جاء ذلك في كلمة بوتين خلال الجلسة العامة للمنتدى الاقتصادي الأوراسي، الذي سلط فيها الضوء على مختلف الجوانب الاقتصادية للمنطقة الأورواسية، وأبرز التحديات والفرص التي تواجهها المنطقة.
وأكد الرئيس الروسي: "نرحب بكل من يرغب في التعامل معنا على أساس البراغماتية والمصالح المتبادلة".
ووفق خبراء اقتصاد في المنطقة العربية، فإن إنشاء المنطقة الحرة في كل من مصر والإمارات، يحقق الكثير من الفوائد للأطراف الثلاثة رغم التحديات التي تواجه العالم في الوقت الراهن والشركات الاقتصادية.
ويمكن للدول الأفريقية الاستفادة من المناطق الحرة بقدر كبير، خاصة الموقعة على اتفاقية التجارة الحرة مع مصر، وكذلك "الكوميسا".
والكوميسا هي اتفاقية السوق المشتركة لدول الشرق والجنوب الأفريقي، ويعد التجمع أحد الدعامات الرئيسية للجماعة الاقتصادية الأفريقية التي تم إقرارها في قمة أبوجا لعام 1991، إذ أن هدف إنشاء التجمع هو إلغاء جميع القيود التجارية فيما بين دول أعضاء التجمع تمهيدا لإنشاء وحدة اقتصادية للمنطقة، بما يخدم تحقيق هدف الوحدة الأفريقية في التحليل الأخير، وتم إنشاء الكوميسا في ديسمبر/كانون الأول عام 1994، خلفا لمنطقة التجارة التفضيلية التي بدأت في عام 1981، وتستضيف العاصمة الزامبية لوساكا، مقر سكرتارية الكوميسا.
وتضم اتفاقية السوق المشترك لدول الشرق والجنوب الأفريقي "الكوميسا" 21 دولة، هي مصر والسودان وإريتريا وإثيوبيا وبوروندي ورواندا وجزر القمر وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجيبوتي وكينيا ومدغشقر ومالاوي وموريشيوس وأوغندا وإسواتيني (سوازيلاند سابقا) وزامبيا وليبيا وسيشيل وزيمبابوي والصومال وتونس.
وفي عام 2021، بلغت واردات مصر من روسيا أكثر من 3 مليارات دولار، وشهدت ارتفاعا كبيرا في عام 2022، إذ أشار "جهاز الإحصاء المصري" إلى ارتفاع قيمة التبادل التجاري بين مصر وروسيا لتصل إلى 4.2 مليار دولار خلال 11 شهرا الأولى من عام 2022 مقابل 3.6 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 16.3%.
حجم التبادل بين الإمارات وروسيا
على الجانب الآخر، صرح نائب رئيس الوزراء الروسي ووزير الصناعة والتجارة، دينيس مانتوروف، في فبراير/ شباط الماضي، أن حجم التجارة بين روسيا ودولة الإمارات العربية المتحدة، قد سجل رقما قياسيا.
وقال مانتوروف في لقاء مع الصحفيين، إن حجم التبادل التجاري بين روسيا والإمارات العربية المتحدة في العام الماضي 2022، وصل إلى مستوى قياسي، بتسجيله نموا بنسبة 68%، أي ما يعادل 9 مليارات دولار.
ما الذي تستهدفه مصر
في الإطار، قال الخبير الاقتصادي المصري محمد أنيس، إن "مصر تستهدف خلال الفترة الحالية والمقبلة الاستثمار الأجنبي المباشر المستهدف التصدير".
وأوضح في حديثه لـ"سبوتنيك" أن
"المناطق الاقتصادية في قناة السويس تستهدف هذه الاستراتيجية الخاصة بالتصدير، فيما يمثّل وجود منطقة حرة لروسيا في المنطقة قيمة إضافية، مع الأخذ في الاعتبار سرعة التنفيذ، خاصة أن المنطقة المحددة لروسيا في قناة السويس لم تشهد وتيرة سريعة في عملية التنفيذ منذ تحديدها".
صناعات روسية محتملة
وبشأن الصناعات الروسية التي يمكن لمصر والمنطقة الاستفادة من وجودها، أوضح أنيس أنها تتمثل في "الصناعات الميكانيكية، السماد، الصناعات الغذائية، وغيرها من الصناعات الهامة" في مصر والإمارات".
استهداف السوق الإماراتي
ولفت إلى أن "استهداف السوق المحلي في الإمارات يمكن أن يكون ضمن الأهداف الروسية، نظرا للسيولة المرتفعة هناك وجاذبية السوق، مع إمكانية دخول أسواق دول التعاون الخليجي، في حين أن وجود روسيا في مصر يمكنها من دخول الشرق الأوسط بشكل كامل، بالإضافة لجميع دول أفريقيا، مع الأخذ في الاعتبار أن مصر من الدول الموقعة على اتفاقية "الكوميسا"، ما يعني تصدير المنتجات للدول الأفريقية دون الحواجز الجمركية".
ويرى أنيس أن "بعض التحديات تتمثل فقط في العامل الزمني، بحيث أن هذه المنطقة بحاجة لوتيرة أسرع في التنفيذ، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي العالمي الحالي".
على مستوى الجانب المصري، وما يمكن أن تقدمه القاهرة، بيّن الخبير الاقتصادي المصري، محمد أنيس، أن
مصر يمكنها إزالة كافة العوائق المرتبطة بالإجراءات والروتين، عبر المجلس الأعلى للاستثمار، الذي يمكنه اتخاذ كافة الخطوات من أجل التسريع من وتيرة الاستثمار الأجنبي المباشر، مستهدف التصدير.
علاقات قوية بين الدول الثلاث
من ناحيته، قال الخبير الاقتصادي الدولي، رشيد ساري، إن "العلاقات التي تجمع روسيا مع مصر والإمارات قوية ومتميزة، وأن مساعي روسية منذ 5 سنوات هدفت لاستثمارات مشتركة مع الإمارات في القاهرة".
وأضاف الخبير المغربي في تصريحاته لـ"سبوتنيك" أن "مصر تعيش حالة استثنائية ودينامية متميزة من خلال المجلس الأعلى للاستثمار الذي وافق على 22 قرار، بشأن الجوانب الإدارية المرتبطة بالاستثمارات، في حين أن روسيا والإمارات من الدول التي تلعب دورا محوريا على صعيد الاقتصاد والاستثمار في العالم، وهو ما يمكن أن يثمر عن نتائج هامة بالمناطق الحرة في البلدين، بالنظر للمكانة الاقتصادية الكبيرة لروسيا".
شراكة روسية - إماراتية
أوضح رشيد ساري في حديثه لـ"سبوتنيك" أن "فروع الشركات الروسية بدولة الإمارات تؤكد أهمية المناطق الحرة وحجم الاستفادة من حيث الاستثمارات، خاصة أن هذه المناطق تضاعف الأنشطة الاقتصادية، كما يمكن تفتح المجال للعديد من الصناعات بما فيها السيارات، سواء في مصر أو الإمارات".
وشدد على أن
"العلاقات التي تجمع روسيا بالدول العربية، يعود بالنفع بدرجات كبيرة لمصر والإمارات، خاصة أن موسكو تقيم علاقتها على مبدأ "رابح-رابح"، وهو ما يشجع العمل مع روسيا".
صناعات كبرى
ويرى ساري أن "مصر يمكنها أن تنفتح على مجموعة من المجالات الصناعية الكبرى، وكذلك في مجال الهيدروجين الأخضر والطاقات المتجددة، ما يجعل دورها محوريا في المنطقة"، وفق قوله.
تحديات مرتقبة
فيما قال الخبير الاقتصادي الدولي، عماد عكوش، إن "بعض التحديات تتمثل في دخول الشركات لهذه المناطق الحرة الجديدة المستهدفة".
وأضاف الخبير الاقتصادي اللبناني، أن التحديات تتمثل في "التهديد بالعقوبات من قبل الغرب، وخاصة أمريكا، والتي يمكن أن تفرضها على هذه الشركات، حال التعاون مع روسيا".
ويرى أن "الأمر قد يحول دون دخول بعض الشركات الكبرى التي تخشى العقوبات، فيما يمكن للشركات التي لا تتضرر من هذه العقوبات إلى المناطق الحرة، كما الحال بالنسبة لاستيراد النفط والغاز الروسي من قبل الهند والصين".
من جهة أخرى أكد، عماد عكوش، أن "تنفيذ المناطق الحرة في كل من مصر والإمارات، يمكن أن ينعش الأسواق ويعود بنفع كبير على الدول التي تنشأ فيها بالمقام الأول، وكذلك الدول المستهدفة من التصدير".