أدى الانقسام السياسي في البلاد وانتشار السلاح لتفشي ظاهرة الاتجار بالبشر وتحولت العديد من مراكز الاحتجاز الشرعية لمحطات عبور، خاصة في ظل تورط العديد من العاملين بالمراكز أو المسؤولين في عمليات التهريب التي باتت تضم العديد من الأفراد داخل ليبيا وخارجها.
رغم المساعي التي تقودها أوروبا للحد من العمليات الهجرة، فإن بعض الخبراء يلقون باللوم على الدول الغربية التي استعمرت العديد من الدول الأفريقية وتسببت في تخلفها بعد أن نهبت ثرواتها، حسب وصفهم.
ضلوع الأجهزة في التهريب
كما أكدت شهادات لمهاجرين غير شرعيين في وقت سابق، ضلوع العديد من القائمين على مراكز الهجرة غير الشرعية في ليبيا في انتهاكات بحقهم ووصل بعضها للتسبب في موت المهاجرين، وهو ما وثقته منظمة العفو الدولية.
أرقام مفزعة
وأعلنت المنظمة الدولية للهجرة مصرع 441 مهاجرا في وسط البحر الأبيض المتوسط خلال الربع الأول من عام 2023.
ولقي 59 شخصا على الأقل حتفهم، الأربعاء، بعد غرق زورق يقل عشرات المهاجرين قبالة شبه جزيرة بيلوبونيز في جنوب غرب اليونان، بعد أن أبحر من ليبيا باتجاه إيطاليا.
تقارير حقوقية
في يوليو/ تموز 2021 قالت منظمة العفو الدولية في تقرير "إن أدلة جديدة على الانتهاكات المروّعة – ومن بينها العنف الجنسي – ضد الرجال والنساء والأطفال الذين اعتُرض سبيلهم أثناء عبور البحر الأبيض المتوسط وأعيدوا قسرا إلى مراكز الاحتجاز في ليبيا – تسلط الضوء على العواقب الرهيبة لتعاون أوروبا المستمر مع ليبيا بشأن مراقبة الهجرة والحدود".
وثق التقرير المعنون "لن يبحث عنك أحد.. المعادون قسرا من البحر إلى الاحتجاز التعسفي في ليبيا"، أن الانتهاكات المرتكبة طوال عقد من الزمن بحق اللاجئين والمهاجرين استمرت بلا انقطاع في مراكز الاحتجاز الليبية خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2021 برغم الوعود المتكررة بمعالجتها.
وتابع التقرير: "منذ أواخر 2020، شرّع جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في ليبيا – وهو إدارة تابعة لوزارة الداخلية – الانتهاكات من خلال دمج مركزيْ احتجاز جديدين في بنيته، حيث اختفى المئات من اللاجئين والمهاجرين قسراً في السنوات السابقة على أيدي الميليشيات، وفي مركز أُعيد تصنيفه حديثا، قال الضحايا إن الحراس اغتصبوا النساء وعرّضوهن للعنف الجنسي، بما في ذلك بإرغامهن على ممارسة الجنس مقابل الطعام أو حريتهن".
تفشي الظاهرة
يقول البرلماني الليبي عصام الجهاني، إن عدم وجود دولة مستقرة بسلطة واحدة، يسهم في تفاقم الهجرة غير الشرعية.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن أوروبا تسببت في الحالة الراهنة في الدول الأفريقية عبر نهب ثروات الدولة، وعملت على تنمية بلادها وتركت الدول الأفريقية تعاني الفقر، ما يضطر الشعوب للهجرة باتجاه أوروبا.
وأشار إلى أن مافيا تهريب البشر والنفط في ليبيا يشارك فيها بعض المسؤولين، نظرا لعدم تطبيق القانون بالشكل الواجب، إثر الوضع السياسي الراهن، وتفشي السلاح.
مسؤولية أوروبا
من ناحيته قال حسين مفتاح المحلل السياسي الليبي، إن هجرة أبناء الأفريقية التي سلبت ثرواتها من قبل الدول المستعمرة سابقة، تعد طبيعية، إثر ما ترتب على عمليات الاستعمار والضعف والتخلف والجهل والفقر الذي خلفه في دول الجنوب.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن المهاجرين ينطلقون من دولهم التي تعاني الفقر عبر دول الممر منها ليبيا وتونس نحو دول المقصد التي يرون فيها الاستقرار الاقتصادي والنفسي والمعيشي.
بشأن فشل الجهود في ليبيا للحد من عمليات الهجرة غير الشرعية، يرى مفتاح أنه من الصعب الإيقاف الكامل لعمليات الهجرة، حتى في ظل الاستقرار.
ويرى أن الأزمة في ليبيا وعدم الاستقرار والانقسام المؤسساتي والأمني يعد أبرز العوامل المساهمة في زيادة عملية الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، والتي تدر الملايين على القائمين عليها من شبكات متشعبة.
تابع مفتاح" يتم استقبال المهاجرين في جنوب ليبيا ونقلهم عبر مسارات بعيدة عن الطرق الرئيسية، وأعين السلطات التي تحاول التصدي من الهجرة، فضلا عن بعض الشخصيات المسؤولة والتي يوكل إليها مكافحة الهجرة، لكنها تتورط في عمليات التهريب".
وفق مفتاح فإن عملية الحد منها أصبحت شبه مستحيلة، خاصة أن شبكات التهريب أصبحت متجذرة بشكل كبير وتفوق كل ما يتم ترتيبه لمواجهة الظاهرة.
وتابع "العديد من المسؤولين الليبيين، وفي مقدمتهم شخصيات معنية بمكافحة الهجرة تورطوا في هذه العمليات وأصبحوا ضمن حلقة (شبكات) التهريب دون محاسبتهم".
وفي أبريل/ نيسان الماضي، قال اللواء رافع البرغثي، رئيس جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية شرقي ليبيا، إن استمرار الأوضاع في السودان يضاعف عمليات النزوح باتجاه الحدود الليبية.
وأوضح البرغثي في حديثه مع "سبوتنيك"، أن المئات من السودانيين وصلوا إلى الحدود الليبية مع السودان (جنوبي ليبيا)، بشكل فردي، في ظل توقعات بارتفاع الأعداد حال استمرار الأوضاع.