روسيا تحتفل بالنصر على النازية "بوأد" تجلياتها العصرية

تقترب روسيا والعالم من الذكرى السنوية الثامنة والسبعين للانتصار على ألمانيا النازية فيما يعرف بالحرب الوطنية العظمى، أو الحرب العالمية الثانية، بعد أن قدم الاتحاد السوفييتي ملايين الشهداء لإنقاذ الإنسانية جمعاء.
Sputnik
ووقعت ألمانيا النازية على معاهدة الاستسلام في ليل 8 مايو/ أيار، أي في 9 مايو بتوقيت موسكو، حيث اعتمدت روسيا هذا التاريخ عيدا للنصر، ويوم عطلة رسمي ترافقه فعاليات عدة أبرزها الاستعراض العسكري المهيب في الساحة الحمراء حيث مقر الرئاسة الروسية (الكرملين) بحضور رئيس الدولة والعديد من الشخصيات السياسية الأجنبية.

بطولات سطرها الشهداء بدمائهم

يتميز يوم النصر في روسيا بهيبته وتقدير المواطنين لأرواح أسلافهم الذين قضوا نحبهم وخضبوا الأرض بدمائهم دفاعا عن وطنهم وحفظا للأجيال الحالية واللاحقة، إذ أنه وبغض النظر عن الجهة التي تدعي أنها صاحبة الفضل الأكبر في دحر النازية، فمظاهر الاحتفال لوحدها تفي بغرض تمييز المنتصر الحقيقي.

فلا يخفى على القاصي والداني أن روسيا (وهي وريثة الاتحاد السوفييتي) كان لها "حصة الأسد" من جثمان الرايخ الثالث، وقدمت أكثر من 26 مليون شهيد بين مدنيين وعسكريين في معارك شتى خلال هذه الحرب.

ملاحم "أيقونية" كتبها الجيش الأحمر بسطور من ذهب

وتضمنّت ملامح "لوحة النصر" معارك أساسية، كمعركة كورسك، ومعارك فك الحصار عن لينينغراد (سان بطرسبورغ حاليا)، ولكن معركة ستالينغراد (فولغاغراد حاليا) جسدت فصل الانتصار وفتحت بوابة برلين على مصراعيها تمهيدا لتحريرها من قبل الجيش الأحمر.
تمثال" تمثال الوطن الأم ينادي" في المجمع التاريخي لـ"أبطال معركة ستالينغراد"
ولم يكن ثمن النصر هذا زهيدا حيث قدم السوفييت خلال هذه المعركة الغالي والنفيس بواقع أكثر من مليوني شهيد بعد حصار دام 6 أشهر.

أطماع موحدة باختلاف الأزمنة والمسميات

وتعتبر ثروات روسيا وأراضيها الخصبة ومواردها الوافرة أحد أهم الأسباب التي دفعت الغزاة إلى محاولة اجتياحها، منذ المغول إلى نابليون إلى هتلر الى سعى إلى توطين الألمان في أراضي الاتحاد السوفييتي وإبادة الروس في عملية تطهير ديموغرافي بالإضافة إلى سلب آبار النفط في القوقاز.
وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي وحلف وارسو، واجهت روسيا أطماع الغرب الذي اتسعت رقعة انتشاره العسكري لتحاصر البلاد من كل حدب وصوب.
كوسترين
ولا يقتصر الانتشار آنف الذكر على حلف شمال الأطلسي، بل يشمل دولا خارج الحلف تحتضن قواعد عسكرية أمريكية كاليابان وكوريا الجنوبية أقصى شرقي البلاد، وهو ما ينافي مزاعم واشنطن وأتباعها حول سلمية نواياهم.

استفزاز روسيا "بدمية نازية"

ورغم كل تصرفات الغرب العدوانية حافظت روسيا على رباطة جأشها الدبلوماسية، حيث فتحت ذارعيها لكل الحلول السلمية المطروحة ولكل مساعي السلام، ولا سيما مع أوكرانيا التي أمعنت باضطهاد الروس والناطقين بالروسية بعد انقلاب عام 2014.

بادرت روسيا عن حسن نية بقبول العديد من مساعي السلام، التي كان أهمها اتفاقيات مينسك التي أماطت اللثام عن أهداف الغرب فيما بعد.

صحيفة: اعتراف ميركل بشأن أوكرانيا أظهر الموقف المنافق للغرب تجاه روسيا
إذ اعترفت المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل، في أواخر العام الماضي بأن اتفاقيات مينسك كانت محاولة لمنح نظام كييف النازي الوقت لبناء جيشه.

هتلر و"تناسخ الأرواح"

وأعاد التنكيل بالروس والهوية الروسية في أوكرانيا إلى أذهان المواطنين تصرفات النازيين الذين حاولوا إبادة الروس بالسلاح، فيما يحاول الغرب إبادة روسيا بالسلاح والقلم.
تفاصيل اغتصاب النازيين الأوكرانيين للسلطة وبطشهم بالاستقلاليين قبل 9 سنوات
إذ لم تقتصر إدارات الانقلاب الأوكراني المتوالية وآخرها إدارة زيلينسكي على قتل الروس في دونباس، بل امتد الإقصاء إلى حظر اللغة الروسية وهدم تماثيل الأدباء الروس العظام، وامتدت حمى "الروسوفوبيا" هذه إلى أوروبا حيث تم هدم النصب التذكارية لأبطال النصر السوفييت.
وسائط متعددة
النازية الجديدة تجوب أوكرانيا
لذلك فإن القيادة الروسية لا تطلق صفة "النازيين الجدد" اعتباطيا على نظام كييف ورعاته، حيث لا يخفى على القاصي والداني أن هتلر فكرة تقمصها الكثير من رجالات النخب السياسية في أوروبا.

كل يوم عيد نصر

وعلى الرغم من رمزية التاسع من مايو، إلا أن روسيا تنتصر كل يوم على قوى النازية حول العالم، فلطالما جسدت موسكو خط الكفاح البشري ضد الأنظمة الإلغائية بمعزل عن الغطاء الذي تستتر تحته، سواء أكان الديمقراطية أو التحرر أو ما شابه من شعارات رنانة.
العملية العسكرية الروسية الخاصة
سياسي أمريكي يؤكد انتصار روسيا "الحاسم" على "الناتو"
وبعد مرور أكثر من عام على العملية العسكرية الروسية الخاصة، يكرر الجنود الروس انتصارهم، والذي رغم ارتفاع تكلفته، إلا أنه يأتي بأكله ولو بعد حين.
المقال يعبر عن رأي كاتبه.
مناقشة