وقال ممثل الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، في مؤتمر صحفي، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية في القاهرة، أحمد أبو الغيط، إن "قرار العودة جاء في الوقت الذي لم تقم فيه سوريا بأي جهد لتخفيف الصراع"، فيما أكد احترام بلاده القرار السيادي العربي.
وأوضح خبراء أن ثمة فجوة ما بين دول أوروبا والمنطقة العربية، خاصة أن أوروبا باتت في تبعية كاملة للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، مشيرين إلى أن هذه الخطوة تقودها الولايات المتحدة الأمريكية وتأتي في ظل استقلال عربي في المنطقة.
تبعية أمريكية
اعتبر غسان يوسف، المحلل السياسي السوري، أن "موقف الدول الأوروبية تجاه سوريا وعلاقاتها مع الدول العربية، كان سلبيًا منذ بداية الأحداث، حيث عملت هذه الدول على تزويد مجموعات مرتبطة بداعش وبجهة النصرة، والجماعات الراديكالية بالأسلحة التي لا تزال تفتك بالمواطنين السوريين، وتقوم كذلك بدعم قوات قسد الانفصالية في شمال شرق سوريا".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، في كارثة الزلزال الذي ضرب سوريا كان الاتحاد الأوروبي مقصرًا جدا في مد يد المساعدة، على عكس ما فعل مع تركيا، وكذلك في مؤتمر بروكسل الأخير، "لم يقم بالتعاون مع دمشق، واعتبار أن الشعب الذي يعيش في مناطق سيطرة الحكومة السورية هو أيضا يعاني وينقصه الكثير من المواد الغذائية والبنية التحتية".
وأكد أن الموقف الأوروبي تجاه تأجيل الاجتماع الوزاري العربي الأوروبي بسبب عودة سوريا لجامعة الدول العربية غير مفاجئ وكان متوقعًا حيث تعد هذه الدول بمثابة الذيل للرأس الموجود في الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.
وقال إن هذه الدول بعيدة كل البعد عما تقوله من شعارات إنسانية تخص المواطن السوري، أما إذا كان يخص تفتيت الدولة السورية أو دعم مناطق خارج عن سيطرة الدولة، يسارعون في ذلك وفي دعم المعارضين حتى ولو كانوا من المسلحين الإرهابيين وينتمون لـ"داعش" و"النصرة" والجماعات الإرهابية.
واعتبر يوسف أن موقف الاتحاد الأوروبي عدائي غير إنساني بعيدًا عن كل مبادئ الأمم المتحدة وميثاقها.
استقلال عربي
بدوره، اعتبر ميخائيل عوض، المحلل السياسي اللبناني، أن قرار الاجتماع الوزاري العربي الأوروبي بسبب عودة سوريا للجامعة العربية هو "خطوة تعبر عن حجم الامتعاض من خروج الدول العربية، خاصة الخليجية منها بقيادة المملكة العربية السعودية عن الهيمنة والولاء وقبول فرص الإملاءات من والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، ليس واضحًا إن كانت هذه الخطوة تؤشر إلى تعطل العلاقات والذهاب باتجاه التأزم ما بين أوروبا والدول العربية، لكن ربما ما حدث مجرد استجابة للطلبات والضغوط الأمريكية، حيث لم تعد أوروبا لها أي استقلالية، حتى هامشية عن أوامر واشنطن.
وقال إن "الوقائع الملموسة والصلبة على أرض الواقع، هو أن سوريا عادت للعرب، والعرب عادوا لسوريا، والسعودية تقود الدول العربية لتوسيع شق الخلافات والتباينات مع المشروعين الأمريكي والأوروبي في المنطقة العربية، وهذه خطوات راسخة لم يعد هناك إمكانية للعودة عنها".
وفيما يتعلق بتطور العلاقات بين الكتلة العربية والأوروبيين والأمريكية الفترة المقبلة، يرى أن الأمر مفتوح على كل الاحتمالات، والأرجح "احتمال زيادة شق الخلاف بينهما"، حيث بات بمقدور الدول العربية التخلي عن موضع "المؤتمر للأوامر الأمريكية والأوروبية، بل ولديهم كل القوة ولم يكن ينقصهم سوى السيادة والقرار فقط، وربما عادوا الآن بهذه الوسيلة وقرروا أن يغردوا بسربهم الخاص".
وكان قد شدد ممثل الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل على أن "موقف الاتحاد الأوروبي لن يتغير إلا إذا حققت دمشق تقدماً في تطبيق قرارات الأمم المتحدة، لا سيما قرار مجلس الأمن الدولي 2254 ولهذا السبب طلب الاتحاد الأوروبي تأجيل الاجتماع الوزاري"، وفقا لـ"الشرق الأوسط".
وأكد المسؤول الأوروبي، خلال المؤتمر الصحفي، أنه على الرغم من تأجيل الاجتماع الوزاري العربي ـ الأوروبي، فإنه قام بزيارة إلى جامعة الدول العربية ليؤكد رغبة الاتحاد في تعميق العلاقات والحوار معها.
وقال في وقت سابق، إن الاتحاد الأوروبي سيواصل فرض عقوبات على الحكومة السورية، مشيرا إلى أن "الظروف الآن في الاتحاد الأوروبي ليست مواتية لتغيير سياساته تجاه سوريا".
وأعلنت واشنطن وعدة دول أوروبية انزعاجها من عودة سوريا للجامعة العربية، وإعادة علاقاتها مع العديد من البلدان، لا سيما مع المملكة العربية السعودية.
وتفرض الولايات المتحدة ومعها دول غربية أخرى عقوبات اقتصادية صارمة على سوريا، وأبرزها قانون قيصر الصادر في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.