لبنان يحيي الذكرى الثالثة لانفجار مرفأ بيروت وسط جمود في ملف التحقيق

تمر الذكرى الثالثة لانفجار مرفأ بيروت ودموع أهالي ضحايا انفجار الرابع من أغسطس/ آب لم تجف بعد، لا سيما في ظل الجمود المسيطر على ملف التحقيق من دون وجود أي تقدم على صعيد الملف القضائي، مع استمرار توقف عمل المحقق العدلي في ظل الخلاف القائم حول طريقة تعاطي القاضي طارق البيطار مع ملف التحقيق.
Sputnik
ومع استمرار تعليق التحقيق المحلي، يتحضر أهالي ضحايا انفجار المرفأ إلى المطالبة بإجراء تحقيق دولي، في المقابل، تؤكد جهات سياسية وحكومية على وجوب ابتعاد المحقق العدلي عن تسييس الملف للوصول الى الحقيقة الكاملة حول من قام بانفجار المرفأ.

وقالت ريما الزاهد من جمعية "أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت" لـ"سبوتنيك" إن "أهالي الضحايا لا يزالون على نفس الخط المستقيم الذي هو العدالة والحقيقة والمحاسبة".

وأضافت الزاهد: "بعد 3 سنوات سبب تعرقل التحقيقات وتجميد الملف ككل في قضية انفجار المرفأ هي التدخلات السياسية في القضاء اللبناني".

وأشارت إلى أنه "في المرتبة الأولى نريد استكمال التحقيقات لنصل إلى مكان يستطيع خلاله القاضي طارق البيطار أن يصدر قراره الظني، لأنه ليس من المعقول أنه في مجزرة وفي ثاني أقوى انفجار غير نووي في العالم أن لا يكون فيه ولا أي موقوف، هذا ليس منطقيًا، ولم نصل إلى أي حقيقة".

وأكدت أن "التدخلات السياسية في القضاء اللبناني، والتدخلات الطائفية هي من تعرقل التحقيق".
لبنان يؤكد التزامه بكشف ملابسات انفجار مرفأ بيروت بعد مرور 3 سنوات على الحادث
وأضافت: "نحن نواكب مكتب الادعاء، وهو مستمر معنا على هذا الطريق ونحن نعلم أن المسار القانوني طويل، ولكن ليس لدينا حل آخر سوى الاستمرار معهم، ومكتب الادعاء لديه حلول كثيرة للتعقيدات".

واعتبر يوسف دياب الصحافي المتخصص بالشأن القضائي أن "القاضي طارق بيطار متوقف كليًا عن التحقيق في ملف انفجار مرفأ بيروت منذ حوالي الـ 18 أو 19 شهرًا، والسبب أن هناك عشرات الدعاوى المقاومة ضده، سواء دعاوى مخاصمة أو دعاوى رد أو دعاوى تطالب بنقل القضية من عهدته إلى عهدة قاضي آخر".

وأضاف: "كل هذه الدعاوى يقف وراءها فريق سياسي واحد وهو المتضرر من التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت، وهم السياسيين الذي ادعى عليهم البيطار في بداية التحقيقات، رئيس الحكومة السابق حسان دياب، الوزيرين علي حسن خليل وغازي زعيتر، والوزير نهاد المشنوق والوزير السابق يوسف فنيانوس والمدير العام السابق للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ومدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا، والأخيرين لم يقدموا دعاوى ولكنهم مستفيدين من الدعاوى المقدمة من السياسيين وعرقلة مسار التحقيق".
وأوضح دياب لوكالة"سبوتنيك" إن "هذا التحقيق رغم إصرار الأهالي والمؤمنين بالعدالة على أن يستمر لتظهر الحقيقة إلا أن هذا الأمر بعيد المنال في المرحلة الحالية، لأنه طالما أن القوى السياسية بيدها موازين القوى سواء سياسيًا أو عسكريًا أو شعبيًا لا مجال لأن يتغير المشهد، وبالتالي انفجار مرفأ بيروت ينتظر أمر من إثنين إما أن يستقيل البيطار أو يقال بطريقة معينة أو أن يعلن دفن هذا التحقيق وصرف النظر عنه".

وتابع: "بالتالي الضحية الأكبر من هذا الموضوع هم أهالي الشهداء والمصابين الذين تضرروا من انفجار مرفأ بيروت أو الذين تدمرت منازلهم وفقدوا مصادر رزقهم بهذا الانفجار".

نواب لبنانيون: مخالفات المدعي العام في قضية مرفأ بيروت "فاضحة"
وأشار إلي أن "محاولة المطالبة بتحقيق دولي بدأت منذ فترة وكان هناك مساعي واتصالات دولية حتى مع السفراء الذين كانوا يلتقون أهالي الضحايا، السفير الأمريكي والسفير الألماني والسفيرة الفرنسية وحتى الوفد القضائي الفرنسي الذي زار لبنان والتقى بالبيطار والتقى وفد الأهالي وطرحوا عليه هذه المسألة وتلقوا جوابًا أن هذا الموضوع سياسي ويحتاج إلى حكومات".

وأضاف: "يحتاج بالدرجة الأولى إلى قرار من مجلس الأمن الدولي، وهذا الأمر غير متوفر حاليًا أو يحتاج إلى أن تتقدم جهات دولية أو عدد من الدول بطلب هذا الموضوع، وحتى الآن لا يمكن تأمين قرار من مجلس الأمن للدولة"، مشيرًا إلى أن "مجلس حقوق الإنسان استطاع أن يقوم بتوصية بهذا الموضوع لكن لم توضع موضع النفيذ لجهة تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية".

وتابع دياب: "هذه الدول التي تحدثنا عنها لو كان لديها بالفعل إرادة لتشكيل لجنة تحقيق دولية أو أخذ هذا الملف إلى تحقيق دولي لكانت فعلت ولكن أتصور أن هناك مصالح دولية ومصالح داخلية تتقاطع اليوم عند مسألة تعطيل التحقيق، لذلك برأيي التحقيق سيبقى على ما هو عليه إلى أن تطرأ ظروف ومستجدات غير موجودة بالحسبان حاليًا".
وقال: "برأيي مسار التحقيق إذا استكمل من الممكن أن يكون المتضررين فيه خارج الحدود اللبنانية، وهناك شبهات تقول إن إسرائيل ربما لها دور في الموضوع، لذلك لا نرى اليوم رغبة دولية أو جهد دولي لكي يستكمل هذا التحقيق، وإلا كان بالحد الأدنى كانت هذه الدول المعنية بملف المرفأ أن تعطي المحقق العدلي صور الأقمار الإصطناعية وكان ظهر إذا كان هناك بالفعل استهداف للمرفأ من الجو أم لا".

وذكر أن "هذا اللغز الذي لم يفكك أو العقد التي لا تزال قائمة جزء منها مرتبط اليوم بالتحقيق الخارجي، والخبراء الفرنسيين الذين عاينوا المرفأ وأخذوا عينات للتحليل والتدقيق، وحتى الآن لم يسلموا التقرير للقاضي طارق البيطار، هذا يدل على عدم رغبة دولية بالتعاون مع التحقيق اللبناني".

ووقع انفجار مرفأ بيروت، يوم 4 أغسطس/ آب 2020، على مرحلتين في العنبر رقم 12 في المرفأ، نتجت عنه سحابة دخان ضخمة ترافقت مع موجة صادمة هزّت العاصمة.
وبلغ عدد الوفيات جراء الانفجار، بحسب وزارة الصحة اللبنانية، 218 شخصا، ونحو 6500 مصاب.
مناقشة