ما الآليات التي تمتلكها دول جوار السودان للضغط على أطراف الصراع السوداني لوقف الحرب، وما مدى قبول الأطراف لوساطة دول الجوار.
بداية، تقول أماني الطويل، مديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في القاهرة، إن قمة دول جوار السودان المقرر عقدها في القاهرة خلال أيام، تعد اللقاء الأول من نوعه ويمكن أن تقدم الكثير بشأن الصراع الدائر بين الجيش وقوات الدعم السريع.
سياق شامل
وأضافت الطويل، في حديثها لـ"سبوتنيك": "كل التحركات السابقة من جانب دول الإقليم كانت تدور في مسارات متوازية، أما تلك القمة فهى سياق شامل يعطي أو يهيئ منصة للتفاهم بين كل دول الجوار، خاصة وأنهم معنيين بشكل مباشر بالصراع بعد تصاعد التهديدات الأمنية في بلادهم، خاصة أن بعض تلك الدول تعاني بالفعل من مشكلات داخلية، إضافة إلى وجود تداخل بين الأزمة السودانية وبعض المجموعات العرقية بتلك الدول".
وتابعت: "المسألة الأخرى فيما يمكن أن ينتج عن تلك القمة، أنها يمكن أن تقدم تصور حول كيفية وقف إطلاق النار ورسم ملامح صفقة سياسية لطرفي الصراع لإنهاء هذه الحرب".
الرعاة الدوليين
وأشارت مديرة البرنامج الأفريقي إلى أن تحقيق النتائج الإيجابية مرتبط بما يمكن أن تتوصل له تلك القمة من تفاهمات لها رعاة دوليين، بمعنى أنه إذا كانت هناك إرادة أمريكية برعاية التحرك المصري فسوف تكون هناك فرص كبيرة للنجاح، أما إذا فضلت واشنطن مسار الـ"إيغاد"، فسوف يؤدي ذلك إلى تفاقم الأزمة، لأن المكون السوداني متنوع والمصالح المحيطة به أيضا متنوعة وتفضيل طرف على آخر لن يصب في صالح المنطقة ولا في صالح الاستقرار السياسي بها.
وحول الأوراق التي تمتلكها دول الجوار والتي قد تمثل بابا نحو وقف الحرب، تقول أماني الطويل: "أعتقد أن بعض دول جوار السودان تمتلك علاقات جيدة بطرفي الصراع، وبعضها يمتلك علاقات جيدة بأحد الأطراف، التي يمكنها التأثير عليه، لكن أي نجاح سيكون رهنا لما ستقدمه تلك القمة لطرفي الصراع في ظل غياب الإرادة السياسية لوقف الحرب".
أوراق متنوعة
وأوضحت الطويل أن هذه القمة أو ما بعدها تبلور نوعا من أنواع الصفقات السياسية وسوف يكون لها حظ من النجاح.
ولفتت مديرة البرنامج الأفريقي إلى أن القاهرة تمتلك أوراق متنوعة ولها قدرة على التأثير في الملف السوداني، على اعتبار أنها تستضيف حجم كبير من اللاجئين، علاوة على علاقاتها بكل أطراف الطيف السياسي السوداني، كما أنها تمتلك خبرة كبيرة في التفاعلات السياسية السودانية.
دوافع قوية
وفي المقابل، يقول عثمان ميرغني، الكاتب والمحلل السياسي السوداني، إن قمة دول الجوار السوداني المقرر عقدها في القاهرة تختلف كثيرا عن كل المجهودات الإقليمية والدولية السابقة التي حاولت التعامل مع الأزمة الحالية.
وتابع في حديثه لـ"سبوتنيك": "هناك مخاوف كبيرة من أن تكون هناك تأثيرات لتلك الأزمة على دول الجوار ومنها تشاد التي تتعامل مع تلك الأزمة بحذر شديد خوفا من امتدادها إلى داخل البلاد، حيث أنها ستكون من أوائل الدول، التي تمتد إليها الأزمة السودانية"، مضيفا: "لذا فإن كل دول الجوار لديها مصالح وأيضا مخاوف".
وأكد ميرغني أن الدول الوحيدة التي تمتلك دوافع قوية لحل الأزمة ووقف الحرب، هى دول الجوار السوداني، التي تستطيع لعب دور قوي بحكم ارتباطها بالشأن السوداني تاريخيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وكل ذلك يساعد بالفعل في أن تكون تلك القمة يمكن أن تمثل أساسا يتم البناء عليه للحل بين الفرقاء السودانيين، خاصة من جانب القاهرة التي تعد الأكثر تواصلا مع الفاعلين السياسيين داخل السودان، إضافة إلى أن الكثير من القيادات السياسية السودانية تعيش حاليا في القاهرة.
صراع داخلي
وأوضح المحلل السياسي أن هناك علاقات تربط بعض دول الجوار مع أطراف الصراع، وعلى سبيل هناك علاقات بين الدعم السريع في دارفور ودولة تشاد، بالإضافة إلى ليبيا لها أيضا علاقة بالدعم السريع، حيث يمكن أن توظف تلك العلاقات فعليا للعب دور في التسوية السياسية، مع مراعاة أن هناك عوامل أخرى تؤثر في هذا الأمر.
ولفت عثمان ميرغني، إلى أن المعضلة في الأزمة السودانية هي أن النزاع يمثل صراع داخلي في المؤسسة العسكرية السودانية، فالجيش السوداني يرى أن قوات الدعم السريع قامت بتمرد، وهو ما قد ينتج عنه تحفظات في العلاقة مع الدعم السريع لبعض دول الجوار.
وأعربت الآلية الرباعية لـ"إيغاد"، اليوم الاثنين، عن أسفها لغياب وفد الحكومة السودانية عن حضور اجتماعها، الذي أقيم في العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، لحل الأزمة السودانية.
وقالت "إيغاد" في بيانها الختامي إنها "تلاحظ الغياب المؤسف لوفد القوات المسلحة السودانية على الرغم من الدعوة وتأكيد الحضور".
كما أعربت "إيغاد" في البيان، عن "قلقها العميق إزاء تأثيرات الحرب الدائرة في جمهورية السودان التي أودت بحياة الآلاف حتى الآن وتشريد ما يقرب من 3 ملايين شخص، بما في ذلك 2.2 مليون نازح وحوالي 615 ألف لاجئ عبروا الحدود إلى الدول المجاورة، التي التي فتحت حدودها لتوفير الحماية للسودانيين".
وعبرت اللجنة الرباعية لـ"إيغاد" كذلك، "عن قلقها من تصاعد النزاع والانتهاكات المتكررة لاتفاقيات وقف إطلاق النار المختلفة وانتشار العنف خارج الخرطوم إلى أجزاء أخرى من السودان خاصة في دارفور وكردفان حيث يتخذ أبعادا عرقية ودينية مما يهدد بتعميق الصراع.
الاستقطاب في البلاد
وجددت وزارة الخارجية السودانية، اليوم الاثنين، رفضها لترؤس كينيا لاجتماعات اللجنة الرباعية المنبثقة عن منظمة "إيغاد" بسبب "عدم حيادية" رئيس كينيا تجاه الأزمة السودانية.
وأعلنت الرئاسة المصرية، أمس الأحد، أن "مصر ستستضيف مؤتمر قمة دول جوار السودان، الخميس المقبل، لبحث سبل إنهاء الصراع الحالي والتداعيات السلبية له على دول الجوار".
وقالت الرئاسة المصرية، في بيان لها على فيسبوك، (أنشطة شركة "ميتا"، التي تضم شبكتي التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"إنستغرام"، محظورة في روسيا، باعتبارها متطرفة)، إن "المؤتمر سيضع آليات فاعلة بمشاركة دول الجوار لتسوية الأزمة في السودان".
وأضافت أن "استضافة مصر لقمة دول جوار السودان تأتي في إطار حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي، على صياغة رؤية مشتركة لدول الجوار المباشر للسودان، واتخاذ خطوات لحل الأزمة وحقن دماء الشعب السوداني، وتجنيبه الآثار السلبية التي يتعرض لها، والحفاظ على الدولة السودانية ومقدراتها".
يشار إلى أنه في 12 يونيو/ حزيران الماضي، شكلت قمة مجموعة "إيغاد" في جيبوتي لجنة رباعية برئاسة كينيا وعضوية جنوب السودان وإثيوبيا والصومال، للبحث عن حل للأزمة السودانية.
وتتواصل، منذ 15 أبريل/ نيسان الماضي، اشتباكات عنيفة وواسعة النطاق بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مناطق متفرقة من السودان، تتركز معظمها في العاصمة الخرطوم، مخلفة المئات من القتلى والجرحى بين المدنيين.