في تاريخ الأول من سبتمبر/ أيلول عام 1859، كان عالم الفلك البريطاني، ريتشارد كارينغتون، يحقق في مجموعة غريبة من النقط المظلمة في الغلاف الجوي للشمس عندما لفت انتباهه انفجار ساطع من الضوء.
استمر الانفجار لمدة خمس دقائق تقريبًا، ودخل كتب التاريخ لاحقًا كأول وهج شمسي مسجل على الإطلاق، لكن اسم "كارينغتون" سيصبح في النهاية مرادفًا للعاصفة الشمسية، التي ضربت الأرض بعد أقل من 48 ساعة.
وتسببت العاصفة المتسارعة للجسيمات المشحونة كهربائيًا، والتي تسمى الآن بـ"حدث كارينغتون"، في إشتعال النيران في مكاتب التلغراف، وتسببت في شفق قطبي ملون في أقصى الجنوب مثل كوبا وهاواي.
وحتى يومنا هذا، يعتبر"حدث كارينغتون" بمثابة أكثر عاصفة شمسية شدة في التاريخ المسجل، وتلك النقط المظلمة التي كان كارينغتون يدرسها، هي مناطق شاسعة بحجم كوكب من الطاقة المغناطيسية المكبوتة تسمى "البقع الشمسية"، التي كان من الممكن أن توفر دليلًا كبيرًا على أن شيئًا ما كان في طريقه إلينا.
ورسم كارينغتون بنفسه رسما تخطيطيا للبقع الشمسية التي رآها تواجه الأرض، ثم قدم الرسومات لاحقًا إلى مجلة الإخطارات الشهرية للجمعية الملكية الفلكية، بحسب مجلة "لايف ساينس" العلمية.
وتُظهر الصور مجموعة كبيرة من النقط الداكنة التي قدر كارينغتون أن تكون مجتمعةً بنفس عرض كوكب المشتري.
قدّر تحليل نُفذ عام 2019، لرسوماته المنشورة في مجلة "Space Weather"، أن البقع امتدت بين 9% و14% من عرض القرص الشمسي.
ولاحظ العلماء بقعة شمسية ذات حجم مساو تقريبًا في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2003، قبل أن تبدأ في أقوى وهج شمسي في العصر الحديث.
وارتفع نشاط البقع الشمسية بشكل كبير في أوائل عام 2023، حيث تجاوزت أعداد البقع الشمسية بكثير توقعات "ناسا" الشهرية، وعلى الرغم من أنه لم يتم رؤية أي شيء بحجم البقع الشمسية في كارينغتون حتى الآن. ومع ذلك، فإن وفرة البقع الشمسية تشير إلى أن الحد الأقصى المقبل من الطاقة الشمسية سيصل أسرع وأقوى مما توقعته "ناسا" سابقًا.