وأبلغت الحكومة الإدارة الأمريكية أنها تعتزم خلال شهر يونيو/ حزيران الجاري، بناء 4 آلاف وحدة سكنية إسرائيلية في مستوطنات الضفة الغربية، فيما قررت اللجنة اللوائية الإسرائيلية "توسيع البناء الاستيطاني في المثلث الغربي لشمال مدينة القدس المحتلة، بواقع 1703 وحدات استيطانية جديدة.
ويقول المراقبون إن التوسع الاستيطاني يأتي بالمخالفة للقانون الدولي واتفاقيات الأمم المتحدة ومجلس الأمن ذات الصلة، فيما يأتي في ظل استمرار الازدواجية الدولية تجاه إسرائيل وفلسطين، لا سيما من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.
ازدواجية المعايير الدولية
حذر الدكتور أسامة شعث، السياسي الفلسطيني وأستاذ العلاقات الدولية، من مخطط حكومة بنيامين نتنياهو لبناء 4 آلاف وحدة استيطانية في الضفة الغربية.
وأكد في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة مخالفة صريحة للقانون الدولي، واتفاقية جنيف الرابعة وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة.
وأضاف أن هذه التحركات تؤكد كل يوم حقيقة ازدواجية المعايير الدولية في التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي على فلسطين، موضحًا أن استمرار الاستيطان والاحتلال في فلسطين فضيحة وعار على المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، التي ما زالت ترعى وتحمي وتدعم وجود إسرائيل في الأراضي العربية.
إنهاء الانقسام الجيوسياسي الفلسطيني
واعتبر شعث أن إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان وإقامة الدولة الفلسطينية على كامل الأراضي المحتلة هي السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، مشددا على أن ذلك لن يتحقق إلا بالوحدة الوطنية الفلسطينية وإنهاء الانقسام الجيوسياسي الفلسطيني، والذي يتزامن اليوم مع الذكرى السنوية الـ 16 لانقلاب حماس على السلطة الفلسطينية بدعم أمريكي وإقليمي وعربي.
ومضى بالقول: "بينما تتوحد الأحزاب اليمينية اليهودية خلف حكومة نتنياهو المتطرفة، تواصل الأحزاب والقوى الفلسطينية انقسامها"، داعيًا كافة القوى الفلسطينية للوحدة الوطنية، وإنهاء الانقسام والتفرغ لمواجهة الاحتلال والاستيطان والعدوان الإسرائيلي المتواصل في القدس والضفة الغربية المحتلة.
القضاء على فكرة حل الدولتين
بدوره، اعتبر ثائر نوفل أبو عطيوي، المحلل السياسي الفلسطيني، أن إبلاغ إسرائيل الإدارة الأمريكية في الشروع ببناء ما يزيد عن 4 آلاف وحدة استيطانية في مناطق الضفة الغربية يأتي ضمن خطوات استيطانية جديدة تسعى لها حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، من خلال ما تسميه مخطط E1، الذي تسعى من خلاله إلى إقامة هذه الوحدات السكنية لربط ما يسمى مستوطنة "معاليه أدوميم" مع القدس المحتلة.
وبحسب حديث عطيوي لـ "سبوتنيك"، تأتي المحاولة الإسرائيلية الجديدة بهدف عزل المستوطنة عن محيطها الفلسطيني، وتقسيم الضفة الغربية إلى قسمين، وهو ما يؤدي إلى القضاء التام على خيار فكرة حل الدولتين، ونسف خيار قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس.
وأوضح أن هناك موافقة من الإدارة الأمريكية على توسيع رقعة الاستيطان في الضفة الغربية والقدس المحتلة في المرحلة القريبة المقبلة، والذي يعطي مؤشرات ودلالات واضحة، بأن إدارة بايدن غير معنية بفتح أي آفاق لحلول تفاوضية سليمة مقبلة، وأنها تساند حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة في استمرار الاستيطان والتهويد الكامل في الضفة الغربية والقدس، وإغلاق كافة الطرق والمسارات في وجه أي مساعي لانطلاق عملية مفاوضات سلمية.
ويرى أبو عطيوي، أن خطة إسرائيل الجديدة تعلن أن الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة سوف يأخذ منحى التهويد والضم، كمسار أكبر من الاستيطان، وهو الذي سيحدد مستقبلًا خريطة (الدولة اليهودية)، التي لن يكون هناك أي وجود لكيان فلسطيني جغرافي مقبل، ومن الممكن الاستناد عليه في تحديد المعالم السيادية والجغرافية للدولة الفلسطينية.
وأوضح أن هذا يعني تأكيد عدم وجود فكرة الدولة الفلسطينية المقبلة في خارطة حكومة نتنياهو، وهذا الذي سيفتح المجال والأبواب كافة لمواجهة حقيقية فعلية مع إسرائيل، قد تستمر لسنوات، ويعيد وتيرة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي للواجهة من جديد، ما قد ينسف أي جهود لعملية تهدئة أو تفاوضية مقبلة.
موافقة دولية ضمنية على الاستيطان
ولفت إلى أن صمت المجتمع الدولي على ممارسات إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني وأراضيه ومقدساته، والتي من ضمنها عمليات الاستيطان والتهويد المستمرة واحتلال أجزاء ومناطق فلسطينية جديدة، دليل يضاف لمباركة الإدارة الأمريكية على كافة الممارسات الإسرائيلية غير الشرعية وغير المشروعة، وأن الصمت الدولي على الاستيطان والتهويد ما هو إلا موافقة ضمنية على كل ما تقوم به حكومة إسرائيل، واعتراف غير مباشر من المجتمع الدولي بالدولة اليهودية على كافة الأراضي الفلسطينية، التي يسعى الاحتلال إلى تعزيزها وتنفيذها عبر اقتلاع الكيان الفلسطيني من أرضه، في خطة تهجير وتشريد ونكبة فلسطينية ثانية تضاف إلى نكبة عام 1948، عبر صمت دولي مريب وغير منطقي ولا مبرر.
وأدانت وزارة الخارجية الفلسطينية عزم الحكومة الإسرائيلية بناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة في الضفة الغربية المحتلة، معتبرة أنها "جريمة وانتهاك صارخ للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وإمعان إسرائيلي رسمي في ضم الضفة الغربية المحتلة" بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا".
وقالت إنها "تنظر بخطورة بالغة لما أورده الإعلام العبري أيضا حول إقدام الحكومة الإسرائيلية على إبلاغ الإدارة الأمريكية بهذه المخططات، وهي تعد اختبارا جديا للإدارة الأمريكية وموقفها من حل الدولتين".
وأقر الكنيست الإسرائيلي موازنة 2023-2024، بموافقة 64 عضوا ومعارضة 56 والتي تبلغ قيمتها 131 مليار دولار للعام الحالي، و139 مليارا للعام المقبل، وخصصت مبالغ كبيرة للمعاهد والمدارس الدينية والمستوطنين، إذ نصت على تخصيص مئات الملايين من الدولارات لإقامة مزيد من المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة.
ويقود بنيامين نتنياهو حكومة من أقصى اليمين الديني والقومي في إسرائيل، تتبنى مواقف متطرفة فيما يتعلق بالاستيطان، وهدم منازل الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية.