وقال المصدر الذي رفض الكشف عن هويته لـ"سبوتنيك": "في الفترة الأخيرة أصبح العالم كله مهتم بتاريخ السودان بعد كم الكشوفات الأثرية والحقائق التي يمكن أن تمثل إضافة للتاريخ الإنساني".
وأشار إلى أن "المواقع الأثرية في البلاد ربما تكون الأكثر أمانا، نظرا لوجودها في الولايات في مناطق بعيدة عن الخرطوم التي تدور بها رحا الحرب، لكن الخطورة يمكن أن تكون على المتاحف المتواجدة في العاصمة الخرطوم، والتي انتبهنا فجأة أنها توجد بالقرب من المناطق الحكومية الرئاسية والمناطق العسكرية، فأصبحت هدفا إن لم يكن مباشرا فهي هدف غير مباشر، لأن النزاع الحاصل اليوم هو في مناطق القيادة والقصر الرئاسي والمناطق الحكومية الأساسية".
وأوضح المصدر أن المتاحف والمناطق الأثرية في الظروف العادية تكون في حراسة شرطة السياحة والتراث القومي، لكن في مثل الظروف الحالية انسحبت من تلك المناطق باعتبارها شرطة مدنية، لذا فإن المتاحف في الخرطوم هي اليوم من دون حماية مباشرة، كما أن أن هناك مهددات للتراث السوداني تتعلق بالعمل الإداري ذاته في تلك الأماكن.
ونوه المصدر إلى أن الشيء الذي يبعث على قدر من الاطمئنان، أن غالبية الآثار السودانية موثقة ومسجلة ومصورة، فإذا ما فقدت أو سرقت تلك القطع يمكن بالتعاون مع العالم الخارجي ووفق اتفاقات اليونسكو استرجاع جزء منها كما حدث في سوريا والعراق وغيرها، كما أن السودان من الموقعين على اتفاقية 1954 المعنية بحماية الآثار أثناء النزاعات المسلحة، ويفترض أن تكون القوات المسلحة اليوم هي المسؤولة عن حماية تلك المنشآت.
واستطرد المسؤول السوداني قائلا: "هناك مبادرات كثيرة داخليا ومن جانب المجتمع الدولي تحاول إدارة الأزمة في تلك المرحلة وأن تقوم بعمل الاحتياطات في يتعلق بالمتاحف الموجودة اليوم في الولايات والتي قد تصلها الحرب في يوم من الأيام إذا ما استمر الحال على ما هو عليه اليوم".
وأكد المصدر أن متاحف العاصمة التي تتعرض للضغوط، لكنها اليوم في مأمن ولم تتعرض لعمل عسكري مباشر، مشيرا إلى أن ما تم اقتحامه خلال اليومين الماضيين من قبل مسلحين مجهولين في الخرطوم، هو معمل الآثار الأحيائي المخصص لدراسة العظام الأثرية، وتمت مناشدتهم في وقت مبكر جدا فاستجابوا وغادروا المكان، "لكن الجميع يعلم أنه في أوقات الحروب ربما لا تستمع الأطراف لصوت العقل وربما تقوم عصابات إجرامية بتلك الأفعال، لأن هناك حرب شاملة تجري اليوم ضد الدولة وممتلكاتها".
ولفت المصدر إلى أن المكان الأكثر عرضة للخطر في ظل ظروف الحرب الحالية هو المتحف السوداني القومي، فهو المتحف الأكبر في البلاد وفيه غالبية الآثار التي تم اكتشافها خلال العقود الماضية، وهذا المتحف يشغل بال الكثيرين، ففي حالة حدوث مكروه بالنسبة لهذا المتحف، بلا شك ستكون الخسارة كبيرة جدا.
يذكر أن نائبة مدير إدارة المتاحف في السودان، إخلاص عبد اللطيف، كانت قد أعلنت، السبت الماضي، أن قوات الدعم السريع سيطرت على المتحف القومي في الخرطوم، وسط مخاوف على سلامة القطع الأثرية المهمة بما في ذلك المومياوات، وسط الحرب الدائرة، بحسب "سكاي نيوز عربية".
وقالت إخلاص عبد اللطيف إن عناصر من قوات الدعم السريع، التي تخوض قتالا مع الجيش منذ أسابيع، دخلت المتحف الجمعة، وحثت على "حماية تراث البلاد".
وأضافت أن العاملين بالمتحف ليسوا على علم بالوضع داخله لأنهم توقفوا عن الذهاب إلى مقر عملهم، بعد اندلاع الصراع فجأة في 15 أبريل/نيسان، الذي أجبر الشرطة التي تحرس المنشأة على الانسحاب.
يشار إلى أنه تم الإعلان عن سقوط عشرات القتلى والجرحى في السودان، اليوم الأربعاء، إثر قصف جوي على منطقة المويلح غربي مدينة صالحة في أم درمان، حسبما أعلنت لجان مقاومة صالحة المركزية.
ونقل موقع "أخبار السودان" عن لجان المقاومة أن منطقة المويلح غربي صالحة تعرضت إلى قصف طيران استهدف تجمعات للدعم السريع مما أدى إلى مقتل 12 مواطنا وإصابة آخرين.
في السياق ذاته، اتهمت قوات الدعم السريع الجيش السوداني بقصف سوق المويلح في أم درمان وسقوط العشرات بين قتيل وجريح.
وفي وقت سابق، أدانت وزارة الخارجية السودانية، اليوم الأربعاء، "بأشد العبارات قيام قوات الدعم السريع باقتحام السفارة الصينية، ومنزل و مقر سفارة دولة فلسطين، بالإضافة إلى منزل سفير سلطنة عُمان".
وقالت الخارجية السودانية، في بيان لها، إن "ذلك يعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي والأعراف الخاصة بحرمة وحماية مقرات وممتلكات البعثات الدبلوماسية"، حسب وكالة الأنباء السودانية "سونا".
وأضاف البيان أن "الميليشيا المتمردة تمكنت من سرقة عدد من السيارات الدبلوماسية من مقر السفارة الصينية، والعبث بالمستندات وتخريب الأثاث، كما قامت باقتحام منزل السفير و مقر سفارة دولة فلسطين للمرة الرابعة، وقامت أيضا بإقتحام منزل سفير سلطنة عمان وسرقة السجاد والأثاث والمقتنيات الثمينة والأجهزة الكهربائية والإلكترونية".
وكان الجيش السوداني قد أعلن، الأربعاء الماضي، تعليق مشاركته في المحادثات مع قوات الدعم السريع في مدينة جدة السعودية، متهمًا الدعم السريع بعدم الالتزام ببنود الاتفاق، والاستمرار في خرق هدنة وقف إطلاق النار.
وتوصل الجانبان، بوساطة أمريكية سعودية، إلى اتفاق هدنة تسري لمدة أسبوع اعتبارا من مساء الاثنين 22 أيار/ مايو، إلا أن أجواء التوتر والاشتباكات المتقطعة لا تزال مستمرة رغم الهدنة.
وتدور منذ 15 نيسان/ أبريل الماضي، اشتباكات عنيفة وواسعة النطاق، بين قوات الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، في مناطق متفرقة من السودان، تركزت معظمها في العاصمة الخرطوم، مخلفة المئات من القتلى والجرحى بين المدنيين، في حين لا يوجد إحصاء رسمي عن ضحايا العسكريين من طرفي النزاع العسكري.