طلاب سوريون يطرقون باب الذكاء الاصطناعي

حظيت "حاضنة المشاريع" التي تستقطب طلاب الجامعات السورية مشاريعهم باهتمامٍ لافت من الباحثين ورجال الأعمال السوريين والأجانب، ممن زاروا معرض "Hi Tech" للتكنولوجيا والاتصالات في دمشق.
Sputnik
المشاريع المحتضنة والتي تضم أميز مشاريع التخرج لطلاب الجامعات الحكومية والخاصة الأوائل، ركزت هذا العام على تقنيات الذكاء الاصطناعي والاتصالات.

روبوت لرسم خرائط البيئات المجهولة

وفي هذا الإطار تحدث حيدرة علي محرز، وهو طالب (ميكاترونيك) في جامعة تشرين لمراسل "سبوتنيك" عن مشروعه: "مشروعي يتلخص بتصميم وإرسال روبوت يستخدم لرسم خريطة لبيئة مجهولة مع تنفيذ خوازمية "A _star"، وإرسال روبوتات ضمن هذه الخريطة باستخدام خوازمية (cosine switch control)".

وأوضح محرز: "باستخدام هذا الروبوت يمكن رسم خريطة لأي بيئة مجهولة وإرسال صورة لهذه الخريطة، ويمكن أن نطبق على الخريطة خوارزمية "A _star" التي تعطينا أقصر طريق ممكنة ضمن هذه الخريطة، ثم نقوم بإرسال روبوتات أخرى لم يسبق أن تعرفت على أي شيء ضمن هذه الخريطة، لكننا نقوم برسم البداية والنهاية لها، وهي بدورها تسير عن طريق خوارزمية (cosine switch control)".

طلاب سوريون يطرقون باب الذكاء الصنعي
وأردف: "طبقنا هذه التجربة على أرض الواقع وحققنا نتائج ممتازة، إذ تم تحديد العوائق أمام الروبوت بشكل دقيق جداً، بعد أن وضعنا عوائق على شكل مستطيلات متوازية الأضلاع، وبدأنا نغيّر مكانها، وقمنا بعد ذلك بإنشاء خريطة مربعة لنعرف مقدار الدقة، وفيما إذا كان هناك تشوه أو ميلان، ووصلنا إلى نتائج جيدة".

وحول استخدامات هذه التقنية قال: "يمكن استخدام الروبوت في المجال العسكري، خاصة في الدول المتطورة مثل روسيا، إذ يمكن أن يوضع هذا الحساس ضمن الروبوت، ويقوم بإنشاء خريطة للبيئة، أو للجندي، أو للقوة العسكرية التي يتعذر عليها الوصول إلى نقطة ما، فيمكنها أن تدخل الروبوت وهو بحجم صغير جداً، كما يمكن إرسال روبوتات أخرى مساعدة ضمن الخريطة المرسومة، ومن ثم حماية الروبوت من خلال طائرة مسيّرة، وعن طريق خوارزمية معينة يمكن رسم خريطة ثلاثية الأبعاد، وحماية الروبوت يجب أن تكون عن بعد، وتبلغ مسافة أبعد جسم عنه 12 مترا، ويمكنه التنبه للأجسام ضمن دائرة نصف قطرها 24 مترا".

وأضاف محرز أن مشروعه المشترك مع كل زملائه جعفر علي رقماني، وخضر عماد عيسى، وليث ياسر جمعة، "يستخدم حساس (RPlidar A1 M8) الذي يحدد النقاط البعيدة عن الروبوت، فكل 360 درجة تعادل 700 قيمة (كل 0.515 درجة تعادل قيمة)، وهذه القيم تدل على بعد كل نقطة عن الروبوت، ويمكن لي أن أزيد الدقة فأحصل على قيم أكثر مع زيادة في دقة مجال الزاوية".

ذراعا روبوت للوصول إلى الأماكن الصعبة

وتحدث أمين حيدر، الطالب في جامعة تشرين باختصاص (ميكاترونيك)، لـ"سبوتنيك" : "مشروعي عبارة عن (ذراعي روبوت) يمكن وضعهما في بيئة معينة، ومن خلال الكاميرات يمكننا اكتشاف الأجسام والعناصر الموجودة عبر فضاء ثلاثي الأبعاد، فعند اكتشاف قطعة تقوم الذراع الأولى بمناولتها للذراع الثانية مع تجنب أي عائق موجود بالبيئة، ويمكن استخدام هذين الذراعين أثناء عمليات التغليف في المعامل لتركيب القطع مع بعضها، وكذلك في تركيب البراغي في أمكنة قد يصعب الوصول إليها وتحتاج ليدين بشريتين، وبالتالي يمكننا الوصول إليها وشد البراغي باستخدام هاتين الذراعين، وكذلك في أعمال اللحام في السيارة أو المحرك".
طلاب سوريون يطرقون باب الذكاء الصنعي
وأضاف: "تم تأمين مكونات الذراعين من السوق المحلية، وقد أثر الحصار الاقتصادي على فرص تأمين القطع المناسبة، فالقطع المتوفرة تجارية ومن خلالها قمنا بتصميم نموذج مبسط، وقد واجهتنا مشكلات في دقة الطباعة، فالقطع المتوفرة بلاستيكية ومع مرور الوقت ستتلف، لكن يمكن تطوير هذا النموذج في المستقبل بعد تأمين القطع المطلوبة".

طائرة مسيّرة "متعددة الاستخدامات" بمكونات محلية

وقال محمد مدنية، خريج ميكاترونيك من جامعة تشرين، مع زميله مجد زهرة بتصميم طائرة (درون) قادرة على التحليق وتنفذ مهام متنوعة في المجالين العسكري والإسعافي وبمكونات محلية الصنع.

وأضاف: "صممنا نظام تحكم يضبط توازن الطائرة على ارتفاع معين نحدده مسبقاً عبر تقنيات التحكم بالمنطق الضبابي التي تحاكي طريقة تقدير الإنسان للأمور".

وقال زميله مجد: "فكرة المشروع تتلخص بتصميم نظام تحكم بسيط قادر على أن يتحكم بالدرون خلافاً لأنظمة التحكم التجارية، وذلك بأقل تكلفة ممكنة، ويمكن التحكم بالطائرة المسيّرة يدوياً لتحريكها يميناً أو يساراً ضمن الملاعب وتصوير الأراضي من قبل المهندسين المدنيين، أو خلال تنفيذ الأعمال العسكرية".

مع العقوبات.. القطع المحلية ليست الأفضل

وفي السياق نفسه، قال الدكتور عيسى الغنام مدير نادي الروبوت في جامعة تشرين لـ"سبوتنيك": "عند تنفيذ المشاريع في النادي نختار أفضلها للمشاركة في المعارض، ففي معرض "هايتك Hi Tech" شاركنا بخمسة مشاريع، وهناك مشاريع مميزة من جميع الجامعات، والمعرض يفتح لنا مساحة كي نقدم مشاريعنا للزوار والمهتمين المختصين وللشركات الصناعية، ولنقدم فكرة أن لدينا في سوريا مستويات وخبرات جيدة، ولسنا بحاجة لكي نستورد خبرات أجنبية، فإذا توفرت الوحدات الأولية في السوق المحلية، فنحن قادرون أن نبني منها أشياء كثيرة، خاصة وأن موضوع التعليم لم يعد مركزياً، مما يساعد في نهوض التعليم".
طلاب سوريون يطرقون باب الذكاء الصنعي
وأضاف: "هناك صعوبات في تأمين القطع الأولية، فكل هذه التصاميم الموجودة في الجناح هي من إنتاج النادي، تم تصميمها بناء على القطع الإلكترونية المتوفرة لدينا، وهي ليست الأفضل للبيئة الصناعية الثقيلة نظراً للسعر المرتفع والعقوبات الغربية، وأود أن أشكر إدارة جامعة تشرين التي تؤمن أي قطعة نريدها، ولكني أتحدث عن القطع الغير متوفرة في السوق المحلية وتحتاج إليها البيئة الصناعية، لكن ضمن هذه الأدوات المتوفرة لدينا يمكن أن نبني أنظمة تحكم قابلة للتطبيق على صناعات ثقيلة بنفس خوارزميات العمل لكن مع اختلاف الأدوات".

نظام لجرد علب الأدوية على رفوف الصيدلية

بدورها قالت رند عبد الله، وهي مهندسة حواسيب وأتمتة (اختصاص تحكم) لـ"سبوتنيك": "مشروعي هو عبارة عن نظام إلكتروني لمراقبة الصيدلية وجرد الأدوية باستخدام تقنيات التعلم العميق، وذلك لتوفير الجهد والوقت، وتقليل نسبة الخطأ الذي ينجم عن الجرد اليدوي، فمن خلال هذا النظام يمكن تصوير ستاندات الأدوية (الرفوف) واختيار نوع الدواء المطلوب للجرد، فيحدد سريعاً كم علبة موجودة في الصيدلية من هذا الدواء، إضافة إلى مراقبة الأشخاص الذين يدخلون إلى الصيدلية فيما إذا كانوا يرتدون كمامة أم لا".
وتابعت: "يمكن أن نطبق هذه التجربة في السوبر ماركت أو المول أو الشركات، فهو يوفر الجهد والوقت والدقة أيضاً، فنسبة الخطأ فيه قليلة جداً، فعملية الجرد اليدوي روتينية مملة ومتعبة، وقد نضطر فيها لتوظيف شخص لهذه الغاية، حين نتحدث عن صيدلية مركزية أو مول أو سوبر ماركت كبيرة، فعملية الجرد يمكن أن تكون يومية أو أسبوعية أو شهرية أو سنوية، فالكاميرا دائماً تعمل وعملية الجرد دائمة، وهذا يساعد بطريقة معينة أن نعلم ماهو حجم النقص في السلع بشكل أوتوماتيكي وسريع جداً، كما يمكن إجراء مقارنة مع أنظمة الجرد المستخدمة لكي نطابق النتائج من بعضها بعضا حتى نحدد بدقة مكامن الخطأ إن وجدت".

بيئة نظام وهمية عن طريق التخاطب مع برنامج آلي

وقال وسام إياد حامد وهو طالب في الجامعة العربية الدولية لمراسل "سبوتنيك": "أنجزنا أنا وزملائي حمزة الديروان، ورهام الصعيدي، ورزان الحناوي، مشروع (VIMA) Virtual Machine Assistant (مساعد آلة افتراضية) وفكرته مبنية ومستوحاة من سوق العمل، ليكون مساعداً لكل من يريد أن ينشئ بيئة نظام وهمية عن طريق التخاطب مع برنامج آلي (Bot)، وهو مدرب للمحادثة في مجال النظم الافتراضية في بيئة سهلة التعامل، ويمكن للمستخدم الاستعلام عن أي سؤال يخص هذا المجال".
طلاب سوريون يطرقون باب الذكاء الصنعي
وتابع: "في السنوات الأخيرة بدأت معظم الشركات السورية بتطوير أنظمتها، والانتقال بها للعمل على مستوى الحوسبة السحابية، وهذا ما تطلب العديد من الخبراء في هذا المجال والحاجة الملحة لهم، ولهذا السبب قمنا بهذا المشروع الذي يوضح ويسهل فكرة إنشاء بيئة نظم افتراضية بالسرعة والدقة الكافيتين، بعيداً عن أي هدر للموارد أو الوقت، ويكون الحوار مع (Bot) بشرح المشروع أو النظام الذي يراد جعله وهمياً وينتهي بالمواصفات المثلى للنظام، ويغطي المشروع مفهوم الأمان والخصوصية، ويمكن تزويد النظام بطبقة حماية جدار ناري (Firewall)، حيث سيكون الوصول للنظام عن طريق الاتصال بخدمة VPN مشفرة".

تطبيق حجز في رحلات السفر

وقال ياسر الصمصام الطالب في الجامعة العربية الدولية لـ"سبوتنيك": "قمت مع زملائي معاذ تللو، وأحمد عبيد، ورستم قصقاص، بإنجاز تطبيق يسهل عملية الحجز الإلكتروني على السفر بين المحافظات، من خلال الاستعلام عن مواعيد الرحلات، فمثلاً أرغب بالسفر إلى حلب، فأقوم بفتح التطبيق وأكتب عبارة "السفر إلى حلب"، ومن خلال عملية البحث تظهر لدي جميع رحلات الشركات المشتركة في التطبيق ومواعيدها وعدد المقاعد الشاغرة، فنختار المقاعد التي نريد وندخل المعلومات ونسدد ثمن التذاكر من خلال ميزة الدفع الإلكتروني فيتم تثبيت الحجز بهذه الطريقة".
طلاب سوريون يطرقون باب الذكاء الصنعي

المعلّم الآلي

قالت عبير العلبي الطالبة في الجامعة الافتراضية السورية SVU عن مشروع المعلم الآلي: "مشروع المعلم الآلي يساعد الطلاب على التعلم بطريقة تفاعلية عن طريق الكتابة، فعند إنشاء حساب يمكن البدء بالتعلم من خلال كتابة (إبدأ) فينتقل الطالب بشكل مباشر إلى الوحدة الأولى ويدخل على الأسئلة مباشرة، وقد تمت برمجة المحتوى بشكل كامل وتحويله إلى (كود)، وهو يعتمد على المنهاج المدرسي السوري (الصف التاسع حالياً) وقد قمت بتحويل كل المنهاج في البرنامج إلى كود ديناميكي، يتميز في أنه يستحيل أن تتكررالأسئلة، وبدأت بمنهاج الرياضيات التي تشكل هاجساً لكثير من الطلاب، ولهذا السبب بدأت بمادة الجبر لمساعدتهم على التعلم وإتقان المنهاج، وبعد التخرج سأعمم المشروع على جميع المواد الدراسية لمساعدة الطلاب، فبالعلم ترتقي الأمم".

نظام تحكم يخدم إجراء عمليات لرواد الفضاء

وقال كنان ياغي وهو طالب هندسة اتصالات في الجامعة العربية الدولية لـ"سبوتنيك": "يتلخص مشروعي أنا وزميلي أحمد الحموي بأن نتحكم عن بعد وبشكل كامل بـ (باور سبلاي) الموجود في مخبر الجامعة، عن طريق موبايل أو عن طريق لابتوب، وذلك بهدف توفير الوقت والجهد على الطالب، حيث يمكنه أن ينفذ تجربة كاملة وحقيقية وهو في المنزل دون أن يذهب إلى الجامعة".
طلاب سوريون يطرقون باب الذكاء الصنعي
وأوضخ: "الهدف الأساسي من مشروعنا أن نتحكم بمختبر الاتصالات بكامل تجهيزاته الموجودة، ومع سلسلة مشاريع كاملة يمكن ان نتحكم بالمشروع بشكل كامل عن بعد عن طريق الإنترنت".
وأضاف زميله المهندس أحمد الحموي: "أحياناً يتعرض الطالب لكسر في يده مثلاً ولايمكنه استخدامها في عملية التحكم، إذ يمكنه أن يعطي أوامر صوتية فينفذها له نظام التحكم، وإذا كان الشخص لا يستطيع أن يرى النتائج، فيمكن أن تقرأ النتائج له بشكل صوتي، وكذلك يمكن أن نساعد أشخاصاً ضعيفي البصر، ويمكن استخدامه في التطبيقات الطبية، كإجراء عمليات جراحية عن بعد، فقد يحتاج رائد الفضاء لإجراء عمليات جراحية وهو في الفضاء وليس هناك إمكانية لعودته إلى الأرض فضلاً عن تكلفة ذلك الباهظة، ومن هنا تأتي أهمية هذا المشروع".

هلال: المشاريع الواعدة والذكية تجد تمويلاً

أوضح مدير المجموعة العربية للمعارض والمؤتمرات علاء هلال في تصريح خاص لمراسل "سبوتنيك": كان يفترض هذا العام أن تكون حاضنة الأعمال أكبر لأنها مخصصة بالأساس لمشاريع التخرج للطلاب، ولكن بسبب تزامن الامتحانات الجامعية مع توقيت المعرض لم يتمكن كثير من طلاب السنوات الأخيرة من المشاركة وتقديم مشاريعهم، لكن هناك مسابقة ضمن مؤتمر "هايتك" على مجموعة من الأبحاث والباحثين الشباب، وأغلبهم خريجون أو خريجون جدد، لذلك فالحاضنة هذا العام ضمت كل المشاريع المقدمة، لكي تبحث عن مستثمرين، إضافة إلى أن كل المشاريع نشرت في نشرة جامعة دمشق، وهذا أمر مهم وذو قيمة كبيرة بمجال الأبحاث على المستوى العالمي".
طلاب سوريون يطرقون باب الذكاء الصنعي
وأضاف هلال: "سننسق في الدورة القادمة مع الجامعات بهدف عرض مشاريع الخريجين، وبذلك نكون قد تجاوزنا موضوع الامتحانات، وتصبح المنافسة بين مشاريع لخريجين وليس لطلاب السنوات الأخيرة، مما يعطي فرصاً أقوى، ويكون الخريج قد بدأ حياته العملية، وقد وعدنا السيد وزير الاتصالات بالمساعدة في أن تبقى الجامعات على تواصل مع خريجيها المتفوقين، على الأقل لمدة عامين أو ثلاثة أعوام قادمة".

وحول الصعوبات التي تواجه الطلاب في تأمين المواد الأولية والقطع اللازمة قال هلال: "الصناعي الذي يمتلك معملاً يلاقي صعوبة في إيجاد قطع الغيار ومستلزمات الإنتاج، فما بالك بالطالب الذي يبني مشروع تخرجه، أعتقد أن احتضان المشاريع المهمة وربطها بقطاع الاستثمار ومستلزماته وبسوق العمل وبمتطلبات إعادة الاعمار يساعد على تجاوز هذه العقبة، فالمشاريع الواعدة والذكية تجد تمويلاً، لكن حالياً أوجدنا في هذه الحاضنة منبراً صغيراً يفسح لأصحاب المواهب والأفكار لإنجاز أعمال ذات قيمة وتجد من يحتضنها".

ويذكر أن معرض معرض تكنولوجيا المعلومات والاتصالات "هايتك Hi Tech" في دورته التاسعة ضم /75/ جناحاً وشهد مشاركة /150/ علامة تجارية محلية وعالمية، وأقيمت فعالياته بالتعاون مع وزارة الاتصالات والتقانة السورية، وذلك على أرض مدينة المعارض الجديدة في ريف دمشق.
مناقشة