تشكيل وفد وزاري لزيارة دمشق... لماذا يعرقل الغرب إعادة اللاجئين السوريين من لبنان؟

اللاجئين السوريين في البقاع، لبنان
وسط العراقيل التي تضعها أوروبا وأمريكا في طريق إعادة النازحين السوريين، يستعد لبنان لتشكيل وفد وزاري لزيارة سوريا وبحث هذه القضية المهمة.
Sputnik
وأبلغ وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، عبد الله بو حبيب، القائم بأعمال السفارة السورية في لبنان، علي دغمان، برغبة الحكومة تشكيل وفد من الوزارة لزيارة دمشق لبحث جملة من القضايا المشتركة، ومنها قضية النازحين السوريين في لبنان.
ويأتي التوجه اللبناني، في ظل إدانة بيروت لقرار البرلمان الأوروبي الصادر في 12 يوليو/ تموز الجاري، الذي ينص على استمرار دعم بقاء النازحين السوريين في لبنان.
وطرح البعض تساؤلات عن أسباب عرقلة أوروبا إعادة النازحين، وإمكانية أن تنجح الحكومة اللبنانية في إنهاء هذا الملف، الذي يشكل أزمة سياسية، ويزيد من الأعباء الاقتصادية على بيروت.
الخارجية اللبنانية: نتولى الاتصالات الدبلوماسية حول النازحين السوريين وليس المسائل التقنية
خطة غربية
قال الخبير السياسي والاستراتيجي السوري، الدكتور أسامة دنورة، إن "المسعى الغربي، وضمنه الأوروبي، لاستمرار الضغط الاقتصادي والمعيشي على الشعب السوري، سواء كان داخل الأراضي السورية أم خارجها، هو مسعى واضح المعالم ومقروء، ويقدم الغرب دليلا جديدا عليه كل يوم".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك": "بصورة عامة، ينتهك الاتحاد الاوروبي سيادة كل من سوريا ولبنان معا عبر إصداره قرارا يدعم الإبقاء على النازحين السوريين في لبنان، رغم أن التفاهم حول الملف ما بين البلدين - في حال غابت الضغوط الغربية - أمر متيسر وفي متناول اليد".
وأكد أن

الغرب يعمل في إطار الوضع السوري على عدة اتجاهات تصب جميعها في إطار مساعيه لانتهاك السيادة والإبقاء على مشهد استمرارية الحرب، والإبقاء على المعاناة الاقتصادية والمعيشية؛ فالغرب الذي يقف عائقا عمليا في وجه الشرعية الدولية، عبر رفضه تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2642، فيما يتعلق بالإنعاش المبكر، يريد الاستمرار في تسييس الورقة الإنسانية والحيلولة دون عودة اللاجئين.

وأوضح أنه "يفعل ذلك سعيا لحرمان الدولة السورية من المساعدات التي قد تقدمها الدول والمنظمات الإنسانية في إطار مشاريع الإنعاش المبكر، وبالتالي يسعى لاستدامة الوضع الراهن المتمثل بوجود دمار واسع في البنى التحتية السورية، وباليد الأخرى استمرار معاناة اللاجئين في المخيمات".
ويرى دنورة أن "تسييس الغرب للملف الإنساني يبدو واضح المعالم من لاءاته الثلاث المتعلقة بالوضع السوري؛ لا للتطبيع، لا لإعادة الإعمار، ولا لرفع العقوبات، أي استمرار الضغط المعيشي والتجويع والحرمان في الملف الإنساني، حتى تطويع سوريا سياسيا واحتوائها جيوبوليتيكيا ضمن قائمة الحكومات العميلة للغرب".
كما أن العامل الذي قد لا يقل خطورة والمتعلق بلبنان بالدرجة الأولى، وفقا لدنورة، هو أن "تتسبب الإقامة الطويلة للاجئين على أرض لبنان إلى تحولهم إلى "مواطني أمر واقع"، وفي ظل تراخي الالتزام الغربي بتقديم الاحتياجات الإنسانية للاجئين السوريين، سيتحول هؤلاء إلى عبء على الاقتصاد اللبناني المتأزم أصلا، والأخطر ربما الإخلال بالتوازن الديمغرافي - الإثني الحساس ضمن التركيبة السياسية اللبنانية، وتحول اللاجئين بالتالي إلى عوامل تفجير داخلي وصدام، إن كان على خلفية معيشية - مطلبية، أو على خلفية استقطاب طائفي - سياسي، وذاك قد يكون المشروع الأخطر الذي يُستهدف به استقرار لبنان".
ويرى المحلل السوري أنه "في الوقت الذي يتراجع فيه التزام الدول المانحة الغربية بتقديم الدعم الإنساني للاجئين السوريين إلى العشر تقريبا، تصر هذه الدول على عدم عودة اللاجئين، الأمر الذي يفضح بصورة كاملة المتاجرة الغربية بالورقة الإنسانية في إطار المساومة السياسية، ولو كان ذلك على حساب استمرار تشريد اللاجئين خارج أوطانهم، واستدامة معاناتهم المعيشية والإنسانية المؤلمة في مخيمات اللجوء".
وزير شؤون المهجرين اللبناني يبحث ملف "النازحين" السوريين في دمشق
موقف أمريكي أوروبي
من ناحيته، اعتبر المحلل السياسي اللبناني، سركيس أبو زيد، أن "محاولة لبنان إرسال وفد سياسي إلى سوريا لمناقشة قضية اللاجئين، تأتي في ظل الموقف الأوروبي الواضح باتجاه دمج النازحين السوريين في لبنان، وهو ما يمهد لفتنة سياسية بين السوريين واللبنانيين الذين يعانون من مشاكل الفقر والتهميش".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن "هذا الموقف يخدم أوروبا وأمريكا للضغط على الدولة السورية من جهة، وكذلك تحقيق بعض الإجراءات المطلوبة في لبنان من جهة أخرى، مثل دمج السوريين في المجتمع، وتوطين الفلسطينيين، وسلاح المقاومة، وغيرها من الملفات".
ويرى أنه

من أجل هذه الأهداف هناك تهويل لعملية العقوبات، ومحاولات لإطالة زمن الأزمة اللبنانية الاقتصادية والسياسية، حتى يتفكك لبنان أكثر من أجل تمرير مشروع الدمج والتوطين، وربما تغيير هوية لبنان باتجاه قيام فيدرالية بدأت تظهر عبر أحزاب وتكتلات وفئات لبنانية عديدة تطالب بهذا الأمر.

وقال إن "الدولة اللبنانية والقوى السياسية عاجزة عن القيام بموقف موحد للوقوف ضد هذا المخطط التفكيكي والتقسيمي للبنان، وعاجزة عن تشكيل وفد للذهاب إلى سوريا لمعالجة هذا الموضوع، فيما لا تريد بعض القوى اللبنانية أي تقارب أو حل، لأنها تراهن على القوى الدولية بأن تتدخل وتتحكم في لبنان من أجل إيجاد تركيبة يكون لها حصص أساسية وضمانات على أساسها".
وأوضح أبو زيد أن "لبنان الآن يراوح بين الحياة والموت، والأزمة تزداد وتكبر يوما بعد يوم، وسط مخاوف من حصول تطورات أمنية مأساوية قد تؤدي لمزيد من الخراب والتفكك في لبنان".
وذكرت وزارة الخارجية اللبنانية في بيان، أن الوزير عبد الله بو حبيب، اجتمع مع دغمان، وأبلغه برغبة الحكومة تشكيل وفد لزيارة دمشق وإجراء مشاورات سياسية إقليمية ودولية، والبحث بالقضايا المشتركة ومنها قضية النازحين السوريين في لبنان.
وأوضح البيان أن "الاجتماع كان "بناءً على توجيهات رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي".
وكان وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال، عصام شرف الدين، قد بحث مع وزير الداخلية السوري، محمد الرحمون، الشهر الماضي، سبل تعزيز التعاون لعودة النازحين السوريين.
برلماني لبناني: هناك ضرورة لتسريع عودة النازحين السوريين لأنه حق من حقوقهم
وأدان وزير الخارجية اللبناني، عبد االله بو حبيب، أمس الأربعاء، قرار البرلمان الأوروبي الصادر، في 12 يوليو/ تموز الجاري، الذي ينص على استمرار دعم بقاء النازحين السوريين في لبنان.
وأكد الوزير اللبناني على "ضرورة إطلاق حوار بنّاء وشامل بين لبنان والاتحاد الأوروبي حول كل الملفات، وبالأخص ملف النزوح السوري".
وأوضح أن "هذا الملف بدأ يشكل تهديدا ليس فقط على التركيبة الاجتماعية اللبنانية والاستقرار الاقتصادي، بل أيضا على استمرار وجود لبنان ككيان"، حسب وصفه.
وأشار الوزير إلى تمسك لبنان بحقوقه ومسؤولياته في تسهيل عودة النازحين السوريين إلى ديارهم.
ويعاني لبنان من أزمة النزوح السوري منذ العام 2011، ويقدر الأمن العام اللبناني عدد السوريين المقيمين في لبنان بمليونين و80 ألف لاجئ، معظمهم لا يملكون أوراقًا نظامية، في حين تظهر بيانات المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين أن المسجلين لديها يبلغون 840 ألف لاجئ، ويوجد نحو 3100 مخيم منتشرة على الأراضي اللبنانية، ومعظمها في البقاع والشمال.
يشار إلى أنه في العام الماضي 2022، بلغ عدد النازحين السوريين العائدين طوعًا إلى سوريا 43254 نازحا، وذلك بعد استئناف عملية العودة، والتي كانت قد توقفت لمدة 3 سنوات نتيجة الحجر الصحي الذي فرضته جائحة فيروس "كورونا" المستجد.
مناقشة