ويصنف القرن الخامس عشر بأنه أحد أسوء فترات العبودية في التاريخ كونها اتخذت مظاهر أكثر وحشية مع اكتشاف الغرب لأفريقيا.
تنص المادة الرابعة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه "لا يجوز استرقاق أي شخص أو استعباده؛ يحظر الرق وتجارة الرقيق بجميع أشكالها".
وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في كلمته بمناسبة اليوم الدولي السنوي لإحياء ذكرى ضحايا الرق وتجارة الرقيق إن "آثار العبودية لا تزال موجودة في حياتنا اليومية".
وأوضح بأنه "لا تزال آثار العبودية ظاهرة في التفاوتات المستمرة في الثروة والدخل والصحة والتعليم والفرص".
وصادقت أكثر من 175 دولة على بروتوكول الأمم المتحدة لمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص أو انضمت إليه، والذي يحدد الاتجار بالأشخاص ويتضمن التزامات بمنع ومكافحة الجريمة.
ماذا تعني العبودية الحديثة؟
تختلف العبودية الحديثة عن العبودية التقليدية، فقديما كانت نظاما سائدا في حياة كل الشعوب القديمة تقريبا، وكان العبيد جزءا لا يتجزأ من المجتمع، بسبب ضرورة وجودهم في الحياة الاقتصادية.
وفي القرن 15، بدأت عمليات الاسترقاق الوحشي بعد اكتشاف أوروبا لأفريقيا، فأخذ ملايين الأفارقة كرها من بلادهم إلى أوروبا وأجبروا على العمل وبيعوا في الأسواق.
وعرفت العبودية التقليدية بأنها الوضع الذي يمتلك فيه الإنسان إنسانًا آخر غيره، ويحرمه من حق الحرية الذي هو حق لازم لجميع البشر. وعرفت أيضا بأنها عملية امتلاك الإنسان المستأثر بالموارد الاقتصادية مثل الأرض والحيوان وبالقوى البشرية العاملة التي يحتاجها للقيام بمهمات تتجاوز قدراته.
وكانت هناك محاولات عدة للقضاء على نظام العبودية في أوروبا من خلال عدد من السياسات القانونية والإدارية والدينية، وبالفعل صدرت قوانين لإلغاء العبودية، وانتهى مسمى عبد من القوانين والدساتير، إلا أن هذا على أرض الواقع لم ينه وجود العبودية، يتم إحياء اليوم الدولي لإلغاء الرق كل عام في 2 كانون الأول/ديسمبر، وهو يمثل تاريخ اعتماد الجمعية العامّة لاتفاقية الأمم المتحدة لقمع الاتجار بالأشخاص واستغلال بغاء الغير. ودخلت الاتفاقية حيّز التنفيذ عام 1951.
ولا يوجد تعريف واحد متفق عليه بشأن العبودية الحديثة في المصطلحات الدولية، وهي مختلفة نوعا ما عن مثيلتها التقليدية إذ تتمثل في الاستعباد بسبب الدين، أو العمل القسري، ويشير إلى أنماط استغلال الناس التي أي العمل الذي يجبر الناس على القيام به رغماً عن إرادتهم، وعبودية الديون، وهي الوضع الذي يضطر الناس فيه إلى العمل من أجل سداد الديون المتراكمة عليهم، والعبودية المتوارثة، وهي الوضع الذي يولد فيه الناس في ظل العبودية ويعاملون كممتلكات شخصية، بالإضافة إلى الزواج القسري، وهو الزواج الذي يتزوج فيه شخص ضد إرادته وليس بإمكانه تجنبه، أو قيام العائلة أو الزوج أو العائلة بتداول المرأة ونقلها مقابل المال أو ضمن طقوس وعادات مختلفة، أو استغلال الأطفال واستخدامهم كمادة للبيع والشراء.
وكذلك هناك العبودية المنزلية، وهذه ليست عبودية دائماً، لكن خدم المنازل الذين يتعرضون لسوء المعاملة والاستغلال خلف الأبواب المغلقة يصنفون في هذه الخانة.
وكذلك يشير المفهوم نفسه إلى كل نماذج الاستعباد وتطبيقاته الحديثة، مثل: الاتجار بالبشر، والاتجار بالنساء خاصة لاستغلالهن جنسيا، والأنشطة الاستعمارية المتعلقة بالعنصرية، فكل ذلك مما يتضمنه مفهوم العبودية الحديثة.
ضحايا العبودية الحديثة
بحسب تقرير أممي صدر في سبتمبر/أيلول الماضي، قال إن نحو 50 مليون شخص يعيشون في عبودية حديثة من بينهم 28 مليون شخص يمارسون العمل القسري و22 مليون في حالات الزواج القسري.
ومقارنة بالتقديرات العالمية لعام 2016، كان هناك 10 ملايين شخص آخرين يخضعون للعبودية الحديثة في عام 2021، مع تعرض النساء والأطفال، بشكل غير متناسب، للخطر.
ويشمل القطاع الخاص على 86% من حالات العمل القسري، ويمثل الاستغلال الجنسي القسري التجاري 23% (نحو أربعة من كل خمسة ضحايا هن من الإناث)، ويمثل العمل القسري الذي تفرضه الدولة 14%، (واحد من كل ثمانية منهم طفل أي 3.3 مليون طفل، أكثر من نصفهم يتم استخدامهم لأغراض الاستغلال الجنسي التجاري).
وبحسب الأمم المتحدة، يمكن العثور على أكثر من نصف مجموع العمالة القسرية وربع حالات الزواج القسري في البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا، أو البلدان ذات الدخل المرتفع.
والعمال المهاجرون معرضون بشكل خاص لهذا النوع من العبودية، وهم غالباً أشخاص من البلدان الفقيرة يتم توظيفهم للعمل في الخارج في قطاعات مثل البناء والزراعة وصناعة الملابس والأعمال المنزلية، ثم يتم تقييدهم بتلك الوظائف ولا يمكنهم السفر إلى ديارهم.
العبودية في بريطانيا
تعرف حكومة المملكة المتحدة العبودية الحديثة على أنها تشمل "أي شكل من أشكال الاتجار بالبشر أو العبودية أو الاستعباد أو العمل القسري، كما هو منصوص عليه في قانون العبودية الحديثة لعام 2015".
كشف وزارة الداخلية البريطانية عن أنه تم الإبلاغ عن احتمالية تعرض 4746 شخصا للعبودية الحديثة خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى مارس/آذار 2023، ما يعد ارتفاعا كبيرًا في الأعداد مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وهو أعلى عدد مسجل منذ عام 2009.
بحسب بيانات الحكومة البريطانية، التي أعلنتها في مارس الماضي، حول حالات العبودية الحديثة لعام 2022، أكدت أنه تم الإبلاغ عن احتمالية تعرض 16938 حالة، للعبودية الحدبث، مسجلة زيادة بنسبة 33% مقارنة بأرقام العام السابق 2021.
ووفقًا للإحصاءات الحكومية، كان المواطنون الألبان في المرتبة الأولى من حيث نسبة الضحايا في العام 2022، تلاهم مواطنو المملكة المتحدة، وثم المواطنون الإريتريون في المرتبة الثالثة، ولكن في الربع الأول من عام 2023، ارتفعت نسبة المواطنين الألبان لتصل إلى ما يقارب الثلث 31% من مجموع الضحايا، حدث تغيير في الترتيب مقارنة بأرقام عام 2022، إذ أصبح المواطنون السودانيون المجموعة الثالثة الأكثر تضررًا، في حين استمر المواطنون البريطانيون في المرتبة الثانية.
العبودية في أمريكا
تقول تقارير حديثة إن هناك قرابة 400 ألف شخص يعيشون في ظل "العبودية الحديثة" في الولايات المتحدة الأمريكية، ويتضمن ذلك العمل القسري الذي تفرضه الدولة، وكذلك الاستعباد الجنسي والزواج القسري.
وهناك اتهامات للحكومة الأمريكية بالتورط كوسيط في تهريب الأطفال المهاجرين عبر الحدود إلى المكسيك للعمل القسري، ووفقًا لإحصاءات جمارك وحماية الحدود، عندما يتم العثور على أطفال مهاجرين على الحدود، يتم نقلهم إلى خدمات الرعاية الصحية والإنسانية ويتم دمجهم مع كفيل - وهو عادةً أحد الوالدين أو أحد أفراد الأسرة الذين يوجدون بالفعل في الولايات المتحدة.
وأفادت الوكالة أنها لم تستطع الاتصال بأكثر من 85 ألف طفل مهاجر غير مصحوب بذويه، وورد أنه تم الإبلاغ عن تجاهل مسؤولي الإدارة لعلامات نمو "متفجرة" في عمالة الأطفال، وتم إجبار بعضهم على العمل بشكل قسري لتسديد الديون للمهربين، وعملوا في ظروف قاسية.