إطلاق نار وتهديدات متبادلة.. هل ينزلق التوتر في جنوب لبنان إلى حرب بين إسرائيل و"حزب الله"؟

من مزارع شبعا إلى قرية الغجر، تزداد الأوضاع على الحدود الجنوبية اللبنانية مع إسرائيل توترًا، وسط مخاوف دولية من اندلاع مواجهة جديدة مع "حزب الله" اللبناني.
Sputnik
وتشهد المنطقة الحدودية بين لبنان وإسرائيل توترات متصاعدة، خلال الأسابيع الأخيرة، فيما قال الجيش الإسرائيلي، الأربعاء الماضي، إنه تعامل مع عناصر من "حزب الله" اللبناني حاولوا استهداف السياج الحدودي بين البلدين، ونشر شريطا مصورا يظهر انفجار ما بدا أنها قنبلة على مسافة قريبة جدا من 4 أشخاص على الحدود، ركضوا بعد ذلك داخل الأراضي اللبنانية.
وقال خبيران لبنانيان إن إسرائيل غير معنية بالتصعيد في الوقت الحالي، لا سيما في ظل ما تواجهه من أزمات داخلية، ومع الخسائر التي يتكبدها المحور الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، لكنهما أكدا إمكانية تدهور الأوضاع والوصول لمواجهات مسلحة.
"يونيفيل" تحذر من وضع "مقلق وحساس للغاية" على حدود لبنان مع إسرائيل
سيناريوهات المواجهة
اعتبر نبيه عواضة، المحلل السياسي اللبناني، والمتخصص في الشؤون الإسرائيلية، أن هناك عملية إشغال لإسرائيل تجري على طول الشريط الحدودي، مرتبط بسعي لبنان للاستفادة من تآكل نظرية الردع لدى الإسرائيلي من أجل استعادة نقاط حدودية محط نزاع.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هناك 13 نقطة حدودية متنازع عليها، بينها 7 نقاط حولها تأكيد بشرعية لبنان بالسيطرة عليها، أما باقي النقاط "ملتهبة" سياسيا ودبلوماسيا ويمكن أن تؤسس لاشتباك من نوع آخر نشاهد بوادره في التحول حول ما يجري اليوم على الحدود.
وقال: "بالنسبة للبنان استطاع أن يحقق إنجازًا كبيرًا بالترسيم البحري، مستفيدًا من قدرات المقاومة، وهو يريد أن يسحب هذا الإنجاز على الترسيم البري وتثبيت الحقوق، في لحظة يعاني منها الإسرائيلي سواء على مستوى أزمة الحكم والانقسام الداخلي الحاد حول الإصلاح القضائي، أو على صعيد محاصرته بمفهوم "تعدد جبهات القتال" في حال نشوب حرب أو اقتتال مع حزب الله وما يعنيه ذلك من احتمال تدحرج المواجهة إلى معركة كبيرة".
ويرى عواضة أن إسرائيل لا تريد هذه المعركة، على الأقل في المدى الزمني القريب نسبيا بسبب الأزمات الداخلية، لكنها أيضا لا تستطيع ترك الأمور رهينة الحدث الكبير والذي من الممكن أن يحصل لأي سبب، خاصة أن الأمور اندفعت نحو مزيد من التعقيد تمثل بضم أراضي لبنانية في القسم الشمالي من قرية الغجر قابلته المقاومة بنصب خيمتان في منطقة مزارع شبعا التي يعتبرها لبنان محتلة في حين تعتبرها إسرائيل أراضي تتبع للأراضي السورية التي احتلتها عام 1967 ومن ثم ضمتها في العام 1981.
لبنان يتقدم بشكوى ضد إسرائيل لدى الأمم المتحدة
وقال إن "المقاومة ماضية في إشغال الإسرائيلي عبر تحركات مستمرة أشبه بمناورات ميدانية واختبارات ترى بها المقاومة ضرورة من أجل فرض الانسحاب من الغجر وتسجيل إنجاز الترسيم البري بما يضمن الحقوق، لكن خلف ذلك على جبهتي الحدود هناك تأهب متبادل لإمكانية حصول المواجهة".
وتابع: "الإعلام الإسرائيلي تحدث عن سعي حزب الله لتحقيق إنجاز سيادي في ظل الأزمة الاقتصادية والسياسية والمالية وما يعنيه ذلك من تثبيت لمشروعية سلاح المقاومة، وتحت هذا السعي يتحضر الإسرائيلي لليوم الثاني من المعركة التي لا يريدها، خاصة مع وجود قوات "الرضوان" على الحدود وتلقيها أوامر تنفيذية من قيادة المقاومة".
ويشدد المحلل اللبناني على أنه "في حال حصل أي خرق إسرائيلي لقواعد الاشتباك يعني أن عناصر المقاومة ستبدأ في تنفيذ خطة الاقتحام"، مؤكدًا أن استمرار الوضع على هذه الوتيرة من المناوشات دون حل لمشاكل ضم أجزاء الغجر، وفشل جهود الوسيط الأمريكي، يعني أن إمكانية تطور الأمور إلى مواجهة ساخنة مسألة واردة لكنها تحتاج إلى أخطاء كبرى.
وأوضح أن "النشاط الدبلوماسي والسياسي ورفض القيادة السياسية الإسرائيلية خطة إزالة خيم المقاومة والتي وضعها الجيش قد تؤدي إلى حرب، على الرغم من التهويل الإعلامي وتصريحات بن غفير الشعبوية، ما يعني أن المعركة لم تنضج ولكنها على نار هادئة حتى الآن".
لبنان يؤكد استعداده لترسيم كامل الحدود الجنوبية مع إسرائيل
تغير المعادلة
قال علي عبدو، الأكاديمي والمحلل السياسي اللبناني إن "المقاومة كانت تقوم قديمًا بعمليات عسكرية على إسرائيل، أما اليوم قد تغيرت قواعد الاشتباك حيث أن المقاومة أصبحت قادرة على الدخول ليس فقط إلى قرية الغجر بل إلى عمق فلسطين المحتلة، وأي تصعيد إسرائيلي سيغير الكثير من المعادلات وإسرائيل تعي هذا الموضوع جيدًا".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، لن تقوم إسرائيل بأي عمل متهور، حيث تدرك تماما أن هذا ستقود إلى ضعفه أكثر فأكثر، وإلى تنامي قوة محور المقاومة، وبالتالي إضعاف المحور الأمريكي وتغير الخارطة الجيوسياسية للشرق الأوسط بوتيرة أسرع، وأمريكا تدرك هذا الموضوع جيدًا، ولن تتحمل خسارة جديدة تضاف إلى الخسائر التي يواجهها في العالم.
واستبعد الأكاديمي اللبناني أن "يقوم الكيان الإسرائيلي بتصعيد أمني وعسكري في الجنوب، وما يحدث محاولة للفت أنظار العالم أن هذا الكيان لا يزال موجودا ويملك المبادرة والقوة التي أصبحت مزيفة، حيث لا يزال يعيش على أوهام وأنقاض الدولة التي لا تقهر ولا يريد أن يقتنع بأن المعادلات قد تغيرت، ولا يريد التسليم بالواقع الحالي".
الجيش الإسرائيلي يفحص سبب عدم تفعيل أنظمة الإنذار أمام إطلاق قذائف المدفعية من لبنان
وفيما يتعلق بالتصعيد المحتمل، أوضح أن هذا يعتمد على سلوكيات قادة إسرائيل، والتي لا يمكن قرائتها لا إنسانيا ولا أخلاقيا ولا حتى قانونيًا، وهو ما ظهر عندما ضمت إسرائيل مؤخرا الجزء الشمالي من قرية الغجر وهي أراض لبنانية لا يوجد أي خلاف قانوني حولها.
وقال عبدو إن "هذا الوضع يقودنا لطرح تساؤلات بشكل معاكس، حول إمكانية تحرك المقاومة اللبنانية الوطنية هذه المرة لتحرير هذه الأرض في حال تقاعس الدبلوماسية الدولية عن القيام بواجباتها وفشل المنظمة الدولية كما العادة في إخضاع الكيان الإسرائيلي للقانون الدولي وإجباره على تطبيق القرارات والاتفاقيات الدولية، وهو أمر مستبعد".
وأعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم السبت، "إطلاق النار واستخدام وسائل لتفريق متظاهرين تجاوزوا الخط الأزرق من لبنان".
وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان له، إن قواته "أبعدت مجموعة من المواطنين اللبنانيين حاولت تجاوز الخط الأزرق في منطقة مزارع شبعا"، مشيرا إلى أنه أطلق النار لتفريق المتظاهرين اللبنانيين الذي عبروا الخط الأزرق.
إسرائيل: أي خطأ من "حزب الله" سيتلقى حسن نصر الله ضربة لن تقارن بحرب لبنان الثانية
وأفادت قناة "المنار" بأن "قوات الاحتلال طالبت الصحفيين بمغادرة المنطقة رغم وجودهم خلف ما يسمى بخط الانسحاب في مزارع شبعا".
ونقلت القناة اللبنانية التابعة لـ"حزب الله" اللبناني، عن النائب قاسم هاشم، قوله إنه "ليس هناك ما يسمى بخط الانسحاب ولا خطوط حمراء أمام الأجزاء المحتلة من أرضنا ومن حقنا الوصول إليها".
واستقدم الجيش الإسرائيلي التعزيزات إلى المنطقة، وخرق خط الانسحاب في الجزء المحتل من مزارع شبعا اللبنانية الحدودية مع الجولان السوري.
مناقشة