاق النار في السودان لتجنيب أهل السودان الوضع المأساوي الذي وجدوا أنفسهم فيه ولم يكونوا مسؤولين عنه ويتحملون أوزاره.
وقبل هذا الاجتماع وجه الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط نداء لعقد دورة طارئة، عبر تقنية التواصل السمعي البصري عن بعد، لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب برئاسة دولة قطر، ودورة طارئة لمجلس وزراء الصحة العرب برئاسة الجزائر.
والأحد الماضي أعلن وزير الخارجية المصري، سامح شكري "تشكيل لجنة اتصال بالجامعة العربية تعمل على وقف النار بالسودان"، مضيفا: "علينا أن نقيم العمل بمعايير المبادىء والموضوعية التي تخدم مصلحة الشعب السوداني".
وأرسلت القوات المسلحة السودانية وفدًا إلى جدة مساء الجمعة كجزء من المبادرة، وأعلنت أن النقاش سيتمحور حول وقف إطلاق النار للأغراض الإنسانية فقط، ولم تصدر أي تعليقات حتى الآن من قوات الدعم السريع. كما كشفت وثيقة صادرة يوم الجمعة أن بعض الدول، بقيادة بريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا والنرويج، يعتزمون طلب عقد اجتماع عاجل لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشأن الأزمة في السودان الأسبوع المقبل.

الاتحاد الأفريقي

للاتحاد الأفريقي دور مهم في تحقيق السلام في السودان، حيث يعمل على تعزيز الحوار بين الأطراف المتحاربة وتوسيع نطاق الحوار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
وفشلت محاولة الاتحاد الأفريقي في حل النزاع في الأيام الأولى، وجاءت مبادرة الهيئة الحكومية للتنمية "إيغاد" بعد اجتماع سابق عقد بين رؤساء دول المنظمة، حيث قام رؤساء دول جنوب السودان وكينيا وجيبوتي بمهمة تقديم حلول للنزاع السوداني، ولكن لم يتمكن الوفد من الوصول إلى الخرطوم بحجة عدم وجود أجواء آمنة، على الرغم من توفر وسائل أخرى للوصول إلى مدينة بورتسودان الساحلية سواءً بالطائرة أو البحر، وعملت "إيغاد" على تحريك عملية السلام بشكل بطيء، بهدف تمديد الهدنة وإجراء محادثات سلام بين طرفي النزاع.
طرفا الصراع في السودان يوافقان على مفاوضات من المحتمل عقدها في السعودية
وفي أبريل الماضي أعلن مكتب الرئيس الكيني ويليام روتو أن الهيئة الحكومية للتنمية قررت إرسال رؤساء كينيا وجنوب السودان وجيبوتي في أقرب وقت ممكن إلى السودان من أجل وضع حد للمعارك التي اندلعت بين الجيش وقوات الدعم السريع صباح السبت، وأوقعت عشرات القتلى والجرحى.
السكرتير التنفيذي لـ"إيغاد" ورقني قبيهو دعى للتضامن مع الشعب السوداني على وجه السرعة.

الفشل الأمريكي البريطاني

يظهر أن الولايات المتحدة وبريطانيا هما الطرفان الغربيان الأكثر نشاطًا في الرباعية الخاصة بالسودان، حيث يمارسان ضغوطًا قوية لإنهاء الاقتتال الحاصل في البلاد. وقد عقد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن اجتماعًا منفصلًا مع نظيره البريطاني جيمس كليفرلي على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع في اليابان الشهر الماضي.
وأكد بلينكن بعد الاجتماع أن محادثات الانتقال الديمقراطي في السودان كانت واعدة فيما يتعلق بتحقيق الانتقال الكامل نحو حكومة مدنية. وأضاف أن هناك وجهة نظر مشتركة لدى الحلفاء بضرورة وقف القتال على الفور والعودة للمحادثات، وأعرب عن قلقه تجاه استمرار القتال في السودان، مشيرًا إلى أن شعب السودان يرغب في عودة الجيش إلى ثكناته وفي تحقيق الديمقراطية.
لماذا أرسلت أمريكا سفينة حربية ثالثة إلى السودان
قام بلينكن بالتواصل مع السعودية والإمارات، اللتان تمثلان الدول العربية في الرباعية الخاصة بالسودان، حيث ناقش مع مسؤولي البلدين سبل إنهاء الأزمة الحالية في السودان. وأجرى محادثتين منفصلتين مع الفريق البرهان والفريق حميدتي، وأعرب فيهما، وفقًا للمتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل، عن قلقه البالغ إزاء مقتل وإصابة العديد من المدنيين السودانيين جراء القتال المستمر والعشوائي.
ورغم هذه المحاولات إلا أنها فشلت في تحقيق أي تقدم على أرض الواقع وما زالت العمليات العسكرية مستمرة.

محاولات داخلية

طرحت أحزاب سياسية وقوى مدنية ونقابات عمالية، في بداية الأزمة تشكيل "الجبهة المدنية لإيقاف الحرب واستعادة الديمقراطية"، أبرز هذه القوى "قوى إعلان الحرية والتغيير - المجلس المركزي"، و"تجمع المهنيين السودانيين" و"لجان المقاومة"، و"حركة وجيش تحرير السودان" جناح عبد الواحد محمد نور، مقابل هذه الجبهة تشكلت أخرى مكونة من الحركات المسلحة "حركة تحرير السودان" - جناح مني أركو مناوي، و"حركة العدل والمساواة" بقيادة جبريل إبراهيم، و"الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال" بقيادة مالك عقار، وفشلت هذه الأحزاب أيضا في وقف الحرب.
واشنطن: نسعى مع شركائنا لتشكيل لجنة للإشراف على مفاوضات بشأن السودان
ودفعت المعارك المتواصلة بين الجيش وقوات الدعم السريع الكثير من الدول إلى تكثيف جهودها لإجلاء رعاياها أو أفراد البعثات الدبلوماسية، برا وبحرا وجوا.
كما تسببت المعارك منذ 15 أبريل/ نيسان، بين الجيش وقوات الدعم السريع، وفق تقارير لمنظمة الصحة العالمية، بمقتل المئات وإصابة آلاف آخرين، بينهم عمال إغاثة، ودفعت عشرات الآلاف إلى النزوح من مناطق الاشتباكات نحو ولايات أخرى، أو في اتجاه تشاد ومصر.
مناقشة