وتحت عنوان "تقييم الوضع في إسرائيل بعد عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية: "سنواصل مهاجمة الإرهاب"، كتب المراسل الدبلوماسي لصحيفة "يديعوت أحرونوت" إيتمار آيخنر، اليوم السبت، مقالا تحليليا تطرق فيه لمخاوف إسرائيل من تلك الخطوة.
يقول آيخنر: "في إسرائيل، تتم متابعة عودة سوريا إلى الجامعة العربية باهتمام كبير، وأخيرا جرت مناقشات حولها في جميع الأجهزة الأمنية".
وأضاف: "تنضم عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية إلى تطورات مقلقة إضافية من وجهة نظر إسرائيل في المنطقة، بما في ذلك استئناف العلاقات السعودية الإيرانية والتقارب بين تركيا وسوريا".
ومضى المحلل الإسرائيلي بقوله: "من ناحية أخرى، هناك مسؤولون كبار في إسرائيل يعتقدون أن هذه التطورات ليست بالضرورة سلبية، وصرحوا بأنه من المبكر جدًا تقييم أهميتها".
وتابع: "الاتفاق السعودي الإيراني، على سبيل المثال، يركز فعليًا على الحرب الداخلية في اليمن، ولإسرائيل مصلحة واضحة في عدم تصعيد هذه الحرب، وعدم تحول اليمن إلى مصدر عداء آخر تجاه الغرب وإسرائيل".
وقال إنه بالنسبة لسوريا فإن السؤال هو: ما هو اتجاه الرئيس بشار الأسد بعد إعادة وضعه كزعيم شرعي لبلاده؟ "إذا كان اتجاهه هو تقليص اعتماده على إيران وحزب الله، فهذا تطور إيجابي. إذا اختار أن يظل ملتزمًا بالمحور الراديكالي، فإن الدول المستعدة الآن لقبوله مرة أخرى في أحضانها - السعودية ومصر وقطر في المقدمة - ستعود لترى فيه ما رأته فيه في العقد الماضي".
ومضى آيخنر بقوله: "في إسرائيل هناك من يعتقد أن عودة سوريا إلى الجامعة العربية لا تهم كثيرا، لأنها هيئة أصبحت غير ذات صلة. من ناحية أخرى، فإن عودة دمشق إلى أحضان جامعة الدول العربية قد تجعل الأمر صعبًا على إسرائيل على المدى الطويل وتضر بحرية عملها في سوريا".
وقال: "التقدير في إسرائيل هو أن هذا تطور سيئ على المدى القصير والمتوسط، لأن عودة الأسد إلى العالم العربي تخرجه من عزلته، وتجعل أي هجوم إسرائيلي عليه أقل شرعية. إسرائيل ستفقد شرعيتها لأن العالم العربي بأسره، إذا صح التعبير، سيقف في وجهنا".
وأردف المحلل الإسرائيلي: "السؤال هو إلى أي مدى سيكون الأسد على استعداد لمواصلة كونه منصة لنقل أنظمة الأسلحة الإيرانية إلى لبنان، ويبدو الآن أن هذا هو ما سيواصل فعله. سيتعين على إسرائيل الاستمرار في مهاجمة سوريا في ظل ظروف ستكون أقل مواتاة لها".
"بعثت إسرائيل برسائل واضحة إلى المجتمع الدولي مفادها أن شرعية سوريا مرة أخرى بين العالم العربي لن تمنع تل أبيب من مهاجمة أي مكان يوجد فيه إرهاب. وقال مسؤول إسرائيلي كبير في هذا السياق، إن هذا لن يؤثر على تصرفات إسرائيل في المعركة بين الحربين"، يضيف آيخنر.
وخلص إلى أن "إعادة قبول سوريا في جامعة الدول العربية هو أوضح دليل على انتهاء عزلة الأسد".
وأمس الجمعة، شارك الرئيس السوري بشار الأسد في اجتماعات القمة العربية الـ 32 في مدينة جدة السعودية لأول مرة منذ نحو 12 عاما.
وأعلنت الجامعة العربية، في وقت سابق، استئناف مشاركة وفود سوريا في اجتماعات مجلس الجامعة والأجهزة والمنظمات التابعة لها، اعتبارا من 7 من مايو/ أيار الجاري.
وتم تعليق مشاركة سوريا في اجتماعات مجلس الجامعة العربية والمنظمات التابعة لها منذ نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2011، على خلفية الأزمة السورية.
وحول انعكاسات عودة سوريا إلى الحضن العربي، كتب المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية (ميتفيم) في ورقة بحثية، إن هذه الخطوة من شأنها تثبيت سيطرة النظام السوري على البلاد.
ورغم اعتباره أن هذه الخطوة لا تتعارض بالضرورة مع مصالح إسرائيل، أكد المعهد الإسرائيلي أنها "تنطوي على إمكانات واضحة لتقليص مساحة المناورات العسكرية الإسرائيلية في مواجهة سوريا".
وأضاف: "مع تنامي سيطرة النظام السوري على البلاد، وحصوله على الشرعية الإقليمية والدعم، بما في ذلك من الدول التي اقتربت منه في السنوات الأخيرة (المملكة العربية السعودية ودول في الخليج)، زادت صعوبة تحرك إسرائيل في سوريا كما يحلو لها".
واعتبر "ميتفيم" أن "هذا تحدٍ معقد وحقيقي في ضوء الاحتمال الواضح أن إيران ستفعل كل ما في وسعها لمنع تراجع وجودها وأنشطتها في سوريا، ومن خلالها أيضًا في لبنان".
وأوصى المعهد الحكومة الإسرائيلية بأن تجري "في الإطار الزمني الفوري حوارا متعمقا وسريا مع الدول المعنية، وفي مقدمتها مصر والأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، من أجل ضمان مراعاة المصالح الإسرائيلية في عملية التسوية الإقليمية بأكملها".
ومنذ سنوات يشن الطيران الإسرائيلي غارات على أهداف في سوريا بدعوى الحيلولة دون ما يصفه بترسيخ "التموضع الإيراني" هناك، وفي إطار ما يسميه بـ "المعركة ما بين الحروب".