وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خطط بلاده لضمان عودة نحو مليون لاجئ سوري إلى بلادهم وأن الأمر سيستغرق وقتًا. وقال إن إعادة اللاجئين إلى وطنهم سيستمر مع ارتفاع مستوى الأمن والاستقرار في سوريا، لافتا إلى عودة أكثر من 600 ألف وأن حكومته تخطط لضمان عودة مليون لاجئ.
ومضى أردوغان قائلًا: "نقوم ببناء نحو 500 ألف منزل في شمال سوريا، وستزداد العودة الطوعية والكريمة مع استمرار استتباب الأمن والاستقرار. نهدف لإعادة 240 ألف أسرة أي ما يعادل مليون سوري إلى بلادهم من خلال المشروع السكني الذي وضعنا حجر أساسه قبل نحو شهرين، ويتواصل مشروع إنشاء المساكن الدائمة الذي يسير بتمويل من قطر"، وفقا لـ"الشرق الأوسط".
احتلال تركي
اعتبر عمر رحمون، المحلل السياسي السوري، أن إعلان الرئيس التركي عن إعادة مليون لاجئ، يأتي في سياق الوعد الذي قطعه على نفسه للشعب التركي بإعادة اللاجئين إلى سوريا في الانتخابات الماضية، وهو شيء سيحققه بكل تأكيد.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن "هذه الإعادة لن تكون بتنسيق بين تركيا والدولة السورية، لا سيما في هذا التوقيت، حيث من المتوقع أن يعيد أردوغان النازحين من بلاده إلى المناطق الشمالية التي يحتلها الجيش التركي وتسيطر عليها الفصائل المسلحة المدعومة من أنقرة هناك".
وأوضح أن هذه الخطوة لن تكون بأي تنسيق مع دمشق، حيث "سيتم إعادة السوريين للمناطق التي تحتلها أنقرة، وسيكون أردوغان قد نفذ وعوده للشارع التركي، لكن بما يتناسب مع المصالح التركية".
خطة تركية
واعتبر غسان يوسف، المحلل السياسي السوري، أن إعلان أردوغان إعادة مليون لاجئ سوري إلى بلادهم بشكل طوعي "غير وارد"، مضيفا: "لم نشاهد أي عودة لهؤلاء بشكل طوعي، بل عبر اعتقالات قسرية ومن ثم احتجازهم وإرسالهم للأراضي السورية".
وقال لـ "سبوتنيك": "فضحت شهادات العائدين والصور والفيديوهات المنتشرة كذب أنقرة في هذا الخصوص، كما أن تركيا تعيد النازحين السوريين إلى أراضٍ لا ينتمون إليها، فمن كان يعيش في إدلب وريف دمشق وغيرها، تم وضعه في مناطق في التل الأبيض ورأس العين".
واعتبر يوسف أن هذه الإعادة تأتي ضمن خطة ومشروع سبق وأن أفصح عنه أردوغان نفسه، عندما أعلن عن وحدات سكنية تبنيها قطر في المناطق الشمالية السورية، يتم إرسال النازحين إليها، وهو ما ينفي أن تكون هذه العودة طوعية.
ويرى أن الرئيس التركي يريد أن يقيم حزاما أمنيا من التركمان والعرب من الجماعات التي يدعمها، ومن ثم يطرد الأكراد من شمال سوريا، من أجل تحقيق نوع من التغيير الديمغرافي والتوطين، في مناطق كانت تطلق عليها تركيا في السابق "الميثاق الملي"، الذي أقرّه الانتداب الإسباني عام 1920، ويقر بأن الأراضي الشمالية السورية تتبع لها، وهو ما يكرس الاحتلال التركي والتغيير الديمغرافي.
وأوضح أن كل ما تتحدث عنه تركيا تنفيه الوقائع والحقائق، مضيفًا: "ما يبدو ظاهرًا بأن أنقرة تريد بناء حزام أمني لتثبيت احتلالها وليس للخروج من سوريا".
وضع اقتصادي
وفي حديث سابق لـ "سبوتنيك"، اعتبر جواد كوك، المحلل السياسي التركي، أن الوضع الموجود في تركيا بسبب وجود ملايين النازحين من الصعب الاستمرار فيه، في ظل الوضع الاقتصادي الضعيف، وهو يعد من أهم الملفات الرئيسية أمام أردوغان بعد نجاحه في الانتخابات الرئاسية.
وقال إنه من المتوقع أن تستمر الحكومة والنظام التركي في بحث سبل إعادة النازحين السوريين إلى أراضيهم، لكن من المتوقع ألا يتم اتخاذ قرارات سريعة بشأن عودتهم، ولو كانت بشكل طوعي منهم.
وأكد كوك أن قضية إعادة النازحين تحتاج إلى مقدمات وتحضيرات كبيرة، ولقاءات سياسية بين تركيا وسوريا، وكذلك تنسيق مع روسيا وإيران، وهو ما يمكن أن يظهر بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة.
ومطلع شهر يوليو/ تموز الجاري، افتتح الهلال الأحمر القطري قرى سكنية لإيواء النازحين وعددا من المشاريع الإنسانية بالتعاون مع الجهات الشريكة، لصالح الأسر السورية النازحة في الشمال السوري.
وأكدت وكالة الأنباء القطرية أن الهلال الأحمر القطري بدأ أنشطته بافتتاح قرية النصر الخيرية بالتعاون مع نظيره الهلال التركي، خلال زيارة لريف حلب، وذلك من أجل إيواء 80 أسرة سورية نازحة في منطقة جرابلس.
ويشار إلى أن الهلال الأحمر القطري قد وقّع في السادس والعشرين من شهر يوليو من العام الماضي، اتفاقية تعاون مع هيئة إدارة الكوارث والطوارئ في تركيا (أفاد)، لبناء قرية سكنية لإيواء 5 آلاف نازح سوري في منطقة الباب في محافظة حلب السورية.