اتفاق تسريع وتيرة العمل بحقل الدرة… هل تجاوزت السعودية والكويت خلافاتها مع إيران؟

لا يزال الخلاف حول ملف "حقل الدرة" بين إيران من جهة والسعودية والكويت من جهة أخرى مشتعلا، لا سيما بعد إعلان الرياض تسريع الأعمال فيه.
Sputnik
وبحثت اللجنة المشتركة الدائمة "الكويتية - السعودية" تسريع وتيرة الأعمال والإنجازات في المشاريع البترولية المرتبطة بالمنطقة المقسومة، بما في ذلك العمليات المشتركة في حقلي الخفجي والوفرة، وفقا لبيان صادر عن وزارة النفط الكويتية.
وزير خارجية الكويت: ثروات حقل الدرة مناصفة بيننا وبين السعودية فقط لا غير
وجدد وزير الخارجية الكويتي سالم عبد الله الجابر الصباح، اليوم الثلاثاء، تأكيد ملكية بلاده مع السعودية حصرا، لثروات حقل الدرة للغاز في المنطقة البحرية المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة بين الكويت والسعودية.
وقال خلال جلسة مجلس الأمة، إن "الثروات التي تقع في حقل الدرة، هي ثروات مشتركة بين الكويت والمملكة العربية السعودية بالمناصفة فقط لا غير"، حسب وكالة الأنباء الكويتية "كونا".
وأضاف الوزير الكويتي أن "وزارة الخارجية أصدرت بيانا واضحا بشأن موضوع حقل الدرة"، مشيرا أنه أكد لوزير الخارجية الإيراني أمير حسين عبد اللهيان موقف الكويت الواضح تجاه هذا الموضوع.
وطرح البعض تساؤلات بشأن تداعيات تسريع السعودية والكويت العمل في الحقل من دون الاتفاق مع إيران، وإمكانية أن يعرقل ذلك التقارب ما بين طهران ودول الخليج.

توتر قائم

قال محمد خيري، الباحث في الفلسفة السياسية والمتخصص في الشؤون الإيرانية، إن هناك عدة بوادر لعدم اتفاق بين الدول الثلاث (إيران من جهة والكويت والمملكة العربية السعودية من جهة أخرى)، فيما يتعلق بحقل الدرة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تسعى إيران إلى القفز على أي مكتسب يمكنها من الحصول على ثروات نفطية وغازية، خاصة وأن طهران دخلت في مفاوضات مع الكويت في وقت سابق دون حضور المملكة العربية السعودية لتلك المباحثات.
وأضاف خيري أن الثروات التي يحتوي عليها حقل الدرة تقدر بأكثر من 11 تريليون قدم مكعب من الغاز وما يعادل 300 مليون برميل نفطي، وكانت المملكة العربية السعودية والكويت قد وقعتا عقد شراكة بالمناصفة للثروات بين كلا منهما، وهو ما أغضب إيران التي دخلت مباحثات مع الكويت بشكل منفرد دون حضور السعودية، وفوجئت باتفاق سعودي كويتي يستثني إيران من الحصول على مكتسبات في المنطقة المغمورة المقسومة.
إيران تعلق مجددا على "أزمة حقل الدرة" مع الكويت
ولفت الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية إلى أن هناك إجراء آخر أثار غضب إيران في وقت سابق، وهو توقيع مذكرة تفاهم بين السعودية والكويت لتطوير حقل الدرة في نهاية العام الماضي 2022.
وقال محمد خيري: "يبدو أن إيران اتخذت إجراءات فورية للرد على تلك المباحثات التي استثنتها بأن استنفرت الميليشيات الحوثية في المناطق الشمالية لليمن والمتاخمة للحدود السعودية، وهو ما ظهر في تصريحات وزير الدفاع في حكومة الحوثي محمد العاطفي الذي أكد أنه "لا بوادر لحسن النية" مع الجانب السعودي، وهو ما دعا الميليشيات لأن تنشر عناصرها على كافة الحدود سواء مع السعودية أو مناطق الجنوب المحررة، منوها إلى أن الميليشيات الحوثية لا تتحرك عادة أو تزيد من تموضعاتها وتمركزاتها العسكرية إلا بضوء أخضر إيراني".

تفاهم موجود

واعتبر فواز كاسب، الباحث السعودي في الشؤن الاستراتيجية والأمنية، أن تعجيل العمل في حقل الدرة يأتي في سياق التناغم السياسي ما بين المملكة والكويت، وفي إطار ما تقوم به السعودية من أجل حل جميع الخلافات على مستوى المنطقة، لا سيما وأن هذا الحقل مهم جدا اقتصاديا، نظرا لكمية الغاز والبترول الموجودة بداخله.
الكويت: لا مجال لمفاوضات مع إيران بشأن حقل الدرة لأنه حق حصري للكويت والسعودية
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن الجهود السعودية والكويتية المبذولة للاستفادة من حقل الدرة، ووضع السيادة التامة عليه، يتوافق مع القانون الدولي البحري، حيث يقع الحقل في المياه المتاخمة بين الحدود السعودية الكويتية، والاستفادة منه حق مشروع للدولتين.
وفيما يتعلق بالجانب الإيراني، قال كاسب إن الحقل شهد، نوعا من التعدي الإيراني، نتيجة التدخل الأمريكي في السابق، بيد أن الجهود الدبلوماسية المبذولة وقتها أجلت قضية التطوير والاستفادة، فيما نجحت المملكة العربية السعودية خلال هذه السنوات من تكوين تاريخ سياسي لحل الخلافات بين الجيران والأشقاء، وجميع ما يتعلق بالحدود وما تحتويه من موارد طبيعية.
وأكد الباحث السعودي أن تطوير الحقل في الوقت الراهن يأتي لعدم تكرار أخطاء الماضي، وترك الملف مرة أخرى ليكون بيد من لديه إمكانيات مثل أمريكا وأوروبا لتحريك إيران ضده من أجل التأثير على الاستفادة منه.
وأكد أن المملكة، وبعد التقارب مع إيران وإعادة العلاقات الدبلوماسية، تحرص على إنهاء وتصفير أي نوع من الخلافات، وترتكز على حسن النوايا والجوار مع طهران، معتبرا أن جهود السعودية الدبلوماسية والحلول السياسية للخلافات الحدودية بينها وبين دول الجوار سوف تؤتي ثمارها الاقتصادية والسياسية خلال السنوات القريبة.
وزير النفط الكويتي يوضح لـ"سبوتنيك" كيف سيتم حل أزمة حقل الدرة مع إيران
واستبعد الخبير السعودي أن تؤثر تحركات المملكة والكويت على التقارب مع إيران، في ظل التفاهم القائم ما بين الرياض وطهران والجهود المبذولة في هذا الإطار، وحرص قيادة السعودية على عدم حدوث أي توتر، مؤكدا أن هناك من يحاول استغلال هذا الملف، حيث تحدثت بعض التقارير عن تحريك سعودي للقطع البحرية تجاه حقل الدرة.
وقال إن التحركات العسكرية السعودية عمل روتيني للقوات البحرية لحماية المياه الإقليمية للمملكة، والحفاظ على المنشآت والمنصات النفطية، ولم يأت من أجل ملف حقل الدرة بشكل خاص كما يروج البعض.

تفاوض إيراني

وفي تصريحات سابقة لـ "سبوتنيك"، اعتبر عماد أبشناس، المحلل السياسي الإيراني، أن خلاف حقل الدرة البحري قديم، حيث تم اكتشافه في العام 1960، واعتبر أنه "حقل مشترك بين إيران والمملكة ودولة الكويت"، حسب قوله.
وأكد أن "الخلاف حول هذا الحقل يأتي بسبب إصرار إيران على أن ترسيم الحدود يكون على أساس الجسم القاري، وهنا يكون 40 في المئة من هذا الحقل في مياه إيران الإقليمية، فيما تصر الكويت على أن يكون الترسيم طبقا للحدود البرية، وهذا يعني أن إيران خارج الحقل بشكل كامل".
السعودية توجه رسالة لإيران بشأن ملكية حقل "الدرة"
وأوضح أن "هذا الخلاف أدى إلى وقف كل عمليات التنقيب عن الغاز في هذا الحقل منذ سنوات طويلة، حتى يتم حل مشكلة الحدود وترسيمها بين البلدين، لكن خلال الفترة الأخيرة، اتفقت الكويت والسعودية على استخراج الغاز من الحقل، وهذا الموضوع أغضب الإيرانيين، وقالوا إنهم يريدون كذلك الاستفادة من استغلال الغاز في مياههم الإقليمية، وهو ما دفع الكويت إلى الدعوة للتفاوض.
واستبعد أبشناس أن "يؤثر هذا الخلاف على عملية التقارب الإيراني الخليجي والعربي، حيث أكد أن الموضوع خلاف قديم، وكان هناك في بعض الفترات محاولات من الولايات المتحدة الأمريكية لتحريض الدول على بعضها بعضا، لكن الكويت عرضت أن تعود الاتصالات والتنسيق لترسيم الحدود".
ولفت المحلل السياسي الإيراني إلى أن الجانب الإيراني يريد التفاوض حول حقل الدرة مع الكويت والسعودية من أجل التوصل لحل للخلاف القائم، ولا ترغب طهران في الدخول مجددا في صراع أو حرب أو مواجهة عسكرية مع الكويت، أو صراع سياسي مع دول الخليج.
عودة الخلافات بين إيران والكويت... ما تأثير أزمة "حقل الدرة" على مسيرة التطبيع بين طهران والخليج؟
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، في تصريح له اليوم الثلاثاء، إن "حقل الدرة، إلى جانب ترسيم الحدود البحرية، كانت من بين القضايا التي نوقشت بين إيران والكويت في آخر جولة من المفاوضات القانونية والفنية في هذا الشأن، بتاريخ 13 مارس/ آذار الماضي، في طهران، بين الوفدين الإيراني والكويتي على مستوى كبار مديري وزارتي الخارجية في البلدين"، حسب وكالة "فارس" الإيرانية.
وأضاف كنعاني أن "القضايا المتعلقة بترسيم الحدود البحرية واستغلال الموارد الهيدروكربونية المشتركة، مع مراعاة المصالح المشتركة ومبدأ حسن الجوار مع جميع الجيران، بما في ذلك الكويت، كانت دائما موضع اهتمام جمهورية إيران الإسلامية"، مؤكدا أن سياسة الحكومة الحالية تقوم على الحوار والتعاون والمشاركة، وستتم متابعة القضايا الثنائية في هذا الإطار.
ومن جهتها، وجهت المملكة العربية السعودية رسالة إلى إيران بشأن المنطقة البحرية، التي يقع فيها حقل الدرة للغاز، وجددت دعواتها السابقة للجانب الإيراني للبدء في مفاوضات لحل الخلافات المتعلقة بالحقل.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية، نقلا عن مصدر في وزارة الخارجية، يوم الثلاثاء الماضي، تأكيده أن ملكية الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المقسومة، بما فيها حقل الدرة بكامله، هي "ملكية مشتركة بين المملكة ودولة الكويت فقط".
واتفقت السعودية والكويت، في وقت سابق، على الإسراع في تطوير واستغلال حقل غاز "الدرة"، الذي تؤكد إيران أنها مشتركة معهما فيه، مجددتان الدعوة لإيران لترسيم الحدود البحرية في المنطقة التي يقع فيها الحقل.
معلومات عن حقل "الدرة" النفطي
مناقشة