وحسب الدراسة التي أجراها باحثون في جامعة كاليفورنيا، ومستشفى "جريت أورموند ستريت" ومعهد "ويلكوم سانجر" ونشرتها دورية "نيتشر ميديسن"، فإن في ذلك النوع من العلاج، يتم استخراج الخلايا التائية من دم المريض من خلال عملية تسمى "فصادة الخلايا البيضاء".
وفي المختبر، يعاد تعديل الخلايا التائية التي تم جمعها وراثياً للتعبير عن مستقبلات تسمى بـ "المستضدات الكيميرية" (CARS) على سطحها، ويتم تصميم هذه المستقبلات للتعرف على بروتينات أو مستضدات معينة موجودة في الخلايا السرطانية.
بعد ذلك، يتم زراعة الخلايا التائية المعدلة وتوسيعها في المختبر، ما يؤدي إلى زيادة عددها، ثم تحقن وريديا في جسم المريض، وبمجرد دخولها، تتعرف على الخلايا السرطانية المستهدفة وتنشط وتبدأ استجابة مناعية قوية ضد السرطان.
ويمكن أن يشمل ذلك إطلاق المواد السامة للخلايا وتجنيد الخلايا المناعية الأخرى لمهاجمة الخلايا السرطانية، إذ أظهر العلاج بالخلايا التائية المعدلة نجاحاً ملحوظاً في علاج بعض أنواع سرطان الدم، وأنواع معينة من سرطان الغدد الليمفاوية.
مدة بقاء الخلايا المعدلة في الجسم
وترى الدراسة الجديدة أن أحد العوامل الرئيسية التي تحدد ما إذا كان العلاج سيكون طويل الأمد لسرطان الدم، هو طول مدة بقاء الخلايا التائية المعدلة في الجسم.
وحتى الآن، لم يُعرف سوى القليل عن سبب بقاء هذه الخلايا في الجسم، وبالتالي، ما إذا كان من المرجح أن يعمل العلاج على المدى الطويل وبفاعلية.
وقال المؤلف الرئيسي للدراسة، ناثانييل أندرسون، من معهد "ويلكوم سانجر"، في بيان، إن الفريق "تمكن لأول مرة من فك شيفرة استمرارية الخلايا التائية في أجسام بعض الأطفال، وتقديم أول دليل على سبب ذلك الأمر الحيوي الذي يساهم في خلو الأطفال من السرطان بعد العلاج".
تجربة 5 سنوات
وفي الدراسة، عمل الفريق مع العائلات لسنوات بعد علاجهم بالخلايا التائية المعدلة وراثياً للبدء في تكوين صورة عن سبب بقاء بعضها في الجسم على المدى الطويل، إذ يوفر هذا العمل أول نقطة انطلاق لفهم سبب استمرار وجود بعض الخلايا التائية المعدلة وراثياً.
وباستخدام التقنيات التي تحلل الخلايا الفردية على المستوى الجيني لفهم ما تفعله، تمكن العلماء من تحديد توقيع فريد في خلايا العلاج المناعي التي تبقى لمدة طويلة في الجسم، إذ يشير التوقيع إلى أن الخلايا طويلة الأمد في الدم تتحول إلى حالة مختلفة تمكنها من مواصلة مراقبة جسم المريض بحثاً عن الخلايا السرطانية.
وتمكن الفريق من دراسة خلايا 10 أطفال تم تسجيلهم في تجربة CARPALL لمدة تصل إلى خمس سنوات، بعد خضوعهم للعلاج الأصلي بالخلايا التائية المعدلة، ما أتاح لهم فهماً جديداً لسبب بقاء بعض تلك الخلايا في مجرى دم المريض، ولماذا تتلاشي عند البعض الآخر مبكراً، ما يمكن في بعض الحالات السماح للسرطان بالعودة.
وحدد الباحثون تغييرات أو أنماطاً جينية محددة مرتبطة ببقاء الخلايا التائية على المدى الطويل وفعاليتها، إذ يمكن أن يوفر فهم هذه الخصائص الجزيئية رؤى حول كيفية استمرار العلاج بالخلايا التائية المناعية ووظيفتها في الجسم، ما قد يساعد في تحسين علاجات الخلايا التائية وتحسين نتائجها على المدى الطويل لدى مرضى السرطان.
كما حددوا الجينات الرئيسية في الخلايا التائية المعدلة التي يبدو أنها تمكنها من البقاء في الجسم لفترة طويلة، والأهم من ذلك أن هذه الجينات ستوفر نقطة انطلاق للدراسات المستقبلية.