وأضاف التقرير أن الأفارقة يحدوهم آمال وطموحات للاستفادة من تحركات الروس كما سعو للاستفادة من قمم وتحركات أخرى، ضمن ما تحمله القمة الروسية الأفريقية من أجندة وتطلعات يسعى كل طرف للإستفادة منها وتحقيق العديد من الأهداف في ظل تعقيدات وتقاطعات دولية وإقليمية.
وقال التقرير الذي تلقت "سبوتنيك" نسخة منه، بلا شك أن القمة الروسية الأفريقية المرتقبة، ستسهم في تعزيز التعاون الروسي الشامل والمتساوي مع الدول الأفريقية في جميع أبعاده السياسية والأمنية والاقتصادية، فضلا عن المجالات العلمية والتقنية والثقافية والإنسانية، وموارد الطاقة ورقمنة الاقتصاد ضمن القمة الحافلة والمليئة بالأجندات.
وتوقع التقرير أن تحمل نتائج القمة الروسية الأفريقية الثانية، اعتماد خطة عمل للفترة 2023-2026 لمجالات التعاون ذات الأولوية، إذ تهدف الوثيقة إلى تطوير إمكانات التصدير لمنتجي السلع والخدمات الروس في سياق التعاون الروسي الأفريقي.
وتشكل القمة الروسية الأفريقية الثانية، بحسب التقرير، حلقة من حلقات التنافس الدولي والأقليمي في القارة السمراء التي أضحت مسرحا للصراع على النفوذ بين القوى العظمى تارة بالسعى للحفاظ على مناطق نفوذها كما هو الحال بين بكين وموسكو وواشنطن، وتارة بالتمدد لتحقيق مكاسب جديدة في القارة الأفريقية التي تتمتع بالعديد من الموارد الطبيعية والقوى الشبابية.
وتابع التقرير: "تراهن الحكومة الروسية، على مشاركة معظم الدول الأفريقية في قمته الثانية، رغم تهديدات الدول الغربية لهذه الدول لوقف التعاون مع روسيا، إلا أن موسكو دعت جميع الدول الأفريقية للمشاركة في القمة، في رسالة روسية للغريم الأمريكي الذي حرمت دعوته بعض الدول التي شهدت انقلابات عسكرية".
وأشار إلى أن "كل ذلك يحدث في ظل تصاعد حدة المنافسة وتزايد الصراعات الدولية بين القوى العظمى الباحثة عن موضع قدم أو الحفاظ على نفوذها والتحكم في أدوات الصراع فيما يعرف بـ "الحرب الباردة الجديدة"، التي أفرزتها الأزمة الروسية – الأوكرانية ، وصراعات أخرى يغذيها التنافس الدولي بين الأقطاب العظمى ما يزيد من حدة النزاعات والصراعات ويفاقم أزمات الدول الأفريقية التي تشهد اهتزازات أمنية وسياسية لتأتي القمم كمساحة لتوظيف هذه العلاقات وتقنينها بصورة أكثر وضوحا".
وأوضح التقرير أن جدول القمة الروسية الأفريقية الثانية، يتألف من أربع مجموعات كبيرة: "اقتصاد العالم الجديد"، "الأمن المتكامل والتنمية السيادية"، "التعاون في مجال العلوم والتكنولوجيا"، "المجال الإنساني والاجتماعي: معا من أجل نوعية حياة جديدة"، بجانب الأمن الدولي وإستقرار سوق الأسمدة وقضايا الأمن الغذائي وكذلك مناقشة الجهود المشتركة لمكافحة الأوبئة وحالات الطوارئ والتي ستكون الموضوعات الرئيسية في كتلة الأمن المتكامل والتنمية السيادية، فضلا عن آفاق التعاون في مجالات الطاقة والتجارة والاقتصاد وإنشاء وتطوير طرق لوجستية جديدة ستعتبر جزءا من مسار الاقتصاد العالمي الجديد. وهو ما يمثل نقلة عالمية جديدة.
وأشار التقرير إلى أن روسيا ترى أن الوضع الجيوسياسي الحالي يتطلب تصحيحا معينا لآليات التفاعل والعمل المشترك، بحسب تصريحات سفير روسيا لدى إثيوبيا، يفجيني تيريكين: "الوضع الجيوسياسي الحالي يتطلب تصحيحًا معينًا لآليات تفاعلاتنا، وتم اختبار أسس العلاقات والصداقات الروسية الأفريقية بمرور الوقت، ويتعين على روسيا والقارة الأفريقية العمل على طرق سداد المدفوعات بالعملات الوطنية لتقليل تكلفة التجارة بين البلدان".
وفي المقابل الدول الأفريقية تدرك أنه لا يمكن الاستغناء عن دور الروس، خصوصا مع سيطرتها على الجهات المانحة والعلاقات الدولية، دون الإخلال برؤيته لتبادل المصالح مع إدراك التقاطعات والتجاذبات بين جميع الأقطاب المتنافسة على القارة، مستوعبين شكل العلاقات التاريخية مع روسيا والمنطلقة من مشاركتها في دعم حركات التحرر من الاستعمار، مما زاد نفوذها في عدد كبير من الدول الأفريقية.
وأشار التقرير إلى أن التوجه الأفريقي شرقا يعبر عن رغبة في التعامل مع الروس، تكشفه ظاهرة التوجه الأفريقي نحو المعسكر الشرقي في تحرك ممهور بقمم ثنائية بين عدد من الدول الأفريقية والصين تارة ودول أفريقية والروس تارة أخرى، من خلال جولات لمعظم الدول الافريقية، عبر قمم ثنائية تهدف في المقام الأول إلى تعزيز العلاقات مع روسيا والصين، مما يمهد لخلق توازن بين المعسكرين الغربي والشرقي في العلاقات الدولية.
وأضاف التقرير، وهذا تفسره جولات الرؤساء الأفارقة من لدن جنوب أفريقيا وإثيوبيا، مرورا بإرتريا والجزائر أخيرا، كلها جولات لدول أفريقية نحو الشرق عوضا عن الغرب، في رسالة ربما مفادها تذمر أفريقي من السياسات الغربية نحو القارة السمراء، أو ربما وجد الأفارقة بغيتهم في الشرق المتمثل في الصين وروسيا مقابل السياسات الغربية التي ما عادت تقنع الأفارقة.
وكانت مدينة سوتشي، الروسية قد شهدت العام 2019 قمة "روسيا - أفريقيا"، والمنتدى "الروسي الأفريقي"، في حدث عُدّ الأول في تاريخ العلاقات الروسية الأفريقية، بمشاركة واسعة من رؤساء الدول الأفريقية وقادة الجمعيات والمنظمات الإقليمية الكبرى، ما أزعج واشنطن وخلط أوراق اللعبة في المنطقة.