مطالب حزبية
في مقدمة هذه الأحزاب وبعد تنديد البرلمان الأوروبي منذ أيام بما وصفه بـ "التضييق على حرية الرأي والصحافة"، دعت حركة مجتمع السلم إلى مراجعة جادة وعاجلة لبنود اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.
واعتبرت الحركة بحسب بيانها، لائحة البرلمان الأوروبي الصادرة بأنها تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية للجزائر.
يقول البرلماني الجزائري بريش عبد القادر، إن الدعوة لمراجعة اتفاقية الشراكة هي قائمة تدعمها كل مستويات في الجزائر بداية من الدعم الرئاسي للخطوة، كما جاء على لسان الرئيس عبد المجيد تبون في فترات سابقة.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن الاتفاقية كانت لصالح الاتحاد الأوروبي، وأن بلاده لم تصدر نحو أوروبا سوى بنحو 15 مليار دولار، وتكبدت نحو 30 مليار دولار، إثر الاتفاقية الموقعة.
ولفت إلى أن الدعوة لصياغة الاتفاقية باتت ذات أولوية في الوقت الراهن للحفاظ على علاقة"رابح-رابح" للطرفين وتقوم على أساس احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للجزائر.
من ناحيته قال الباحث الجزائري نبيل كحلوش، إن الجزائر بدأت بصياغة ملامح جديدة في علاقتها المؤسساتية مع الاتحاد الأوروبي تعزز مسار مراجعة اتفاقية الشراكة التي دخلت حيز التنفيذ في العام 2005.
وأضاف" العلاقة الثنائية بين الجزائر والاتحاد الأوروبي منذ دخول اتفاق الشراكة حيز التنفيذ في 2005م، باتت تثير الكثير من الجدل، سواء المتعلق بسياقها أو بنودها أو مخرجاتها.
بنود مجحفة
يوضح في حديثه مع "سبوتنيك"، أن الاتفاقية " تستند على 110 بندا موزعة على 9 محاور، 6 ملاحق و7 بروتوكولات. يعتبر أكبر محور في الاتفاقية هو المحور الثاني الموسوم بـ"حرية تنقل البضائع" أين يضم 23 مادة".
واستطرد:"هذا المحور لوحده يرتبط بخمسة ملاحق من الملاحق الستة. وقد وُضعت لأجله أيضا ستة بروتوكولات، ومن بين ثمانية أبواب للبروتوكول السادس تم تخصيص أربعة أبواب مخصصة فقط لتنظيم مواد المحور الثاني المتعلق بحرية تنقل البضائع".
ويرى أن دلالة البنود الاسبق هي إحصائية ومنطقية على تكريس البعد (الليبرالي) في الاتفاقية أولا، و(الرؤية التجارية) البحتة للاتحاد الأوروبي في هذا الاتفاق ثاني، مما يعني أن كل ما يهم الاتحاد هو جعل الجزائر مجرد سوق استهلاكية على ضفاف جنوب المتوسط.
وتابع :"الدليل على ذلك هو التقييم الذي تم القيام به بين الطرفين سنة 2015، حيث أن ما استوردته الجزائر في عقد واحد بين 2005 و2015 ناهز 200 مليار يورو، في حين أن الجزائر لم تصدّر نحو أوروبا خارج المحروقات في الفترة نفسها إلا أقل من 20 مليار أورو".
نقاط الخلل
وفق الباحث الجزائري فإن نقاط الخلل تعود إلى "الظرف الجيوبوليتيكي للجزائر بعد فترة الحرب الأهلية مما جعلها تدخل الاتفاقية من موقف أضعف سعيا منها لفك العزلة الدولية"
وكذلك نقص خبرة المفاوضين الجزائريين آنذاك، وتصعيب الاتحاد الأوروبي لمسار دخول السلعة الجزائرية لأوروبا عبر وضعه لعقبات أمام التفكيك الجمركي والمعايير.
ويرى أن سبب عدم إقدام الاتحاد الأوروبي على أي خطوات جادة يعود إلى استفادته من مثل هذه العلاقة التجارية المختلة لصالحه.
تحركات جزائرية
بشأن الخطوات التي اتخذتها الجزائر في إطار السعي لإعادة صياغة الاتفاقية، قال الباحث إن الجزائر" تتخذ خطوات للأمام بعد أن دعى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون سنة 2021 بشكل رسمي لمراجعة الاتفاقية، ثم قيامه بطرح القضية في الثلث الأول من سنة 2023 وجها لوجه مع مسؤول الشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الذي قام بزيارة للجزائر آنذاك".
تحرك رسمي
وفي مارس/ آذار الماضي، طلب الرئيس الجزائري من وزير التجارة في البلاد إعادة تقييم ملف الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي.
وقالت الرئاسة الجزائرية، في بيان، إن الرئيس عبد المجيد تبون طلب من وزير التجارة من كمال رزيق "إجراء تقييم ... لملف اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، الذي يجب أن يحظى باهتمام خاص، مؤكدا على مصالحنا في إقامة علاقات متوازنة" ، بحسب بيان رسمي.
وأكد البيان على أن اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي يجب أن يكون محل عناية خاصة تسمح بترقية مصالح الجزائر من أجل علاقات متوازنة
ووقعت الجزائر والاتحاد الأوروبي في 2005 اتفاقا للشراكة، لكن خبراء وسياسيين جزائريين، بينهم وزير التجارة الحالي كمال رزيق، دعوا إلى إعادة النظر في هذه الاتفاقية بدعوى أنها غير متوازنة وتضر بمصلحة الجزائر.
وقال البرلماني الجزائري علي ربيج، إن ملف "الشراكة الجزائرية-الأوروبية" من الملفات المهمة للجزائر.
الجدل حول ملف الشراكة مستمر منذ العام 2021، لكن أوروبا تماطل دون النظر بجدية في مطلب الجزائر، في الوقت الذي تكثف فيه من الزيارات للحصول على إمدادات غاز إضافية.
يوضح البرلماني الجزائري في تصريحاته السابقة لـ"سبوتنيك"، أن اتفاقية "الشراكة" الموقعة منذ أكثر من 20 عاما، جاء على حساب الجزائر واستفادت منه أوروبا بشكل فردي دون مراعاة أحقية بلاده في استفادة متبادلة.
ومنذ فترة تطالب الجزائر بضرورة مراجعة اتفاق الشراكة الموقع مع الاتحاد الأوروبي، بسبب عدم استفادتها منه.
وفي وقت سابق، علقت الجزائر معاهدة "الصداقة وحسن الجوار والتعاون" التي أبرمتها عام 2002 مع إسبانيا، بعد تغيير مدريد موقفها بشأن الصحراء الغربية.
وعقب التعليق أصدر الاتحاد الأوروبي بيانا حذر فيه الجزائر من تداعيات القيود التجارية التي تفرضها على إسبانيا.