وفي حال صدر قرار استحداث مؤشر للجنيه المصري في الفترة المقبلة بشكل رسمي، فستكون المرة الأولى التي يفك فيها الجنيه المصري ارتباطه التاريخي بالدولار الأمريكي.
فما هى أهداف هذا التحول المصري؟
بداية يقول أبو بكر الديب، الباحث المصري في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، أن اطلاق مؤشر الجنيه المصري الذي يستعد البنك المركزي لإطلاقه يضم سلة من العملات الدولية والذهب وليس الدولار الأمريكي فقط.
تغيير الثقافة
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، هذا المؤشر يحقق ثلاثة أهداف منها، تغيير الصورة الذهنية للمواطنين والتي تربط بين سعر صرف الجنيه المصري والدولار، فالبلاد ليست في حاجة لربط سعر الجنيه بالدولار مثل الدول الخليجية، التي تربط سعر عملتها بالدولار الأمريكي لأن اقتصادها قائم على تصدير النفط في الأسواق العالمية مقابل استيراد مجموعة كبيرة من السلع الاستراتيجية والأسلحة والتكنولوجيا الحديثة من الولايات المتحدة الأمريكية.
وأشار الديب، إلى أن مصر لن تجد صعوبات كبيرة في التحرر من التبعية للدولار واستخدام مؤشر الجنيه الذي يستند إلى سلة من العملات الدولية وليس الدولار فقط، حيث أن واشنطن ليست الشريك التجاري الأساسي لمصر.
ويكمل الباحث الاقتصادي، هناك هدف ثاني للتحول إلى سلة العملات أو عدد من العملات وعدم بقاء الدولار هو المؤشر الوحيد لقوة وضعف الجنيه وهو إيجاد سعر صرف واقعي بدلا من الاعتماد على عملة رئيسية مثل الدولار، وأخيرا محاولة بناء احتياطي نقدي متنوع من العملات وليس فقط بالدولار.
عقدة الدولار
وأوضح الديب، أن الكثير من دول العالم تطبق هذا المقياس، وهناك عدة مؤشرات رئيسية للعملات مثل مؤشر الدولار الأمريكي والجنيه الإسترليني والدولار الكندي ويتم إنشاء المؤشر ليضم سلة من العملات بوزن نسبي متباين.
ولفت إلى أن انضمام مصر إلي منظمة "بريكس" ومؤسساتها المختلفة بالتعاون مع منظمة دول شنجهاي للتعاون، يساعد في مسار تغيير عملة تسوية المعاملات التجارية بقبول تلك التسويات بالعملات المحلية لتلك المجتمعات المختلفة، من أجل تعديل الموازين التجارية وقبول تسوية المعاملات بالجنيه المصري.
واختتم الديب، أن تلك الخطوة من جانب البنك المركزي المصري مهمة جدا وبداية لطريق التحرر من عقدة الدولار الأمريكي بعد ارتباط وثيق غير معلن رسميا لأكثر من ستة عقود خسر خلالها الجنيه المصري الكثير، كما تعمل تلك الخطوة علي إيجاد سعر صرف واقعي بدلا من الاعتماد على عملة رئيسية مثل الدولار الأمريكي.
تقييم واقعي
من جانبها تقول حنان رمسيس، خبيرة سوق المال المصري، قرار البنك المركزي بالاستعداد لإطلاق مؤشر خاص بالجنيه المصري يضم سلسلة من العملات الدولية والذهب، بهدف تغيير ربط ثقافة الجنيه بالدولار، لم يكن أول قرار لقياس أداء العملة، فهو مطبق في الكثير من الدول وهناك عدة مؤشرات رئيسية للعملات مثل مؤشر الدولار الأمريكي والجنيه الإسترليني والدولار الكندي، ويتم إنشاء المؤشر ليضم سلة من العملات بوزن نسبي متباين، بهدف إيجاد سعر صرف واقعي بدلا من الاعتماد على عملة رئيسية مثل الدولار الأمريكي.
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن الهدف من اطلاق مؤشر الجنيه 2023، هو تغيير الصورة الذهنية للمواطنين والتي تربط بين سعر صرف الجنيه المصري والدولار.
وأشارت رمسيس، إلى أن الربط بين الجنيه والدولار أمر مغلوط، لأن الولايات المتحدة ليست الشريك التجاري الأساسي لمصر بل مصر متعددة الحلفاء.
المؤشر والتعويم
وحول تأثير تلك الخطوة على الوضع الاقتصادي المصري ترى رمسيس، أن تلك الخطوة يمكن أن تخلق نوعا من الثبات في سعر العملة على المدى القصير ويزيل المخاوف من عدم توافر احتياطي نقدي من الدولار الأمريكي، كما يساعد تلك الخطوة خطوات أخرى مثل الانضمام إلى تجمع "البريكس" والتعويمات التجارية ما بين روسيا ومنطقة البريكس.
ولفتت خبيرة سوق المال إلى أن مؤشر الجنيه أو ربطه بعملات أخرى غير الدولار قد يدفع مصر إلى الإبطاء في عملية التعويم التي يجري الحديث عنها، لأنه في تلك الحالة لن يكون الجنيه مقابل الدولار فقط، بل ستكون هناك سلة أخرى من العملات تحدد سعر عادل للجنيه ويعطيه قوة أمام سلة العملات ولا يكون مرتبط فقط برفع سعر الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي.
ومنذ مارس/ آذار 2022، تواجه مصر أزمة شح النقد الأجنبي، نتيجة لارتفاع أسعار الفائدة عالميا والظروف الدولية، ما أسفر عن العديد من النتائج السلبية بما في ذلك ارتفاع فاتورة استيراد السلع الأساسية.
وفي 3 أغسطس/ آب الجاري، رفع البنك المركزي المصري، سعر الفائدة بواقع 100 نقطة أساس بمعدل 1 في المئة.
ووقتها، قالت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري في بيان: "تقرر رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 19.25 في المئة، 20.25 في المئة و19.75 في المئة، على الترتيب. كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 19.75 في المئة".
وكان المركزي المصري قد رفع أسعار الفائدة، منذ مارس/ آذار 2022، بما مجموعه 1000 نقطة أساس.
وشهدت معدلات التضخم في مصر ارتفاعا قياسيا، إذ بلغ معدل التضخم القياسي، في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، 24.5 في المئة، وفقا لبيانات البنك المركزي، قفزا من 21.9 في المئة في نوفمبر/ تشرين الثاني، وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وهو أعلى معدل للتضخم تشهده مصر، في السنوات الخمس الأخيرة.