وفق مسؤول جزائري وخبير آخر، فإن العلاقات بين الجزائر وفرنسا لم تتأثر بالأحداث هناك حتى الآن، لكنها تظل محل ترقب، لما قد يحدث خلال الأيام المقبلة بحق الجاليات المغاربية وفي المقدمة منها الجزائرية.
وترتبط التخوفات بانعكاسات الأحداث الجارية في فرنسا، على الجالية الجزائرية في فرنسا في المقام الأول، والمغاربية بشكل عام، خاصة في ظل دعوات تستهدف الأفارقة والعرب هناك.
وصباح الثلاثاء الماضي، أطلقت الشرطة النار على مراهق يبلغ من العمر 17 عامًا، خلال تفتيش على الطريق في نانتير، ضاحية في غرب باريس، بعد أن رفض تنفيذ طلباتهم، حسب قولهم.
تعليق رسمي
من ناحيته قال البرلماني الجزائري موسى خرفي، إن وزارة الخارجية الجزائرية لا تتحدث عادة في مثل هذه الأمور، لكنها نددت بمقتل الشاب من أصول جزائرية بدم بارد، في ظل قلق في الشارع الجزائري من تطورات العنصرية تجاه الجزائريين خاصة والمغاربة والأفارقة بشكل عام.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن "التخوفات تتعلق باليمين المتطرف الذي يدعم الأمن هناك، كما جمع الأموال لدعم الشرطي القاتل".
الاستعمار وراء الأزمة
واستبعد أي انعكاسات على الجالية الجزائرية هناك، لافتًا إلى أن الأعداد الكبيرة للجاليات في فرنسا، تسببت فيها الأخيرة باستعمارها للدول المغاربية لسنوات طويلة.
بشأن انعكاسات الأزمة هناك على سياسة الهجرة من أفريقيا تجاه أوروبا، لفت إلى أن ممارسات سابقة للأحداث تمثلت في إغراق سفن المهاجرين في البحر، كما ورد في شهادات الناجين.
من ناحيته قال الباحث الجزائري نبيل كحلوش، إن الأزمة في فرنسا ليست سوى جزءا من أزمة عامة تمر بها أوروبا كاملة.
وأضاف: "هي تعكس حربا طبقية وليست مجرد ردود أفعال عن حوادث أمنية، فالدلالات التي تحملها في شعارات المتظاهرين أو تصريحات السياسيين مثل (العنصرية، السود والبيض، المهاجرين، أبناء الضواحي، الهوية الوطنية، القومية.. إلخ)، تصب في خانة واحدة وهي "أزمة مجتمع".
ويرى في حديثه مع "سبوتنيك"، أن الأزمة نفسها هي نتيجة لمقدمات أخرى تتمثل في: "عدم احتواء ظاهرة الهجرة ثقافيًا، والاكتفاء باحتوائها بمقاربات قانونية أو أمنية بحتة، وكذلك التورط في زعزعة الأمن القومي في المستعمرات التقليدية، وانعدام الانسجام في السياسة الخارجية الفرنسية وشبه غياب للتنسيق مع دول الاتحاد الأوروبي في قضايا الهجرة".
استبعاد التوتر
ولفت إلى أن العلاقات بين فرنسا والجزائر لن تتوتر في الفترة الحالية، نظرًا لعدم أي تأييد رسمي للاحتجاجات هناك، أو حتى اعتبار الجزائر كدولة طرفا في الأزمة.
ولفت إلى أن التفاعل الذي وقع من جانب الجزائر، حتى الآن، تمثل في بيان وزارة الخارجية دعت فيه لحماية الجالية الوطنية في الخارج.
وتابع: "من زاوية أوسع، فإن الأزمة التي وقعت فيها فرنسا هي نفسها الأزمة التي تمر بها حضارة الغرب عموما وأوروبا خصوصا، حيث أن التمحور حول الذات (Egocentrism)، وانتهاج الرؤية الأورو- مركزية (Euro-centrique)، أدى إلى فقدان النظر السليم لباقي العالم".
واستطرد قائلًا: "كل ما سبق يؤدي - كنتيجة منطقية - إلى خلل في التعامل معه. وتؤدي هذه النظرة إلى مفارقات سلوكية تأتي بنتائج عكسية من مثل: الانتقائية في التضامن، الازدواجية في المعايير، ضبابية في الفهم الموضوعي، انتهاج خطاب تفاضلي، الانحياز الإدراكي.. إلخ".
ومضى بقوله: "بينما يتم اغتيال مواطن ما من أصول خارجية في دولة كفرنسا بدواع عنصرية، فإن هذه الحادثة الجزئية هي تعبير عن حقيقة كلية أخرى، وهي الأزمة الثقافية والروحية العامة التي تمر بها الحضارة الغربية ككل، والتي تمثل فرنسا جزءا لا يتجزأ منها".
واندلعت أعمال شغب في عدة مدن في فرنسا منذ عدة أيام، ويقوم الشباب بحرق السيارات ومباني الشرطة والسلطات، ونهب المتاجر، نشرت على إثرها قوات الشرطة الخاصة في عدة مدن، وتم استخدام مدرعات ومروحيات لمواجهة المحتجين على مقتل الشاب الجزائري نائل.