خبير عسكري يكشف لـ "سبوتنيك" الأسباب التي تجعل روسيا أفضل وسيط لإنهاء الصراع في السودان
جاءت الهدنة الأخيرة في السودان، كعيدية سريعة من طرف واحد، ولا تزال الأوضاع هناك متأزمة ومستمرة بالرغم من عدة محاولات للتهدئة والوساطات الدولية لحل النزاع. ولكن وفي ظل هذه الظروف التصعيدية قد نشهد تغيرًا في وجهة السودان نحو وساطة روسية. فهل تنجح روسيا في أن تكون وسيطًا فاعلًا في حل أزمة السودان؟
Sputnikوصرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، يوم أمس الخميس، عقب اجتماعه بوفد سوداني ترأسه نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي للسودان، مالك عقار، بأن بلاده تتابع الوضع في السودان بقلق ومستعدة للمساعدة في حل النزاع.
روسيا نموذج للوسيط الاستراتيجي
وحول هذا الموضوع، قال الخبير العسكري الاستراتيجي السوداني، أمين إسماعيل، في حديثه لوكالة "سبوتنيك":
إن العلاقات السودانية الروسية علاقات تاريخية قديمة ومتجذرة ويمكن لروسيا أن تلعب دورًا كبيرًا جدًا في حل الأزمة في السودان، أولًا بسبب العلاقات الأفقية والرأسية التي تربطها بأطراف الصراع الدائرة في السودان، وثانيًا روسيا تعتبر من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وبالتالي لديها قوة في التأثير على القرارات والخطط التي تصدر من المنظمة الدولية والمنظمات الإقليمية، وثالثًا لأن لديها علاقات مع دول الجوار، والتي تؤثر في الصراع الدائر حاليًا في بلادنا، ولذلك تعتبر روسيا نموذجًا للوسيط الدولي والإقليمي الناجح والمقبول من أطراف الصراع.
وأشار أمين إسماعيل إلى أن "زيارة نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي للسودان، مالك عقار، جاءت تتويجًا لهذه العلاقات ولطلب تدخل روسيا كوسيط في هذا الصراع وإعلان السلام، وتقديم العون في المنظمات الإقليمية والدولية في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ بلادنا".
أطراف الصراع لهما عقيدة مختلفة
وتحدّث الخبير العسكري بأن "اختلاف العقيدة لدى طرفي النزاع، القوات المسلحة ترى الدعم السريع واحدة من القوات التي كانت تتبع لها وتمردت، وبالتالي تم إصدار قرار بحلها، والنظرية التي تتحرك بها القوات المسلحة هو الإسراع إلى إدماج ما تبقى من الدعم السريع، وبالتالي إنهاء هذا الوجود الذي بدأ بخطأ من النظام السابق ويجب أن يزول الآن". وتابع:
أما الدعم السريع فيرى نفسه أنه قوة تم تقنينها بقانون من المجلس الوطني السابق، وبالتالي لا بد من وجوده ويشارك في الانتقال الديموقراطي وهذه النظرية سقطت الآن بالممارسات التي تمت أثناء الصراع بالاعتداء على المواطنين وبيوتهم والنهب والسلب وتدمير الممتلكات والبنية التحتية، وبالتالي سقطت ورقة التوت الخاصة بالانتقال الديمقراطي أو حماية المواطن السوداني.
وأضاف: "لذلك، النظرية الآن في إنهاء هذا الصراع، تعتمد على دمج الدعم السريع وإنهاء وجوده في الساحة السودانية، إذ لا يعقل أن تكون قاطرة برأسين، أو بلد بجيشين، يجب أن تكون دولة واحدة لها جيش وطني واحد".
ضغط روسي- تركي لإنهاء النزاع
وحول العلاقات السودانية الروسية، قال الخبير العسكري:
إن هذه العلاقات توحي بأن روسيا يمكن أن تلعب دورًا كبيرًا، خاصة وأن علاقة روسيا بقائد الدعم السريع ممتازة، وبالتالي يمكن لروسيا أن تضغط لإنهاء هذا الصراع ومن الممكن أن يجلس الطرفان لإكمال الملف العسكري الخاص بالدمج، وأيضًا روسيا وتركيا يشتركان في أن لديهما الرغبة في إقامة علاقات اقتصادية وسياسية مع السودان، الذي يتمتع بموقع جيواستراتيجي هام جدًا يطل على البحر بشريط ساحلي طويل والكثير من الموارد المعدنية الثمينة التي يمكن الاستثمار فيها.
وتابع: "أيضًا هناك تنافس بين روسيا وتركيا من جانب، وبين الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الإقليمية الأخرى تجاه الموارد السودانية، في تقديري، أن السودان ينظر إلى روسيا كدولة كبرى شقيقة يمكن لها إحلال السلام في البلاد".
ما بعد عصيان "فاغنر" الأخير
وأشار المتحدث إلى العصيان الأخير الذي قام به مؤسس شركة "فاغنر" يفغيني بريغوجين، وتداعياته على الأزمة في السودان، وقال:
أعتقد أن وضع شركة "فاغنر" الروسية تعقد تمامًا، فقد جاءت في البداية بمباركة روسية للتنقيب عن الذهب في السودان، ثم انتقلت إلى تدريب القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، ولكن بعد أن بدأت في التواجد في دولة أفريقيا الوسطى وفي الحدود مع السودان، وهناك تسريبات عن دعمها لقوات الدعم السريع.
وتابع: "أعتقد أنه بعد العصيان الأخير ودمج "فاغنر" داخل الجيش الروسي واستلام أسلحته، يمكن لروسيا أن توقف أي نوع من أنواع الدعم التي يمكن تقديمها للدعم السريع وإيقاف هذه الحرب، والضغط على "فاغنر" للخروج من الأراضي السودانية، وإذا كان لروسيا أية مصالح يمكن أن تكون عبر اتفاقيات مباشرة مع الحكومة السودانية الموجودة".
واختتم، قائلا بأن "الأزمة السودانية هي أزمة داخلية تختص بتمرد قوة على القوات المسلحة السودانية، وأفضل المنصات لإنهاء هذا الصراع هي المنصة الروسية، لأنها الأقرب أفقيا ورأسيًا للجانبين، وبالتالي وجودها كدولة عظمى في مجلس الأمن، وبالتالي تعتبر نموذجا مثاليا لحل الأزمة".
وتتواصل منذ 15 نيسان/ أبريل الماضي، اشتباكات عنيفة وواسعة النطاق، بين قوات الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع في مناطق متفرقة من السودان، تركزت معظمها في العاصمة الخرطوم، مخلفةً المئات من القتلى والجرحى بين المدنيين، في حين لا يوجد إحصاء رسمي من ضحايا العسكريين من طرفي النزاع العسكري.
مناقشة