انتخابات نيابية مبكرة.. مقترح جديد لحل أزمة الشغور الرئاسي في لبنان ما أهميته وإمكانية تحقيقه؟

في خطوة وصفها مراقبون بـ"غير المجدية"، اقترح نائب رئيس البرلمان اللبناني إلياس بو صعب، إجراء انتخابات نيابية مبكرة "في حال عجز البرلمان مرة أخرى عن انتخاب رئيس جديد للبلاد".
Sputnik
وقال بو صعب في تغريدة بحسابه على "تويتر" أمس الجمعة: "اقترحت على رئيس مجلس النواب دراسة اجراء انتخابات نيابية مبكرة لتجنب الفراغ القاتل للبلد الذي قد يمتد لسنوات".
وأوضح أن ذلك في حال "بقي المجلس النيابي عاجزا عن انتخاب رئيس للجمهورية وفي حال لم يقتنع السياسيون بوجوب التواصل الجدي بين كل المكونات"، وشدد نائب على أنه "لا يجب أن نبقى نوابا عاحزين ومسلّمين للأمر الواقع".
وطرح البعض تساؤلات بشأن المبادرة الجديدة، وإمكانية تحقيقها في ظل الظروف السياسية الراهنة، وانسداد الأفق، والمحاصصة الطائفية التي فشلت في انتخاب رئيس الجمهورية حتى الآن.
لبنان.. إلياس بو صعب يقترح إجراء انتخابات نيابية مبكرة لتجنب الفراغ الرئاسي
عقد سياسي جديد
اعتبر الدكتور علي عبدو، الأكاديمي والمحلل السياسي اللبناني، أن فكرة إجراء انتخابات نيابية مبكرة التي طرحها النائب إلياس بو صعب، من حيث الشكل هي أحد الحلول الدستورية التي تلجأ إليها العديد من الدول بعد انسداد الأفق السياسي لإعادة إحياء الحياة السياسية من جديد، والتي تكون عبر حل المجلس النيابي الحالي أو تقصير ولايته.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الخيار الأول مستحيل إلا إذا توافقت الكتل النيابية مجتمعة على هذا الأمر، والأولى أن يتفقوا على انتخاب رئيس جمهورية وصولا إلى حل باقي الملفات العالقة، أما الأمر الثاني يحتاج إلى إقرار قانون وهو أمر صعب التحقيق في ظل التركيبة الحالية للمجلس النيابي.
وقال إن الدستور اللبناني وفقا للمادة 55 بعد التعديل الذي حصل عقب اتفاق الطائف، وضع هذا الأمر بيد مجلس الوزراء بطلب من رئيس الجمهورية، واليوم لا يوجد رئيس للجمهورية اللبنانية، والطلب مشروط بشرطين ذكرتهما المادة المذكورة غير متحققين في الوقت الراهن.
ما بعد الجلسة 12 لانتخاب رئيس لبنان... انقسام عمودي بين الأفرقاء ولا رئيس دون حوار
ويضيف عبدو، أما من ناحية المضمون، أكدت الجلسة الـ 12 التي جرت أخيرا لانتخاب رئيس الجمهورية أن البلاد دخلت في مرحلة التوازن السلبي الذي يؤسس لمرحلة فراغ طويلة، والدعوة لإجراء انتخابات مبكرة وإن حصلت بسبب هذا التوازن السلبي لن تغير من الواقع المأزوم في البلاد، إذ أن الخلافات ليست بالأرقام فقط كزيادة عدد نواب كتلة معينة، وانخفاض عدد نواب كتلة أخرى.
وأوضح أن الانتخابات المبكرة لن تغير كثيرًا في توزيع خريطة الكتل النيابية؛ فالخلافات أعمق ومتجذرة في شكل النظام اللبناني المحكوم بالتوافق والحوار، والواقع اللبناني ونظامه الحالي محكوم بالتوافق والحوار والتنازلات المتبادلة والجرأة في اتخاذ القرارات منعا للتعطيل، وخروجًا من المصالح الضيقة وصولا للمصلحة الوطنية العليا الكبرى التي تخدم المواطن اللبناني بالدرجة الأولى.
ويرى عبدو أن عدم إنهاء الاستحقاق الدستوري يجعلنا أمام مراوحة طويلة الأمد لا أحد يعلم أين تصل بالبلاد، لكنها لن تنتهي إلا بانهيار كامل في لبنان قد يؤدي إلى إنهاء هذا النظام الحالي وصولًا إلى عقد سياسي جديد.
رئيس مجلس النواب اللبناني: انتخاب رئيس الجمهورية لن يتحقق إلا بالتوافق والحوار
مزحة سياسية
بدوره، اعتبر المحلل السياسي اللبناني أسامة وهبي، أن مقترح الذهاب إلى انتخابات مبكرة، "مزحة سياسية" تم طرحها من النائب الذي سبق وتقدم بقانون يقترح إلغاء الانتخابات البلدية، لأن الدولة عاجزة عن إجرائها، وهل أقل كلفة من الانتخابات النيابية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الفكرة يطرحها الرئيس بري وأراد من خلالها إيصال رسالة لجبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر، إذ يعتقد الثنائي الشيعي أنه لولا دعمهم له في الانتخابات الأخيرة لما كانت كتلته لتتخطى الـ 7 نواب.
وأكد وهبي أن هذه الرسالة تقول إن باسيل وإذا استمر بالتعاطي مع قوة المعارضة والسير في اتجاه المرشح جهاد أذعور، يمكن الذهاب لانتخابات نيابية مبكرة يمكن من خلالها تحجيم كتله النيابية، موضحًا أن هذا التهويل مجرد ذر للرماد، بعد الصفعة التي تلقاها الثنائي الشيعي بعد ترشيحهم لسليمان فرنجيه الذي لم يتلق أي دعم بينما المرشح أذعور مدعوم من القوات والكتائب والتيار الوطني والتغيريين، وهو ما أحرجهم خاصة أنه حصد أصوات أكبر من فرنجيه.
باسيل لـ"سبوتنيك": لا حل لأزمة الانتخابات الرئاسية بلبنان إلا بالتوافق على رئيس لا يشكل تحديا لأحد
وقال إن التلويح بالانتخابات المبكرة يأتي لواجهة تيار باسيل، والتهديد بالوصول إلى انتخابات يمكن من خلالها تغير كل خريطة وتركيبة المجلس النيابي، معتبرًا أن الاقتراح غير مجدي وهروب للأمام ولن يفيد في حل الأزمة، المعروف طريقة حلها من خلال الدستور عبر انتخاب رئيس جمهورية في جلسة يحضرها ثلثا المجلس، ويحصد المرشح نصف الأصوات +1.
وأكد أن غير ذلك يعني سياسة تعنت وتخطي القوانين والدستور ورفض الحلول الطبيعية والمجدية، كما أن الخطوة تخالف المنطق.
والخميس الماضي، فشل البرلمان اللبناني للمرة الثانية عشرة من انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، وذلك بعد عدم حصول أي مرشح على الأصوات الكافية في الدورة الأولى، وفقدان النصاب في الدورة الثانية.
ولم يحصل لا سليمان فرنجية المرشح المدعوم من "حزب الله"، ولا وزير المال السابق جهاد أزعور على عدد كاف من الأصوات للفوز، في جلسة برلمانية حامية.
البرلمان اللبناني يخفق مجددا في انتخاب رئيس للجمهورية
وحصل أزعور على تأييد 59 صوتا من أصل 128 نائبا في البرلمان في تصويت أولي، أي أقل من الثلثين المطلوبين للفوز في الجولة الأولى. في المقابل، حصل فرنجية على 51 صوتا في الجولة الأولى.
يذكر أنه في الدورة الأولى يحتاج أي مرشح إلى 86 صوتا للفوز بمنصب الرئيس، وفي الجلسة الثانية يحتاج إلى 65 صوتا أي النصف زائد واحد.
وانتهت الجلسة عقب انسحاب نواب من "حزب الله" وحلفائه ليعطلوا بذلك نصاب الثلثين المطلوب لإجراء جولة ثانية من التصويت يمكن لمرشح أن يفوز فيها بدعم 65 نائبا.
ويكرس فشل التصويت لاستمرار الشغور الرئاسي الممتد منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عقب انتهاء ولاية ميشال عون، كما يرجئ حسم العملية السياسية المتوقفة في البلد الغارق فعليا بواحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في العالم، والذي يواجه أيضا شللا سياسيا غير مسبوق في ظل غياب رئيس الدولة ومجلس وزراء كامل الصلاحيات وانقسام البرلمان.
مناقشة