وطرح هذا الهبوط تساؤلات حول الأسباب التي أدت إلى تهاوي سعر الذهب محليا وهل يستمر؟ وما هي العوامل التي تتحكم في أسعار الذهب في مصر؟
وصل سعر غرام الذهب عيار 21 إلى 2360 جنيها بعدما كان 2800 جنيه قبل نحو 15 يوما، وجاء هذا الانخفاض بعد أيام من موافقة مجلس الوزراء المصري على إعفاء بعض واردات الذهب، الواردة للمنافذ الجمركية صحبة الركاب القادمين من خارج البلاد، من الضريبة الجمركية والرسوم الأخرى فيما عدا الضريبة على القيمة المضافة، وذلك لمدة ستة أشهر.
وتضمن القرار كذلك إعفاء واردات الذهب بأشكال نصف مشغولة، وكذا المُعدة للتداول النقدي والحُلي والمجوهرات وأجزائها من معادن ثمينة، وإن كانت مكسوة أو مُلبسة بقشرة من معادن ثمينة، والتي ترد بصحبة القادمين من الخارج، من الضريبة الجمركية والرسوم الأخرى فيما عدا الضريبة على القيمة المضافة، وذلك لمدة ستة أشهر.
وهو الاقتراح الذي سبق واعتبر مسؤول بوزارة التموين والتجارة الداخلية في مصر أنه سوف يساهم بقوة في استقرار السوق ويعد مفتاحا لحل الأزمة الاقتصادية، وأوضح أن توفير الذهب في البلاد من شأنه أن يساعد بصورة كبيرة في توفير العملة الصعبة.
من يتحكم في أسعار الذهب؟
يعد الذهب الأصل المالي الأكثر شهرة وجاذبية في العالم، ويتمتع بشعبية واسعة بين ملايين الأشخاص حول العالم.
ويضع خبراء الاقتصاد ثلاث قواعد يؤكدون أنها تتحكم في أسعار الذهب، وتأخذ هذه القواعد في الاعتبار يومياً عند تحديد الأسعار، وتتضمن هذه القواعد عامل العرض والطلب، وسعر أوقية الذهب عالمياً، والتغيرات التي تحدث في سعر العملة الأمريكية في مصر.
يعتبر الذهب بشكل عام استثماراً آمناً خلال فترات تراجع الأسواق، حيث يمكن أن يواجه الاقتصاد والأسواق تقلبات نتيجة لعدة عوامل، ومن بينها التغيرات في قيمة الدولار ومؤشرات العملات الأخرى، والتغيرات في أسعار الفائدة، والسياسات النقدية التي يحددها البنك المركزي، والمخاوف من التضخم أو ارتفاع معدلات التضخم، والتوترات التجارية والسياسية بين الدول، وعدم اليقين الاقتصادي والسياسي في العالم، وبالتالي، يستخدم الذهب كوسيلة للحفاظ على القيمة وحماية الاستثمارات خلال هذه الفترات التي تشهد تقلبات اقتصادية وسياسية.
ويعود اهتمام المصريين وزيادة إقبالهم على الذهب إلى الأزمة الاقتصادية العالمية وتداعياتها التي ترتبت على الاقتصاد المصري وأدت إلى تراجع قيمة الجنيه المصري. ولحفظ قيمة مدخراتهم، اختار المصريون شراء الذهب الذي يعدّ استثماراً آمناً. ونظرًا لنقص المعروض واختلاف الأسعار من محل لآخر، فقد زاد الطلب على المعدن الأصفر.
وفي تصريحات صحفية سابقة، قال الدكتور ناجي فرج، مستشار وزير التموين لشؤون صناعة الذهب، إن هناك نقص في المعروض من الذهب بالمقارنة مع الإقبال الكبير على شراء الذهب، مما أدى إلى ارتفاع مزعج في أسعار الذهب خلال الفترة الماضية.
وأشار إلى أن الارتفاع في أسعار الذهب كان كبيراً لدرجة أن السعر ارتفع من 1900 جنيه إلى 2750 جنيه في ثلاثة أشهر.
وتابع فراج أن توفير الذهب داخلياً سيساهم في استقرار سوق الذهب، (بعد قرار الحكومة الأخير) لأن الذهب هو العملة العالمية المعتمدة في جميع أنحاء العالم، مؤكدا أنه "لا يمكن تغيير الأسعار بالقوة، ولكن المعروض والطلب على الذهب هما العوامل التي تحدد الأسعار، وكلما زاد المعروض انخفضت الأسعار".
لماذا انخفض مؤخرا؟
تتحكم بعض الأسباب في انخفاض سعر الذهب مؤخرا أهمها ضعف الطلب عليها بشكل كبير مؤخرا، وقال هاني ميلاد، رئيس شعبة الذهب بغرفة القاهرة التجارية، في تصريحات صحفية، إن الانخفاض "جاء نتيجة زيادة المعروض من الذهب بعد قرار الإعفاء الجمركي من الذهب وهو ما خلق حالة تخوف من انخفاض السعر فاتجه الكثير إلى البيع".
وأكد أن هناك تراجعا كبيرا في عمليات شراء الذهب، "وهو ما يعني انخفاض الطلب على الذهب بما ساهم في انخفاض الأسعار".
ولفت إلى أن "الأسعار الحالية مناسبة للشراء" لكنها لن تستمر لفترة طويلة قبل أن يعود للارتفاع خلال الفترة المقبلة، بحسب ميلاد.
وكذلك قال نادي نجيب، سكرتير عام شعبة الذهب بغرفة القاهرة التجارية سابقا، إن تراجع الأسعار في الوقت الحالي "جاء نتيجة حالة ارتباك في السوق المحلي دفعت بعض المستثمرين للبيع، وامتنع الكثير عن الشراء مما ساهم في زيادة المعروض من الذهب".
ووفقا لإيهاب واصف، نائب رئيس شعبة الذهب في الغرفة التجارية المصرية، إن الارتفاعات الأخيرة في أسعار المعدن الأصفر لم تكن مبررة أو طبيعية، إنما كانت سلوكا شخصيا للمواطن نتيجة مخاوف مرتقبة.
وأضاف في اتصال مع "سبوتنيك"، اليوم الأحد، أن ما شهده سوق الذهب خلال الشهور الماضية لم يكن مستندا لأوضاع طبيعية أو مبررات حقيقية على الأرض، وإنما الأمر يتعلق بتدافع المواطن المصري على عملية شراء الذهب، الأمر الذي خلق نوعا من الطلب الكبير على الذهب في ظل العرض المحدود بالنسبة للطلب، ما جعل الأسعار تصعد بشكل غير طبيعي.
وأشار واصف إلى أن ما حدث خلال الأيام الماضية من انخفاض في الأسعار كان نتيجة وجود كمية كبيرة من الذهب خفّضت من الفارق الكبير بين العرض والطلب سواء على المشغولات أو السبائك الذهبية، هذا الأمر أدى إلى زيادة المعروض مع ضعف "الكاش" في السوق، ما قاد بلا شك إلى انخفاض الأسعار الذي نشهده حاليا.
وأوضح نائب رئيس شعبة الذهب أن السوق المصري شهد بالأمس تذبذبا كبيرا في الأسعار في ظل العطلات المحلية والدولية، حيث أن البورصة العالمية مغلقة وأيضا البنوك المصرية، لكن من تحكم في الأسعار تحديدا خلال الساعات الماضية هو (الكاش)، وهو كمية السيولة النقدية الموجودة بالأسواق.
ونوه واصف إلى أن يوم غد الاثنين وهو بداية التعاملات في الأسواق الخارجية سوف يكشف الأوضاع الحقيقية للأسعار عالميا وبالتالي يمكن الاسترشاد بها لمعرفة توجهات الأسعار في الداخل المصري، لأننا كما قلنا أن تلك الارتفاعات غير مبررة وغير طبيعية، ما يعني أن الوضع الراهن ليس ناتجا عن استقرار أو إجراءات طبيعية.