فهل ينجح الاتفاق في تغيير الوجه السياسي للصومال محليا ودوليا أم سيخلق صراعات جديدة في البلاد؟
بداية يقول عبد الرحمن إبراهيم عبدي، مدير مركز مقديشو للدراسات بالصومال إنه من المبكر جدا الحديث عن تأثير الاتفاقيات الأخيرة الموقعة بين القيادات السياسية الصومالية بشأن الانتخابات على المشهد السياسي الصومالي، لأنه لم يمر على حكم الرئيس حسن شيخ محمود سوى عام واحد، و خريطة القوى السياسية في الصومال ومواقعهم غير واضحة المعالم.
القرارات المصيرية
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "هناك غموض كبير وضبابية بشأن مواقف بعض السياسيين البارزين على الساحة السياسية الصومالية والذين لهم قدرة وتأثير على الرأي العام وتعبئة الجماهير، ولم يعلقوا على هذه القرارات حتى الآن".
وتابع عبدي: "لا شك في أن هذه الاتفاقيات ستخلق حالة من التوتر، و ستؤدى إلى تباين في الرؤى بين الكيانات والتيارات السياسية الفعالة في المشهد، حيث بادرت إدارة (بولاند) التي تعتبر رقما صعبا في المشهد السياسي الصومالي بالتنديد بهذه القرارات، وخاصة المتعلقة بالانتخابات ووصفتها بـ غير المقبولة، كما أن عددا من السياسيين أبدوا معارضتهم الشديدة أو تحفظاتهم على بعض البنود التي وردت في الاتفاقيات، وطالبوا بمزيد من التشاور وإشراك القوى السياسية الفاعلة في المؤتمرات والمشاورات التي تناقش فيها مثل تلك القرارات المصيرية كتعديل الدستور".
وأشار رئيس مركز مقديشو، "إلى أن هناك العديد من العقبات التي تقف أمام تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وتتمثل تلك العقبات في الحرب على حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة والتي لا تزال تسيطر على مناطق واسعة في جنوب وغرب البلاد، وبالتالي من الصعوبة بمكان إجراء الانتخابات الشعبية في وقت لا تزال الحركة تسيطر على أقاليم من البلاد".
واستطرد:، "علاوة على الخلافات السياسية هناك المعضلة الأمنية الهشة الموجودة في بعض الأقاليم الخاضعة لسيطرة الحكومة، وانتشار السلاح والمليشيات القبلية المسلحة، يعد أيضا عقبة أمام إجراء انتخابات حرة ونزيهة، ومن أبرز تلك العقبات أيضا غياب التوافق السياسي بشأن التعديلات السياسية المقترحة، وعلى رأسها تعديل بنود أساسية بالغة الحساسية في الدستور الصومالي المؤقت مثل نظام الحكم، وهل سيكون برلماني أم رئاسي، وفترة حكم الرئيس هل تكون خمس سنوات أو أربع سنوات؟".
ولفت عبدي إلى أن هناك اتفاقيات سبق توقيعها بين الحكومة الفيدرالية وبعض الحكومات الإقليمية بشأن تمديد فترة ولاية عدد من رؤساء الحكومات الإقليمية، والتي كان يجب أن تجرى فيها الانتخابات الرئاسية نهاية هذا العام أو مطلع العام المقبل، تعد أيضا من العقبات أمام الاتفاق الموقع".
واختتم بقوله: "خلاصة القول توجد إشكالية في هذه القرارات، ويجب اتخاذ مزيد من الخطوات والإجراءات لإقناع جميع الأطراف السياسية بقبول هذه المقترحات".
تطورات في المشهد
من جانبه يقول عمر محمد، المحلل السياسي الصومالي:"من أهم الخطوات الجديدة التي تم التوافق عليها بشأن العملية الانتخابية، إعلان انتقال البلاد من مرحلة الانتخابات غير المباشرة إلى انتخابات مباشرة، يصوت فيها الشعب لانتخاب وكلائه ومسؤولية على المستويات الفدرالية والولائية والمجالس المحلية، علاوة على إلغاء منصب رئيس الوزراء واستحداث منصب نائب الرئيس،وإنشاء حزبين سياسيين يتنافسان على حكم البلاد، وإجراء الانتخابات في موعد واحد، وغير ذلك مما جاء في الاتفاق".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "على الرغم من كون انتخابات (صوت واحد لشخص واحد) هو ما تطمح إليه القوى السياسية، إلا أنه كانت هناك ولا تزال في نظر البعض عقبات وتحديات تحول دون إجرائها في الفترات السابقة، وفي مقدمتها القضايا الأمنية واستكمال الدستور، وقضية صوماليلاند، وما إلى ذلك".
ويرى محمد، "أنه يمكن إجراء هذه الانتخابات صوت واحد لشخص واحد كمرحلة أولية في بعض المناطق بعد الاتفاق السياسي الشامل حولها (طريقة وتنظيما ونوعا)، كما حدث في ولاية بونتلاند التي شهدت بعض مدنها انتخابات المجالس المحلية في الـ 25/مايو/أيار/2023م، فيما تم تعليقها في مدن أخرى منها مدينة "غرووي" حاضرة الولاية، لاعتراض بعض القوى السياسية هناك على طريقة مواجهة إدارة الولاية لهذه الانتخابات".
التوافق السياسي
وقال المحلل السياسي،" إن نجاح هذه العملية مرهون بمدى توصل الأطراف إلى توافق سياسي وما يصاحبه من تعديلات دستورية فيما يخص بعض البنود، مثل البند الذي يدعو إلى إلغاء منصب رئيس الوزراء، إذ إن الفقرة 2 من المادة 97 في الدستور الصومالي المؤقت، والتي تنص على أن "مجلس الوزراء هو أعلى سلطة تنفيذية في الحكومة الفيدرالية، ويتألف من رئيس الوزراء، نائب/نواب رئيس الوزراء، الوزراء، وزراء الدولة، ونواب الوزراء"، وهذا قد يكون عقبة أمام تحول بسيط ومفاجئ إلى النظام الإداري الجديد الذي اتفق عليه المجلس الوطني الاستشاري في اجتماعه الأخير بمقديشو".
وأفادت وسائل إعلام صومالية،أمس الأحد، بتوصل القادة الصوماليين إلى اتفاق تاريخي بشأن إعادة تشكيل النظام السياسي في البلاد، وذلك بعد أربعة أيام من الاجتماعات، في العاصمة مقديشو.
وذكر الموقع الإلكتروني المحلي "جاروي أونلاين"، صباح الأحد، أن القادة الصوماليين قد توصلوا إلى اتفاق تاريخي في ختام مؤتمر المجلس الاستشاري الوطني، بشأن العملية السياسية في البلاد، وكيفية إجراء الانتخابات البرلمانية في الصومال.
توصل الاتفاق، خلال مؤتمر المجلس الاستشاري الوطني في الصومال، إلى الانتقال من رئيس البلاد ورئيس الوزراء إلى الرئيس ونائبه في الهيكل الحكومي للدولة، مع تشكيل لجنة انتخابية وطنية، على أن تُجرى الانتخابات مطلع العام المقبل 2024.
ويفترض إجراء الانتخابات في الصومال اعتبارا من العام 2024، بناءً على مبدأ "شخص واحد صوت واحد"، وذلك ما تمخض عنه الاتفاق التاريخي بين القادة الصوماليين.
وقد أقر حسن شيخ محمود، الرئيس الصومالي، بإنشاء حزبين سياسيين فى البلاد، وذلك فى ختام المؤتمر الاستشاري الوطني، الذي اختتم فعاليته اليوم الأحد، في العاصمة مقديشو، برئاسته.
يذكر أنه باستثناء منطقة أرض الصومال الانفصالية، لم تجر أي انتخابات في الصومال بحسب مبدأ "شخص واحد صوت واحد" منذ العام 1969، كما أن الصومال الواقعة في منطقة القرن الأفريقي هي بلد غير مستقر، و يشهد تمردا داميا منذ العام 2007، تشنه حركة "الشباب" المتطرفة المرتبطة بتنظيم "القاعدة".