يأتي هذا في الوقت الذي تستعد فيه المملكة المتحدة لإجراء انتخابات عامة في 2024، فيما تجاوز الإنفاق الإيرادات بمقدار 20 مليار جنيه إسترليني في شهر مايو/ أيار الماضي، مما تسبب في وصول الدين العام لهذا المستوى.
وكان عجز الميزانية في الشهرين الأولين من السنة المالية 42.9 مليار جنيه إسترليني، وهو ما يفوق توقعات خبراء الاقتصاد في القطاع الخاص ومكتب مسؤولية الميزانية، ويزيد بمقدار 2.1 مليار جنيه إسترليني عن التوقعات وتقريباً ضعف قيمة العجز في الفترة نفسها من العام الماضي.
ويواجه رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك صعوبة في خفض الضرائب بشكل كبير، وتعتبر هذه الخطوة ضرورية بالنسبة للحزب المحافظ لتفادي الهزيمة في الانتخابات العامة المقبلة، حيث تظهر استطلاعات الرأي انحسارا مستمرا في شعبية الحزب بأرقام تتخطى العشرات مقارنةً بحزب العمال المعارض.
عوامل ارتفاع الإنفاق
وتعزى أسباب ارتفاع الإنفاق إلى العوامل المرتبطة بأزمة التضخم، مما دفع بنك إنجلترا إلى رفع أسعار الفائدة من 0.1% في نهاية عام 2021 إلى 4.5%، حسبما ذكرت قناة "الشرق".
كما بلغت تكلفة دعم فواتير طاقة المنازل في مايو، 3.6 مليار جنيه إسترليني، وأضافت المدفوعات المرتبطة بالمنافع التي تتبع معدل التضخم 2.9 مليار جنيه إسترليني إلى الإنفاق على الرعاية الاجتماعية.
اتفق عمال القطاع العام الذين أضربوا عن العمل على زيادات أجور أكبر من المتوقع، حيث ارتفعت تكاليف الأجور بمقدار 3.4 مليار جنيه إسترليني مقارنة بالعام الماضي، ويرجع ذلك بشكل كبير إلى التسوية التي تم التوصل إليها بشأن الأجور في هيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة.
وزادت تكاليف خدمة الديون بسبب التضخم المتسارع، حيث أدى هذا التضخم إلى زيادة قيمة مدفوعات السندات المرتبطة بمؤشر أسعار التجزئة، والتي انخفضت بشكل طفيف عن العام السابق إلى 7.7 مليار جنيه إسترليني.
زيادة الديون فاقت التوقعات
وتزيد تكاليف خدمة الديون بمقدار 700 مليون جنيه إسترليني عن توقعات مكتب مسؤولية الميزانية وهو ما يشير إلى مخاوف بشأن توقعات النمو، حيث جاء الإنفاق الإجمالي في مايو أعلى من المتوقع، بينما جاءت الإيرادات قليلة بقليل من التوقعات، مما يشير إلى مخاوف بشأن النمو المستقبلي.
توقعت مجموعة "إي واي أي تي إي إم" أن يرتفع الدين العام البريطاني في العام المالي الحالي بمقدار 20 مليار جنيه إسترليني إلى 132 مليار جنيه إسترليني، وفقًا لتوقعات مكتب مسؤولية الميزانية.
وأوضحت المجموعة أنه لم يتم احتساب الزيادة الحادة في أسعار الفائدة السائدة في السوق، ومن المرجح أن تخالف الحكومة قواعدها بشأن الميزانية.
مصير الأجيال القادمة
وشهدت المملكة المتحدة زيادة في حالات الإفلاس إلى أعلى مستوى في 4 سنوات، في حين زاد الدين الحكومي بمقدار 6.5 مليار جنيه إسترليني عن الحد الذي يحدده القانون لنسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام الخامس من توقعات ميزانية مارس/آذار.
علاوة على ذلك، فإن كل زيادة بنقطة مئوية في تكاليف الاقتراض تزيد من الدين الحكومي بما يقرب من 20 مليار جنيه إسترليني، وتشير التوقعات الحالية لأسعار الفائدة في السوق إلى زيادة بنحو 1% مقارنة بما كانت عليه في مارس.
من جانبه، أعلن وزير الخزانة، جيريمي هانت، أنه سيكون من الظلم البيّن ترك الأجيال القادمة يواجهون حسابات مفتوحة للديون التي لا يمكنهم سدادها، ولذلك تم اتخاذ قرارات صعبة ولكن ضرورية لتسوية الحسابات، وتحقيق خفض التضخم بمقدار النصف في هذا العام، وتعزيز النمو الاقتصادي وتقليل الديون.
وأشارت روث غريغوري، نائبة كبير خبراء الاقتصاد المعنيين بشؤون المملكة المتحدة لدى "كابيتال إيكونوميكس"، إلى أن الأرقام تثير الشكوك حول قدرة وزير الخزانة على تنفيذ خفض كبير في الضرائب قبل الانتخابات والالتزام بالقواعد المالية، وأن أي خفض محتمل قد يكون متواضعا أو يتم التراجع عنه بسرعة.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، وصل رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، إلى الولايات المتحدة الأمريكية في أول زيارة له، والتي تستمر يومين، منذ توليه منصبه في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وكتب سوناك، عبر توتير، لقد "هبطت طائرتي في الولايات المتحدة".
وفي تغريدة منفصلة، قال: "عندما أفكر في الولايات المتحدة، أفكر في الفرص والمشاريع والحرية، وبالتالي نثمن حصة المملكة المتحدة من ذلك".
ولفت رئيس الوزراء البريطاني إلى أنه "عملنا دائما بخطى ثابتة لحماية شعبنا"، مشددا على ضرورة "بناء المملكة المتحدة والولايات المتحدة تحالفا يحمي اقتصاد البلدين".