فشلت جميع محاولات الأطباء في علاج الطفل عبد الله، الذي لم يكن يتجاوز حينها الخمس سنوات من العمر، ليتغير مجرى حياته التالية، ولتبدأ رحلته مع فكرة ذوي الاحتياجات الخاصة، قبل أن يحولها إلى دافع للابتكار والاختراع.
ولد المخترع السوري عبد الله أحمد العكلة، في قرية قانا في ريف محافظة الحسكة شرقي سوريا، عام 1950، وخلال مسيرته السبعينية، قدم عددا كبيرا من الاختراعات التي استوحاها من بيئته مستمدا خطوطها من معاناة سكان الأرياف.
عبدالله العكلة.. سوري من (ذوي الهمم) يحول معاناة الريف السوري إلى اختراعات
© Sputnik . Atia Al atia
مضخة هوائية وشهادة من الـ"وايبو"
من بين الاختراعات التي قدمها العكلة، مضخة ماء لا تحتاج في عملها للمازوت والكهرباء، إذ حصل على براءة لاختراعه، وقامت لجنة من المنظمة العالمية للملكية الفكرية في سويسرا (الوايبو) بتسجيل هذا الاختراع باسمه ومنحته شهادة صادرة عن المنظمة تثبت ذلك، كما منحته الميدالية الذهبية مع مكأفاة مالية.
يقول المخترع العكلة لمراسل "سبوتنيك"، شرقي سوريا: "معايشتي للواقع، خصوصًا الواقع القروي في ريف محافظة الحسكة، خاصة الفلاح والأم الريفية، أطلقت الأفكار الأولى لاختراعاتي".
يتابع العكلة لـ"سبوتنيك"، التي التقته على هامش معرض (جمعة المعاقين والمخترعين السوريين) التي يترأسها: "قمت باختراع مضخة للمياه تعمل على طاقة الهواء المتوفرة والمتاحة دون أي تكاليف إضافية فهي لا تحتاج لا إلى مازوت ولا إلى كهرباء، كما أن مضخة المياه هذه قابلة للتصنيع باستطاعات مختلفة، وهو من شأنه مساعدة آلاف الفلاحين، حيث سيوفر عليهم فواتير الكهرباء والمحروقات وانقطاعهما أيضًا في ظل ظروف الحرب التي تعيشها سوريا".
عبدالله العكلة.. سوري من (ذوي الهمم) يحول معاناة الريف السوري إلى اختراعات
© Sputnik . Atia Al atia
سرير لأطفال الأمهات الريفيات
ويضيف المخترع الذي نذر حياته لتبريد ما أمكن من المعضلات المعيشية التي انفجرت في وجه المجتمع السوري خلال السنوات الأخيرة: "كما قمت باختراع سرير صغير للأطفال الرضع يفيد الأمهات الريفيات اللواتي يقضين ساعات طويلة في أعمال المنزل والزراعة والفلاحة، حيث يبدأ السرير بالاهتزاز عندما يبدأ الطفل بالبكاء مباشرة ويتوقف عن العمل حال توقف الطفل عن البكاء، وهو اختراع حصلت بموجبه على براءة اختراع سورية حكومية أيضًا، ضمن (معرض الباسل للاختراع والإبداع)".
عبدالله العكلة.. سوري من (ذوي الهمم) يحول معاناة الريف السوري إلى اختراعات
© Sputnik . Atia Al atia
يؤكد العكلة بأنه من وحي واقعه وحياته الريفية قام أيضا باختراع مجسم لما يسمى (مكبس القطن) يعمل بدلًا عن الفلاح في عملية كبس محصول القطن ضمن الشل(مستوعب زراعي) الكبير، حيث يقوم هذا الاختراع بكبس 12 شلًا من القطن سعة 100 كغ ، خلال ساعة واحدة فقط ، في حين يحتاج الفلاح أكثر من 12 ساعة لكبس شل واحد فقط وملئه بالقطن من خلال حفر حفرة في الأرض.
عبدالله العكلة.. سوري من (ذوي الهمم) يحول معاناة الريف السوري إلى اختراعات
© Sputnik . Atia Al atia
"سفينة لا تغرق" وكرة كاشفة للألغام
وأكًد المخترع السوري بأن لديه الكثير من الاختراعات ومنها مجسم للسفينة التي لا تغرق وجهاز تتبع القمر والكرة الحديدية المتدحرجة التي تستخدم مثلًا بكشف الألغام والمتفجرات.
عبدالله العكلة.. سوري من (ذوي الهمم) يحول معاناة الريف السوري إلى اختراعات
© Sputnik . Atia Al atia
العكلة لم يخف حزنه الشديد لعدم تبني اختراعاته واستثمارها وتحويلها إلى صناعات دائمة من قبل الجهات الحكومية أو الجهات الخاصة التي وعدت بذلك لأكثر من مرة ودون أي تحرك في هذه المجال.
يؤكد المخترع السوري بأن هذا الواقع دفعه لتأسيس (جمعية المعوقين المخترعين) في سوريا، ومقرها مدينة الحسكة وذلك للعمل على إيصال الصوت للجميع بأن المعاق وذوي الاحتياجات الخاصة قادرين على صناعة المستحيل والمشاركة في بناء مستقبل سوريا.
عبدالله العكلة.. سوري من (ذوي الهمم) يحول معاناة الريف السوري إلى اختراعات
© Sputnik . Atia Al atia
وبنفس الوقت أبدى المخترع عبد الله أحمد العكلة، الحاصل على عدد كبير من براءات الاختراع والإبداع وشهادات التقدير من وزارة التجارة الداخلية ووزارة الإعلام السوريتين، فخره واعتزازه بلقب (المخترع السوري) الذي منح له خلال السنوات الماضية عن مسيرته الاختراعية، وهو ما يعتبره وسام شرف وفخر له يعلقه على صدره.