ونقلت وسائل إعلام دولية عن ناصر کنعاني، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، قوله إنه لا يملك إجابة دقيقة عن موعد إعادة فتح السفارة السعودية في طهران، مؤكدًا أن هناك اتجاها إيجابيا فيما يتعلق بالعلاقات بين البلدين.
وأعلنت وزارة الخارجية السعودية في بيان، أنها ودولة الكويت تجددان التأكيد على أن ملكية الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المقسومة، بما فيها حقل "الدرة" بكامله، هي ملكية مشتركة بين المملكة ودولة الكويت فقط، ولهما وحدهما كامل الحقوق السيادية لاستغلال الثروات في تلك المنطقة.
ترتيبات دبلوماسية
اعتبر فواز كاسب العنزي، الباحث السعودي في الشؤون الاستراتيجية والأمنية، أن تقارب المملكة مع إيران بشارة خير للمنطقة، وانعكاساتها إيجابية على الجانب السلمي والأمني، لما تشكله الدولتان من ثقل استراتيجي على المستوى الإقليمي والعالمي، لا سيما وأن منطقة الخليج من منظور جيو اقتصادي وما تملكه من موارد طبيعية خاصة البترول والغاز يشكل أهمية خاصة، فيما يأتي الاستقرار بين إيران وجيرانها بانعكاسات مهمة على أمن الطاقة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، السعودية تمضي بجدية في مسألة المصالحة مع إيران، وقد أوضحت في الكثير من الاجتماعات على المستوى الثنائي والدولي بأنها تتطلع إلى أن تكف إيران يدها عن جميع التدخلات في الشأن الداخلي العربي والعراقي والسوري واللبناني واليمني.
ويرى أن تصريحات جماعة الحوثي وتهديدها لمصالح الكثير من الدول، والتباطؤ في ملف سوريا، قد يحمل مؤشرات على بطل عملية الحل الدبلوماسي، بيد أن المملكة حريصة على دفع عجلة السلام بالمنطقة، وتصفير جميع الأزمات بما في ذلك التوترات مع إيران.
وفيما يتعلق بحقل الدرة، قال إنه يمثل أحد الملفات الساخنة والمهمة والحيوية، وقد يكون من بين الملفات التي تحتاج إلى ترتيبات عميقة، لكنها لا تمثل العائق أمام فتح سفارة الرياض في طهران، حيث تحتاج تلك الخطوة الأخيرة إلى ترتيبات دبلوماسية خاصة، وترتيبات أمنية، معتبرًا أن أزمة الحقل قد تؤخر هذه الخطوة لكن لن تعيقها بشكل كامل.
تأهيل مبنى السفارة
بدوره استبعد عماد أبشناس، المحلل السياسي الإيراني، أن يكون حقل الدرة والتوترات الأخيرة بين إيران والكويت والسعودية السبب في تأخير فتح سفارة الرياض في طهران، حيث أكد أن هذا الملف ليس مهما بالنسبة للمملكة لدرجة تعكير علاقاتها مع إيران.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، سبب التأخير يتمثل في إصرار السعودية على إعادة تأهيل مبنى السفارة بشكل كامل، والعمل يشبه إعادة البناء من بدايته، وهذا الأمر يأخذ بعض الوقت.
وأكد أن السفارة السعودية في إيران تقوم بأعمالها بداخل أحد فنادق طهران، والعمل الدبلوماسي يمضي قدمًا بدون أي أزمات أو مشاكل.
أزمة جديدة
بدوره اعتبر محمد خيري، الباحث المصري في الفلسفة السياسية والمتخصص في الشئون الإيرانية، أن إرجاء المملكة فتح سفارتها في طهران يعود إلى أزمة تتعلق برغبة إيران في الاستثمار في الثروات الطبيعية في حقل الدرة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، طالبت طهران أن تتفاوض مع الكويت وحدها في هذا الشأن، في الوقت الذي أعلنت فيه الكويت أكثر من مرة أنها والسعودية طرفًا واحدًا في هذا التفاوض أمام إيران، في حال رغبت إيران في الانخراط في التفاوض من الأساس، فيما ترفض إيران أن تنخرط في مفاوضات تتعلق باستغلال ثروات حقل الدرة إذا كانت السعودية طرفًا في هذا التفاوض من الأساس.
وأضاف خيري أن أزمة إيران تتمثل في أنها ترغب في الالتفاف على القواعد والقوانين الدولية المتعارف عليها، وأنه على إيران إذا أرادت أن تستثمر في حقل الدرة أو غيره من الأماكن الاستراتيجية في البحر، فعليها أن تبدأ أولًا في ترسيم الحدود بينها وبين الدولة التي ترغب في مشاركتها في الاستثمار النفطي قبل الدخول في مفاوضات تتعلق باستغلال الثروات، مشددًا في هذا السياق على أن إيران تتعامل في تلك القضية بالتحديد بمنطق "فرق تسد"، في ظل مطالبتها الدائمة بالدخول في مفاوضات مع الكويت وحدها بدون دخول الرياض في تلك المفاوضات.
الأرض المحروقة
ونوه إلى أنه من الممكن أن تتسبب تلك الأزمة في عودة التقارب الإيراني السعودي إلى المربع صفر، بسبب تعنت إيران في طلبها، فضلًا عن لجوئها إلى سياسة الأرض المحروقة من خلال استنفار ميليشياتها الحوثية في الأراضي اليمنية المتاخمة للحدود السعودية، والتي تعمل من خلالها على إثارة الأزمات على الحدود السعودية اليمنية كلما تعقدت بعض الملفات العالقة بين الرياض وطهران.
والشهر الماضي، فتحت السفارة الإيرانية في السعودية أبوابها بعد 7 سنوات من الإغلاق، وذلك بعد توقيع اتفاق بين الرياض وطهران لاستئناف العلاقات برعاية صينية.
واتفقت إيران والسعودية، في مارس/ آذار الماضي، على إعادة العلاقات بين القوتين الإقليميتين، بعد قطعها عام 2016.