خبراء يوضحون سبب تخفيض الأمم المتحدة لمساعداتها الغذائية في سوريا

في خطوة وصفها مراقبون بـ "ورقة الضغط السياسية"، أعلنت الأمم المتحدة أنها مضطرة لخفض مساعداتها الغذائية للسوريين بنحو النصف بسبب نقص التمويل.
Sputnik
وقال بيان لبرنامج الأغذية العالمي إن أزمة التمويل غير المسبوقة في سوريا تجبر برنامج الأغذية العالمي على تخفيض مساعداته لنحو 2.5 مليون شخص، من نحو 5.5 مليون يعتمدون على المساعدات التي تقدمها الوكالة لاحتياجاتهم الأساسية من الغذاء، وفقا لقناة "سكاي نيوز".
ويرى مراقبون أن هناك العديد من الأسباب التي تقف خلف هذا القرار، أهمها الأزمة الاقتصادية التي تواجهها الدول المانحة، واستغلال هذه الورقة للضغط السياسي على الشعب السوري والحكومة.

ورقة سياسية

اعتبر الدكتور علاء الأصفري، المحلل السياسي السوري، أن قرار تقليص المساعدات المقدمة إلى سوريا بسبب نقص التمويل المقدم لمنظمة الأغذية مؤسف للغاية، حيث تحتاج إلى أكثر من 180 مليون دولار لسد العجز.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، اختصرت المنظمة عدد المستفيدين من 5.5 مليون شخص إلى 2 مليون فقط، لا سيما وأن الكثير من الدول المانحة لم تفِ بوعودها والتزاماتها خلال المؤتمرات التي عقدت.
سوريا تسعى بشكل جاد للانضمام إلى التكتلات الاقتصادية العالمية الجديدة كبريكس و شنغهاي
ويرى الأصفري أن هذه الخطوة مسيّسة بهدف الضغط على الشعب السوري، من أجل إفقاره لصالح الدول التي تريد الهيمنة على صناعة القرار السياسي في دمشق، مشيرًا إلى أن الأمر سيزيد الوضع سوءًا في سوريا ناحية المساعدات، لا سيما في ظل الحصار الظالم وغير الشرعي التي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية والغرب على سوريا، وتحاصره من خلال الغذاء والنفط والطاقة.
وأكد المحلل السياسي السوري أن تقليص المساعدات المقدمة تثبت بأنها عبارة عن ورقة سياسية، ومن المتوقع أن نشهد مزيدًا من الضغط على مستوى توفير الاحتياجات اليومية لكثير من المحتاجين في سوريا.

أزمات اقتصادية

بدوره، اعتبر فريد سعدون، المحلل السياسي السوري، أن تخفيض المساعدات الإنسانية الدولية المقدمة إلى سوريا متعلقة بعدة أمور وأسباب جوهرية، منها أن الدول المانحة نفسها تعاني من ضغوط اقتصادية خاصة في منطقة اليورو، بسبب الخلافات السياسية والصراعات وانسحاب بريطانيا من مجموعة الاتحاد الأوروبي، وغيرها من الأزمات الاقتصادية التي تواجه هذه البلدان، ما دفعها لأن تعطي الأولوية لأمورها الداخلية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الصراعات الدولية في سوريا أحد أهم أسباب وقف هذه المساعدات كذلك، هناك أزمات حتى في إدخال المساعدات وصراع دائر على بوابات العبور، ودائما ما تشهد خلافات، ويتم التوصل لاتفاق أممي لعبور هذه الأغذية والمواد من دول الجوار إلى سوريا، وكذلك الدول التي تتدخل بشكل مباشر في الشأن السوري في صراع دائم حول كيفية اتخاذ قرار لعبور هذه المساعدات.
بوريل: الاتحاد الأوروبي يدعم سوريا بـ أكثر من 2 مليار دولار
وأوضح أن الدول المانحة وصلت إلى مرحلة من التعب والإرهاق، حيث تقديم المساعدات على مدى عقد من الزمن، من غير الممكن أن يستمر إلى الأبد، لا سيما في ظل انتظار حل سياسي لا يلوح بعد في الأفق، هذه العملية تبدو مرهقة لدى الدول المانحة.
ولفت إلى أن المساعدات التي تقدم لا تصل إلى مستحقيها، والعدد المطلوب منها، حيث يتم النهب والفساد عبر التوزيع، فكانت تصل إلى نصف العدد المطلوب، والآن بعد تخفيضها ستصل إلى أعداد محدودة جدًا.
وقال بيان برنامج الأغذية: "بعد استنفاذ جميع الخيارات في ظل الموارد المحدودة للغاية، قرر برنامج الأغذية العالمي إعطاء الأولوية لـ3 ملايين سوري غير قادرين على البقاء من أسبوع إلى آخر دون مساعدة غذائية، بدلاً من مواصلة المساعدة لـ5.5 ملايين شخص ونفاد المساعدات الغذائية تماما بحلول أكتوبر 2023".
ومضى ممثل برنامج الغذاء العالمي في سوريا، كين كروسلي، بالقول: "عوضا عن زيادة حجم المساعدات أو حتى الإبقاء عليها بنفس المستوى لمواكبة الاحتياجات المتزايدة، نحن نواجه مشهدا قاتما يتمثل في انتزاع المساعدات من الناس في وقت هم في أمس الحاجة إليها".
محلل سياسي: قانون قيصر يعيق وصول المساعدات الإنسانية إلى سوريا ويزيد من حدة الكارثة
وأعلنت واشنطن وعدة دول أوروبية انزعاجها من عودة سوريا للجامعة العربية، وإعادة علاقاتها مع العديد من البلدان، لا سيما مع المملكة العربية السعودية.
وتفرض الولايات المتحدة ومعها دول غربية أخرى عقوبات اقتصادية صارمة على سوريا، وأبرزها قانون قيصر الصادر في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
يذكر أنه في أواخر عام 2019، وقع ترامب "قانون قيصر"، الذي يشمل عقوبات طالت جميع مجالات الاقتصاد السوري تقريبًا، ويستهدف "قانون قيصر"، بالإضافة إلى الحكومة السورية، جميع الشركات والأفراد الذين يقدمون التمويل أو المساعدة لسوريا.
مناقشة