ومع تطور الأوضاع بالداخل اللبناني، أعلنت قوى المعارضة ترشيح وزير المالية الأسبق جهاد أزعور لمنصب رئاسة الجمهورية، وذلك بعد نقاشات ومفاوضات أجرتها المعارضة مع "التيار الوطني الحر" أثمرت نتائجها عن دعم أزعور.
وطرح البعض تساؤلات بشأن مرشح المعارضة، وما إمكانية أن يحظى بفرصة الفوز بسدة الحكم، في ظل المحاصصة الطائفية، لا سيما مع عدم تأييده من نواب الشيعة داخل البرلمان.
وكان المرشح للرئاسة اللبنانية، ميشال معوض، أعلن في وقت سابق، "سحب ترشحه للانتخابات الرئاسية لصالح الوزير السابق جهاد أزعور"، وقال في مؤتمر صحفي، إن "الخيار الوحيد أمام المعارضة أصبح توسيع رقعة التقاطعات والتي أوصلت إلى المرشح جهاد أزعور"، مؤكدا أن المعارضة "تراه مرشحا مقبولا وقادرا على حماية لبنان من المزيد من الانهيار والهيمنة".
ودعا رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، إلى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية يوم الأربعاء 14 يونيو/ حزيران الجاري.
خطوة مهمة ولكن
اعتبر أسامة وهبي، الناشط المدني اللبناني، أن اتفاق قوى المعارضة على اسم مرشح واحد لرئاسة الجمهورية خطوة مهمة باتجاه انعقاد جلسة لمجلس النواب، لكنها لا تعني أنه سيصل إلى سد الحكم.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هناك الكثير من المعوقات التي تمنع وصول جهاد أزعور للرئاسة، أهمها رفض الثنائي الشيعي "حزب الله" وحركة "أمل" له كمرشح، باعتباره كان واحدًا من وزراء قوى "14 آذار"، ومقرب من القيادي السني فؤاد السنيورة، وأنه يأتي من خلفية اقتصادية كرئيس لصندوق النقد الدولي في أفريقيا والشرق الأوسط.
ويرى أن الوقت قد حان لاختيار الطرفان لمرشح ثالث، وهو قائد الجيش اللبناني، وذلك بعد أن قدمت المعارضة مرشحها وهو كان مطلب الثنائي الشيعي، الذي يملك مرشحا وهو سليمان فرنجيه، بالتالي أصبح بإمكانهم الجلوس على طاولة واحدة والتنازل للمرشح الثالث.
وأوضح وهبي أن حظوظ قائد الجيش هي الأقرب، إذ لم يطرح اسمه حتى الآن، وهناك الكثير من الاتصالات الداخلية والخارجية التي تعمل على وصول قائد الجيش للحكم، كونه يأتي من المؤسسة العسكرية، وغير محسوبة على طرف أو محور ولديه الكثير من الدعم الدولي، والعربي، لا سيما من المملكة العربية السعودية، مشيرًا إلى أن مرشح المعارضة مثله مثل سليمان فرنجيه مجرد أوراق تم حرقها لصالح مرشح ثالث لم يطرح حتى الآن.
فراغ طويل
في السياق، يرى سركيس أبو زيد، المحلل السياسي اللبناني، أن ترشيح المعارضة اسم الوزير السابق جهاد أزعور لا يعني أنها موحدة حوله، فهناك أطراف تختلف على برنامجه السياسي والتجربة التي خاضها عندما كان وزيرا سابقًا، وتعتبره جزءا من المنظومة الفاسدة وشريكًا فيها.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هناك بالفعل أكثرية مسيحية أيدت أزعور، لكن في المقابل لا يوجد أي نائب شيعي صوت له، وهو ما قد يعتبره البعض مخلا بالتوازنات والميثاقية الطائفية المعتمدة في لبنان، مؤكدًا أن الأمور لم تحسم بعد، ولا يوجد أكثرية قادرة على البت في موضوع الرئاسة.
وتابع: "في حال ظلت الأمور كما هي حتى 14 يونيو/ حزيران، من المستبعد أن يتم انتخاب رئيس الجمهورية وهو ما يفتح الباب واسعًا أمام الفراغ الرئاسي، والذي لا يمكن للبنان تحمله لمدة طويلة في ظل الأزمة المالية الاقتصادية الصعبة والخطيرة، كما أن هناك عددا من الموظفين الكبار تنتهي ولايتهم ولا يمكن تسمية أحد منهم لملء الفراغ، ما يمهد للدخول في حالة من الفوضى".
ويرى أبو زيد أن الأمور لا تزال مفتوحة على كل الاحتمالات، وبانتظار تسوية إقليمية دولية تفرض على اللبنانيين أو بعض الأطراف عملية الحل السياسي، والآن لبنان في مرحلة الترقب مع الانفتاح على كل الاحتمالات.
وفيما يتعلق بالمصالحة الإيرانية السعودية السورية وتأثيرها على الملف، قال إن الأنظار مشدودة لمراقبة كل التطورات، لكن حتى الآن لم تظهر نتائج هذه التسوية على الساحة اللبنانية، وإذا اتفق جميع الأطراق بإمكانهم فرض الحل على الأحزاب والتكتلات الموجودة.
وأوضح أن لبنان يترقب كذلك نتائج زيارة الرئيس السابق ميشال عون إلى سوريا، والحوار الجاري في عمان بين أمريكا وإيران، وانعكاساتها على المنطقة، مؤكدًا أن أي تسوية إقليمية بإمكانها الانعكاس إيجابا على لبنان، وإلا سيبقى في حالة فراغ طويل تضع مصيره على المحك.
ويعاني لبنان من أزمات سياسية كثيرة، آخرها شغور المنصب الرئاسي منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، وفشل البرلمان في انتخاب بديل له على مدار إحدى عشرة مرة، وهو ما انعكس في عدة أزمات اقتصادية يعانيها اللبنانيون في حياتهم اليومية.
وتزامنت الأزمة السياسية مع أخرى اقتصادية خانقة أنهكت اللبنانيين الذين بات 80% منهم تحت خط الفقر، ووصلت نسبة ارتفاع أسعار المواد الغذائية 1200%، وفقدت الليرة المحلية أكثر من 95% من قيمتها أمام الدولار.